شعار ناشطون

المطران عوده: الحكم ليس صراعا وكيدية بل خدمة وعمل وطني إنساني

15/08/21 04:02 pm

<span dir="ltr">15/08/21 04:02 pm</span>

وتوجه الى المسؤولين مترحما على ضحايا التليل: لا تتشبهوا بقايين الذي قتل أخاه

لفت متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الى ان “الحكم ليس صراعا وكيدية وتنافسا أعمى على السلطة. الحكم خدمة، عمل وطني إنساني خلاصته المحبة والنزاهة والتضحية، وجوهره حب الوطن لا النفس، والإخلاص للوطن لا للحزب أو الطائفة، والعمل من أجل الخير العام لا الخاص”.

وتوجه الى المسؤوليت في لبنان قائلا: “يا مسؤولي بلادي، لا تتشبهوا بقايين الذي قتل أخاه، وأصبح دم أخيه يصرخ نحو الله. تشبهوا بوالدة الإله، بتواضعها ووداعتها، حتى تحصلوا أولا على خلاص نفوسكم، ثم على القدرة على إنقاذ الشعب من مآسيه”.

 

كلام المطران عوده جاء في عظة قداس عيد رقاد السيدة العذراء في كاتدرائية القديس جاورجيوس. حيث استهل العظة بالقول: “في البداية أود أن أعرب عن ألمي وحزني لما حصل في عكار وأدى إلى سقوط أبرياء هم ضحايا الطمع والفساد وتردي الأوضاع المعيشية. ألا يكفينا موت ومآس؟ والمواطن هو الذي يدفع الثمن دائما. رحم الله الضحايا وعزى قلوب أهلهم، وشفى الجرحى والمصابين، وألهم المسؤولين الإسراع في إيجاد الحلول، وأنقذ لبنان بشفاعات سيدتنا والدة الإله.

أضاف: “حياة العذراء المتواضعة هي دينونة لكثيرين، خصوصا لمن يتحملون مسؤولية من أي نوع. هل من مسؤولية أعظم من أن تكون العذراء مريم والدة للاله؟! إلا أنها بقيت على إنسانيتها، تخدم وتطيع وتساعد وتحن وتحب. أما ذوو السلطة فمتى استلموا منصبا يظنون أنفسهم فوق البشر، وقد يكونون ممن لا يقومون بما تمليه عليهم مناصبهم من الخدمة العامة والسهر على راحة الناس وتسهيل حياتهم وبث الطمأنينة والأمان في المجتمع. فإن استلموا مركزا نفخوا صدورهم فخرا وكبرياء، وإن وصلوا إلى النيابة نسوا هموم من منحوهم الثقة، ومهمة تمثيلهم، وإن عينوا في وزارة صارت ملكا لهم أو لحزبهم وطائفتهم مدى الحياة، فتصبح الوزارة أداة للشرذمة والتعطيل والفراغ والتدهور، عوض أن تكون أداة للخدمة العامة. فيا مسؤولي بلادي، لا تتشبهوا بقايين الذي قتل أخاه، وأصبح دم أخيه يصرخ نحو الله. تشبهوا بوالدة الإله، بتواضعها ووداعتها، حتى تحصلوا أولا على خلاص نفوسكم، ثم على القدرة على إنقاذ الشعب من مآسيه”.

وتابع: “دعوة أخرى إلى التواضع سمعناها في نص رسالة اليوم: ليكن فيكم الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا، الذي إذ هو في صورة الله، لم يكن يعتد مساواته لله اختلاسا، لكنه أخلى ذاته آخذا صورة عبد، صائرا في شبه البشر، وموجودا كبشر في الهيئة، فوضع نفسه وصار يطيع حتى الموت، موت الصليب. لذلك رفعه الله ووهبه اسما يفوق كل اسم. هل من إنسان أهم من الرب يسوع؟ حاشا. تواضعوا إذا، إرجعوا إلى بشريتكم، فأنتم ستعودون إلى التراب يوما ما، وستقدمون حسابا عن كل ما اقترفته أيديكم. أوقفوا الصراعات التي من خلالها، يوهم كل منكم أتباعه بأنه هو الأقوى والأنزه والأحرص على حقوقهم ومصالحهم، فيما الحقيقة غير ذلك تماما. الحكم ليس صراعا وكيدية وتنافسا أعمى على السلطة. الحكم خدمة، عمل وطني إنساني خلاصته المحبة والنزاهة والتضحية، وجوهره حب الوطن لا النفس، والإخلاص للوطن لا للحزب أو الطائفة، والعمل من أجل الخير العام لا الخاص. السلطة تفسد، لذلك يجب أن تترافق مع التواضع. والنفس الكبيرة وديعة متواضعة تقدم مصلحة الآخر على المصلحة الشخصية، وترى في الآخر جوهرة يجب الحفاظ عليها لأن هذا الآخر هو صورة الله وإناء الروح القدس”.

وسأل: “أليس حراما أن يصل اللبناني إلى تسول الدواء والحليب والطعام والمحروقات؟ وهل مسموح في القرن الحادي والعشرين أن يعيش البشر في الظلام بسبب سوء الإدارة وعظم الفساد؟ يردد اللبنانيون أن أيام الحرب المشؤومة كانت أفضل مما نعيشه اليوم لأن كرامة اللبناني سرقت منه اليوم بعد سرقة حياته وأحلامه وأمواله. الظلمة الدامسة لا تغمر ليالي اللبنانيين وحسب، بل تغمر قلوبهم المجروحة، وتختزل حياتهم في الوقوف ساعات في الطوابير أمام الأفران والصيدليات ومحطات المحروقات. مقومات الحياة الأساسية مفقودة، والوضع من سيء إلى أسوأ، ولا أفق لحل. دولة لا تهتم بشعبها، ومسؤولون يتفرجون وكأنهم يعيشون في عالم مختلف. هل المركز أو السلطة أو أي مكتسب أهم من حياة اللبناني وكرامته؟ ما جدوى المركز أو الحقيبة أمام وجع الناس؟ هل أرواح الناس رخيصة إلى هذا الحد؟ وعلى من ستمارسون سلطتكم إذا هاجر شعبكم أو مات؟ قليل من الوعي ومن الحكمة ومن الإنسانية”.

وختم عوده: “في الأخير، دعوتنا اليوم أن نتشبه جميعا بحياة والدة الإله على الأرض، حتى نستحق مثلها مكافأة التأله، والدخول إلى ملكوت السماوات، حيث الفرح الذي لا ينتهي”.

  • تابعنا عبر