
كتبت ترايسي شمعون:
وفقًا للأسطورة، التصق العار بالملك “سيزيف” بسبب خداعه وذكائه الشرير، وكان أعظم إنجاز له هو خداع الموت. بعد ثورة 17 تشرين الأول 2020، بات القادة في لبنان يشبهون “سيزيف”. فهم يحاولون دائمًا خداع الموت بـ “الخداع العظيم”.
ويستخدمون أيضًا “ذكاءهم الشرير” بهدف إيجاد طرق للتظاهر بتعاونهم وامتثالهم للمطالب التي يطرحها الشعب والمجتمع الدولي لإحداث التغيير والإصلاحات من خلال حكومة يفترض أنّها مستقلة. فأصبحت فكرة الحكومة المستقلة هذه مثل الصخرة الضخمة التي يرفعها “سيزيف” أعلى التلّ وتتدحرج في كلّ مرة تقترب من القمة، لأنّ الحقيقة هي أنّ الحكّام الحاليين سيفعلون أي شيء لتجنّب وجود حكومة بوزراء مستقلين حقًا.
أمّا بالنسبة الى مَن لديه نظرة متفائلة، فتوجد للأسف دروس هنا لا يتمّ تعلّمها، وهي:
1. لا تُغيّر تسمية رئيس الوزراء المكلّف الأخير أي شيء بغض النظر عن نيّاته الحسنة المعلنة.
2. اختياره هو مجرّد وسيلة للطبقة الحاكمة لتوحيد الصفوف وحماية أنفسها وضمان بقائها على المدى الطويل والمؤقت.
3. لا يزال خداعهم الأساسي مستمرّاً لأنّ أي حكومة يوافقون على تشكيلها سيشكّلها الأشخاص أنفسهم الذين تتمّ المطالبة باستبدالهم.
وتتطلّب الحكومة الجيّدة أن تدخل الدولة في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتتوافق مع معاييره الصارمة للتدقيق والمساءلة والشفافيّة التي ستكشف مختلف أموال الدولة المحوّلة على مدى عقود وستؤدّي إلى إدانة الكثيرين.
كما ستتطلّب إدانة كبار المسؤولين في الحكومة بالإهمال الجنائي في التحقيق في انفجار المرفأ وإيداعهم السجن لقتلهم أكثر من مئتي شخص. وستتطلّب أيضًا أن يتمّ تفكيك الشبكة الحزبيّة الضخمة من موظفين غير منتجين في القطاع العام، ما سيكلّف الأحزاب السياسيّة وقادتها مصدر حصونهم وشعبيّتهم.
غالبًا ما يسألني البعض ماذا يمكننا أن نفعل؟ أعتقد أنّ الخطوة الأولى هي التوقف عن خداع أنفسنا بأنّ هذه العصابة من الحكّام ستولّد أيّ شيء مفيد لهذا البلد لأسباب تتعلق بطموحات شخصيّة تافهة أو لمختلف الأسباب المذكورة أعلاه. أمّا الخطوة الثانية فهي أن نقول لأيّ دولة تدعم هذه التمثيليّة أنّها تخون اللبنانيّين وتطيل من وجودهم البائس تحت نير هؤلاء الطغاة.
فطالما أنهم في السلطة، لا يسعنا إلّا الاستمرار في القتال من أجل لبنان والتحمّل والبقاء والاستعداد عندما يأتي التغيير لأنّه حتمًا سيحدث يومًا ما!