مجدولين عيد – قسم التحرير
يحاكي العالم قضية الإحتباس الحراري منذ الحديث في التسعينيات عن الثقب الشهير في طبقة الاوزون وصولاً إلى ال2023 حيث بلغت الحرارة ذروتها والغابات تشتعل على الكوكب وقد يكون الآتي أعظم في وقت لم تنفع كل المؤتمرات الدولية من لجم الإنبعاثات ولا من يبالي بإستمرارية الحياة على كوكب الأرض
في لبنان، الحرارة فاقت معدلاتها الموسمية في بلدٍ تقلصت فيه المساحات الخضراء إلى ما دون العشرة في المئة، وصح المثل الشعبي القائل ” في تموز بتغلي المي بالكوز ‘ بعدما تخطى درجات الحرارة الأربعين مع رطوبة تسعين بالمئة .
الخبراء يؤكدون أن الآتي في السنوات المقبلة سيكون أسوأ بكثير .
موجة حرارية أولى وحرائق في أوروبا، وجفاف في العراق وفواتير مناخية سودانية تُضاف الى فواتير الحرب!
النينيو يضرب العالم هذه السنة! فحذار!!
رئيس جمعية غرين غلوب
العضو المراقب في الأمم المتحدة في البيئة سمير سكاف يقول :
انطلق موسم الحرائق الأوروبي مع وصول الموجة الحرارية الأولى الى جنوب أوروبا، كما الى العالم العربي. العام الماضي، كان الأسوأ، منذ العام 2003، وخاصة مع 4 موجات حرارية أسقطت حوالى 61.000 ضحية على مجمل الأراضي الأوروبية. وقد تخطت بها درجة الحرارة نهاراً معدل 40 درجة مئوية! وتبقى في الذاكرة موجة 2003 كالموجة القاتلة التي تسببت بوقوع 72.000 ضحية، سقط أكثر من نصفها في فرنسا وايطاليا وحدها!
هذه الموجة الحرارية الأولى هذه السنة لن تبلغ 40 درجة في أي من المدن الأوروبية على الأرجح. فمعدل الحرارة المنتظر سيتراوح بين 37 و39 درجة مئوية. ومع ذلك، فإن الحرائق تهدد أوروبا بسبب ظاهرة التغيير المناخي، كما بسبب ظاهرة حرق اليباس عند تظيف الأحراج.
هذه السنة، يعود النينيو بعد غياب سنوات. وهو كان قد تحرك للمرة الأخيرة في موسم 2018 – 2019. ما يعني أن هذه السنة ستكون معدلات حرارتها أكثر ارتفاعاً من السنوات السابقة، والكوارث المناخية من عواصف وفيضانات أكثر إضراراً من السنوات السابقة. وذلك، حتى نهاية فصل الشتاء المقبل!
تعلمت أوروبا من الدرس القاسي جداً في 2003! فقامت بتغيير أنظمتها الاستشفائية – الاجتماعية لتتكيف مع أي موجة حرارية مماثلة. وباتت أكثر قدرة على امتصاص الصدمات “الحرارية”! وقد اتخذت عدة قرارات صارمة هذه السنة. فقد منعت فرنسا تعبئة عشرات الآلاف من برك السباحة الخاصة، كما حدت من غسيل السيارات حفاظاً على المياه، خاصة مع تناقص معدلات تساقط الأمطار في فصل الشتاء. وهذا الجفاف “المحدود” يهدد المزروعات ومزارع الأبقار والدجاج، ويعرضها لمشاكل الري، ولكن أيضاً، يعرض الغطاء الأخضر لمزيد من الحرائق.
وللتذكير، فإنه في العام الماضي احترق 588.000 هكتار تقريباً بالكامل في أوروبا خلال ثلاثة أيام بين 27 و30 تموز، مقابل 133.000 هكتار كمعدل وسطي في السنوات السابقة. وكانت الحرائق قد ازدات بسبع أضعاف في إسبانيا، أو حتى الدانمرك! سلوفينيا كانت خسرت 76 مرة ما تخسره في العادة في حرائق الغابات، مقابل 140 مرة لتشيكيا! وهي مساحات خيالية! هذا في العام الماضي. هذا العام، انطلقت الحرائق الأوروبية مع إسبانيا.
عربياً، تتخطى الحرارة ال 50 درجة خليجياً، في حين يحافظ لبنان وسوريا وفلسطين والأردن على معدلات مقبولة. من جهته، يدفع العراق فاتورة نقطة ضعف “النهرين” دجلة والفرات، وهي وجود منابعه خارج أراضيه. ما يؤدي الى انخفاض نسبة تخزين المياه 8 مرات. فبالإضافة الى موسم جفاف كبير، يعاني العراق وبخاصة منطقة الأهوار من انخفاض منسوب المياه. انخفاض بسبب السدود التركية (سد أليسو على دجلة يحرم العراق من نصف مياه النهر) والسدود الايرانية على روافد نهر دجلة (تغيير كامل لمجرى نهر الكارون و3 سدود على نهر الكرخة)، ما يؤذي محافظة ديالى مباشرة. و14 سداً على نهر الفرات، الذي يعبر سوريا باتجاه العراق، بينها سد أتاتورك. وهذا السد يضرب مياه سوريا والعراق في آن.
شمال أفريقيا سيواجه حرارة مرتفعة جداً تقترب من ال 50 درجة أيضاً. وقد تكون السودان معرضة لمخاطر جفاف وندرة المياه مع مشاكل الكهرباء وفقدان الوقود اللازم لتأمين المياه. وهي مشاكل ستُضاف الى كوارث الحرب المستمرة على أهل السودان.
إن موسم الموجات الحرارية انطلق. فهل يكرر مصائب العام الماضي أم يكون أكثر رحمة هذا العام؟!
وعن سبب تسجيل الحرارة ارقاما قياسية مرتفعة هذا العام يوضح سكاف :
يشهد هذا العام جمعاً بين ظاهرتين، هما ظاهرة تغيير المناخ وظاهرة النينيو. وظاهرة النينيو تتحرك مرة كل 3 الى 5 سنوات من سواحل أميركا الجنوبية. وهي عادت هذه السنة بعد مرورها الأخير في موسم 2018 – 2019.
ولن تقتصر هذه السنة على أرقام قياسية في زيادة الحرائق وارتفاع الحرارة. بل ستستمر حتى الشتاء المقبل مع ازدياد عدد العواصف والأعاصير وارتفاع معدلات تساقط الثلوج وحصول الفيضانات المختلفة. وهذه الأمور تحدث في كل سنة يتحرك فيها النينيو. حيث يسجل ارتفاع حرارة الأرض رقماً قياسياً جديداً.