شعار ناشطون

ندوة عن كورونا في مركز أبحاث العلوم الاجتماعية في اللبنانية

20/02/21 02:45 pm

<span dir="ltr">20/02/21 02:45 pm</span>

نظم معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، ندوة بعنوان “توقع الحياة في زمن كوفيد 19” عبر منصة CRSS-UL -MS Teams، بمشاركة ما يقارب ال 200 من أساتذة وباحثين وطلاب ومهتمين من مختلف الاختصاصات الأكاديمية والبحثية، وتحدث فيها كل من الباحثة وأستاذة الديموغرافيا في المعهد عضو مختبر الديموغرافيا الدكتورة رجاء الغصيني، منسق المختبر البروفسور شوقي عطيه، ورئيس مركز الأبحاث في المعهد البروفسور حسين أبو رضا. بعد النشيد الوطني ونشيد الجامعة اللبنانية استهل أبو رضا اللقاء بكلمة أثنى فيها على نشاطات مختبر الديموغرافيا، وأشار الى أن “تنظيم المركز لأنشطة مختلفة من مؤتمرات وندوات ومحاضرات محليا وإقليميا ودوليا، في شتى ميادين العلوم الاجتماعية ينسجم مع أهداف المركز الساعية إلى مساعدة أساتذة المعهد وطلاب الدراسات العليا فيه على تطوير انتاجاتهم البحثية، وتوفير منبر علمي لهم للتفاعل مع أقرانهم الباحثين”، مضيفا “إننا بصدد القيام بورش تدريبية تمكن الباحثين خصوصا طلاب الدراسات العليا لمساعدتهم على امتلاك المقدرة اللازمة للقيام بالأبحاث، ومقاربة الظواهر الاجتماعية الراهنة وتداعياتها على مستوى المجتمع”. واعتبر أن “هذا النشاط يندرج ضمن الديموغرافيا والصحة ويتناول توقع الحياة في زمن الكوفيد 19″، لافتا الى أنه “يتسم باهتمام خاص لكل الباحثين، أولا بسبب راهنيته، وثانيا بعد أن ألقت جائحة كورونا بظلالها على جميع المستويات المجتمعية”، ومؤكدا “أننا لسنا بصدد دراسة تداعيات هذه الجائحة الواسعة على البشرية جمعاء، ولا بهدف مقاربة الأبعاد الصحية المختلفة التي أحدثتها، بل للاستفادة من علم الديموغرافيا في المجال الطبي ضمن التشاركية العلمية، أو ما يطلق عليه المقاربة البينمناهجية”. وأوضح أبو رضا أن “طرح هذه التساؤلات قد يساعد في وضع الخطط والبرامج لمواجهة تداعيات الجائحة، فكما الجهاز الطبي في طليعة المواجهين لها، يجب على الباحثين السوسيولوجيين مساعدة هذا الجهاز على مستوى التحليل والتدقيق في المعطيات والمعلومات التي تراكمت من مصادرها”. الغصيني وعرفت الغصيني مؤشر توقع الحياة الذي يعود تاريخ احتسابه الى كل من Graunt & Halley سنة 1662، وهو كناية عن وصف إحصائي للسكان، ويعرف بمتوسط عدد السنوات الإضافية المتوقع أن يعيشها الفرد بعد عمر معين. وأوضحت كيفية احتساب المؤشر من خلال جدول وفاتية الجيل Generation Life Table كما ومن جدول الوفاتية الآني Current Life Table مع تقديم مقارنة بين الجدولين، وعرض موجز لقيم أعمدة جدول الوفاتية وطريقة حسابهم، وصولا إلى احتساب قيمة المؤشر من الجدول. وأظهرت من خلال الرسوم البيانية المسار التصاعدي للمؤشر في دول العالم كافة، مبينة ارتفاعه عند الإناث منه عند الذكور منذ منتصف القرن الماضي حتى العام 2020. كما قارنت بين وباء الإنفلونزا الاسبانية 1918 ووباء كوفيد 19 من حيث تأثيرهما المتشابه على صحة الفرد وعلى مؤشر توقع الحياة. وشرحت الأسباب المرافقة لارتفاع الوفيات في زمن كوفيد 19، ومنها عجز وهشاشة الأنظمة الديموقراطية في مواجهة الجائحة، كاتباع مناعة القطيع وفتح الحدود الجوية، فيما اعتمدت الصين بالمقابل سياسة التحصين بالقوة. ولفتت إلى أنه وعلى الرغم من تراجع مؤشر ارتفاع الإصابات بكوفيد 19 في العام 2020 في بعض الدول كالولايات المتحدة الأميركية بفارق 1.13 سنة عما كان عليه في العام 2019، انما لا يزال مؤشر توقع الحياة يحافظ عالميا على ارتفاعه. ونبهت الغصيني من كارثة سكانية مع ارتفاع وفيات كوفيد 19 في العام 2021 بشكل غير مسبوق عالميا بما فيهم لبنان، ما يؤثر سلبا على مؤشر توقع الحياة، معتبرة أن “الرهان يبقى على الموانع التحصينية الوقائية، وتمنيع السكان في العالم من خلال تلقيح 70% منهم، بهدف التقليل من أعداد الوفيات، ومعاكسة التقديرات التي تشير إلى صعوبة العودة الى الحياة الطبيعية”. وأكد عطيه على أهمية ما قدمته الغصيني من ناحية ربط الديموغرافيا بالأوبئة، وتطرق إلى أن احتساب نسبة الوفاة تكون بنسبة الوفاة من المصابين، وليس بنسبة الوفاة لعدد السكان، مبينا أن السبب في ذلك مرده عدم إصابة كل السكان بالوباء لغاية الآن. واعتبر أن الكوفيد 19 هو متوسط الإماتة، حيث تراوحت بين 2 إلى 2,5 % على صعيد العالم بينما الإنفلونزا العادية تصل الاماتة فيها إلى 0,1 % مثلا. ولفت الى إننا محظوظون في لبنان كون معدل الإماتة لا زال في حدود 0,8% (عام 2020)، على الرغم من ارتفاع أرقام الإصابات عالميا بشكل هائل يوميا. وبين أوجه الفرق والتشابه بين الإنفلوانزا الأسبانية وكوفيد 19، مشيرا إلى التشابه الكبير بينهما من حيث سرعة الانتشار وسرعة الانتقال. إلا أن الخطورة الأكبر مع الإنفلونزا الأسبانية كمنت في الفئات المستهدفة، أو الفئات الأكثر عرضة للوفاة، أي الناشطون في العمر، بينما يطال الكوفيد، بنسب أكبر، كبار السن من 65 سنة وما فوق. وأبدى عطيه بعض الملاحظات المحددة لناحية التوقعات، منطلقا من وضعه لفرضية متوسطة، موضحا أسبابها بموت الكثير من الأشخاص يتأملون باللقاحات، وأنا منهم. ولكن، بناء على الخطة التي أصبحت موجودة عند الجميع، لن يتم توزيع اللقاحات قبل نهاية السنة على أكثر من مليون ونصف شخص. وأضاف: “من الآن لغاية بداية تموز 2021 سيتم توزيع 600 ألف لقاح فقط، بما يعادل 12% من السكان الفعليين، أو 15% من عدد سكان لبنان المعلن عنهم”، معتبرا أن “تأثير اللقاح على السكان سيكون جيدا، كونه سيستهدف الفئات الضعيفة والأكثر عرضة مثل الجهاز التمريضي والطبي، وكبار السن”. واستعرض خلاصة دراسة أجريت مؤخرا في الولايات المتحدة الأميركية طالت توقع الحياة عند الولادة، وبينت أن التأثير يتراوح بين السنة والخمس سنوات انخفاضا في الدول المتطورة. من هذا المنطلق، وبالاستناد إلى دراسة سريعة جدا لجدول الوفيات الأقرب إلى لبنان، قل عطيه: “لن يبقى توقع الحياة عند الولادة في لبنان كما هو وإنما ينخفض بحدود نصف سنة للعام 2020″، مبينا أن “الأهمية تكمن كما أشارت الدراسة، ليس في نسبة الانخفاض، وإنما كونها المرة الأولى التي ينخفض توقع الحياة عند الولادة منذ 40 سنة في الولايات المتحدة الأميركية، وهو أمر ينطبق على لبنان، يعني صحيح أن الانخفاض هو طفيف، ولكن لأول مرة يحدث هذا الأمر في تاريخ لبنان الحديث”. وخلص عطية إلى القول “من المنطقي جدا أن تزداد أرقام الوفيات، مع الالتفات أن هناك نوعين لوفيات الكوفيد: الوفيات المباشرة بكوفيد، أي من أصيبوا بهذا الوباء وتوفوا، وبخاصة الصغار الذين لا يعانون من أي أمراض، والوفيات غير المباشرة بكوفيد: لمن هم لم يجدوا أماكن للعلاج في المستشفيات، ولعدم توفر الأدوية، ولأن النظام الصحي استنزف”. وذكر بأن لبنان يسجل كل سنة بين 25 و27 ألف وفاة، مشيرا إلى أن “أي زيادة على هذه النسب تعني أن هناك أسبابا استدعت هذه الزيادة، وتوقع من منطلق الإسقاطات على جدول الوفيات أن ينخفض توقع الحياة في لبنان بين 5 إلى 7 سنوات بسبب هذه الجائحة في العام 2021 ليعود الى ما كان عليه بعد انتهاء الجائحة”. وتضمنت الندوة مداخلات ونقاشات قيمة بين الحضور والمحاضرين، واختتمت بخلاصة لابو رضا، اعتبر فيها “أننا أمام نقاش أغنى هذه الندوة التي فتحت المجال أمامنا لنلحظ أهمية هذا الموضوع وراهنيته، ويظهر ذلك من خلال الحضور الكبير للطلاب والأساتذة والاهتمام بالنقاش حوله”، وبالتالي نحن أمام واقع يسلط الضوء على أهمية البحوث الاجتماعية لهذا الموضوع، وعلى صعوبة القيام بأبحاث عن هذه الظاهرة من دون المعطيات الدقيقة والقراءة الواضحة عن هذه المعطيات”. وأضاف:”نحن كديموغرافيين وكعلماء اجتماع نحتاج أن نحصل على معطيات علمية دقيقة جدا كي نتمكن من بناء كيفية دراسة الظاهرة. مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والمصالح الاقتصادية والأبعاد الأخرى، وبالتالي علينا أن ندقق في ما نحصل عليه من معطيات”، متسائلا عن دقة المعطيات التي تنشر، وهل هي خالية من الشوائب، بحيث تمكننا من الحصول على دراسة علمية صافية؟ هذا التساؤل الأول، أما الثاني، فتمحور حول عدم إمكانية مقاربة ظاهرة كوفيد حاليا بحالة الأنفلونزا الأسبانية من 100 عام، كون الدراسات التي حللت الأسباب والتبعات جراء الإنفلونزا أتت بعد 10 أو 15 سنة منذ حدوثها، مع الأخذ بعين الاعتبار إننا نشهد حاليا واقعا متحورا للكوفيد، وإننا لا زلنا في طور الأبحاث المتعلقة بموضوع اللقاحات وأفضليتها”. وختم متوجها الى الطلاب: “إننا نعيش حالة إرباك وعدم وضوح بالرؤيا حول كيفية تطور الوباء، والأسباب الكامنة التي تؤول إلى تغيره أو تحوره، وبما أن السوسيولوجيا تطرح تساؤلات، لا يمكننا في ظل حالة الإرباك الحاصلة أن نطرح حلولا لمقاربة هذه الظاهرة، كما لا يمكن الآن للطلاب، إنجاز دراسات عن كوفيد 19 وانعكاساته، طالما لا زالت المعطيات غير دقيقة وغير مكتملة، وطالما لا زالت الظاهرة في طور التشكل، وبالتالي لن نتمكن في الوقت الراهن من دراسة هذه الظاهرة وتداعياتها على الصعد المباشرة وغير المباشرة على حد سواء”.

تابعنا عبر