بالتزامن مع التحركات الهادفة إلى التوصل لقرار أممي بوقف حالة الحرب والأعمال الإجرامية التي تنفذها إسرائيل سواء في قطاع غزة وإمتدادا إلى رفح وكذلك على جبهة جنوب لبنان، ومواصلة المباحثات في بعض العواصم العربية والأوروبية لتأمين سريان وقف إطلاق النار لمدة لا تقل عن 6 أشهر على مختلف هذه الجبهات وأن يتزامن ذلك أيضا البحث للتوصل إلى تبادل الأسرى سواء على جبهة غزة و بقية المناطق.
ووسط هذه ال”معمعة” برزت فجأة على الساحة السياسية والأمنية دعوات وضغوطات تمارس على لبنان لمنع تفعيل أبراج المراقبة المنتشرة على الحدود الجنوبية الفاصلة بين سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة، ورفض إنتشار قوات الجيش اللبناني.
وفي حين رأى البعض أن من شأن إلغاء هذه الأبراج وربما تهديمها كما يحلو للبعض في محاولة لدفن القرار الأممي رقم 1701 الذي يرعي إقامة هذه الأبراج ووضعها بتصرف الجيش اللبناني في محاولة لضبط الحدود والمعابر بما في ذلك أعمال التهريب ومنع النزوح غير الشرعي و المسلحين، فإن المصادر رأت في تجميد أو إلغاء هذا القرار ضربة موجهة إلى الشرعية اللبنانية وبالتحديد إلى عمودها المتمثل بالجيش الللبناني، كما يتم التخطيط له في “الغرف المقفلة”، للإبقاء على حالة وضع اليد على المنطقة كما هو جارٍ اليوم وإبقائها بتصرف القوى المتحكمة سواء في سوريا وفي الجنوب اللبناني وبالتالي تستمر حالة النزوح غير الشرعي وتدفق الأسلحة لجماعة “الممانعة”.
وكشفت المصادر أن الكلام عن تحديد مدة 6 أسابيع فقط لهذه الإجراءات هي خديعة، فالمسألة معدّة لكي تكون أطول من ذلك بكثير ويتم عبرها نقل مختلف أنواع الأسلحة والذخائر من جهة وتفعيل نقل النازحين من جهة ثانية، الأمر الذي دفع بالعديد من المسؤولين في البلدان الأوروبية للتحذير من إمكانية تدفق هؤلاء إلى بلدانهم، ولا يستبعد هؤلاء أيضا كما نقلت المصادر أن يتم القضاء على هذه الأبراج في مدة وجيزة أثناء المعارك التي من المتوقع أن تحتدم في المنطقة مع العدو الإسرائيلي في ضوء إحتدام المواجهات بين أهالي غزة ورفح وبين القوات الإسرائيلية.
وعلى الصعيد نفسه قدّمت وزارة الخارجية السورية مذكرة مستعجلة لنظيرتها اللبنانية تشير فيها إلى أنّ وجود أبراج بريطانية المنشأ لدى الجيش اللبناني وقوات حرس الحدود يشكّل تهديداً على الأمن القومي السوري.
ويتحضر وفد سوري يضم شخصيات أمنية وعسكرية لزيارة لبنان خلال الأيام المقبلة لمناقشة وجود الأبراج، فيما ترفض الحكومة اللبنانية والخارجية التعليق على المذكرة باعتبار أنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها الاعتراض على وجود الأبراج، بحسب موقع تلفزيون سوريا.
وتعود قصة إقامة هذه الأبراج إلى العام 2007 بعد صدور القرار الدولي 1701 الذي نص على منع تهريب الأسلحة إلى لبنان واشتركت آنذاك القوى الأمنية اللبنانية المشتركة وقوات اليونيفيل بموجب هذا القرار في تنفيذه كل ضمن مناطق معينة واستناداً إلى برنامج تم وضعه على فترات حتى العامين 2008 و2009 وتوسع ليشمل منع تهريب الممنوعات كافة إلى لبنان لا سيما السلاح والمخدرات والفارين من عدد من الدول العربية.
وشكل حينها القرار الدولي مناسبة إضافية للبحث في الإمكانات المتاحة لضبط الحدود إذ أعلنت بريطانيا عن تقديم مساعدات للجيش لاستكمال إقامة أبراج مراقبة عند الحدود بهدف ضبط المعابر غير الشرعية ومراقبة حركة دخول المواطنين السوريين إلى الأراضي اللبنانية، في ظل المخاوف من تسلل عناصر داعش إلى لبنان.
ووضع الجيش البريطاني حينها بالتعاون مع الجيش اللبناني خطة بالاستناد إلى عمليات المسح الجوي وتم اختيار المواقع التي أقيمت عليها الأبراج ومنشآتها والتي أتاحت لفوج الحدود البرية الأول والثاني فرصة السيطرة على الحدود واسترداد سيادة الدولة على مساحة من الأرض اللبنانية.
وأشارت الخارجية السورية في مذكرتها إلى أن المعدات الاستخبارية التي تحويها منظومات الأبراج تغطي مسافات عميقة داخل الأراضي السورية وتقوم بجمع المعلومات عن الداخل السوري.
وبحسب المذكرة السورية فإن الجزء الرئيسي من هذه المعلومات يسلمه البريطانيون إلى الجانب الإسرائيلي الذي يستفيد من هذه المعطيات الواردة لاستهداف مواقع عسكرية وتنفيذ ضربات في العمق السوري وادعت الرسالة السورية أن هناك حضورا لبعض الضباط البريطانيين إلى الأبراج.
واعتبر مصدر حكومي لبناني إلى أن الاعتراض السوري في هذا التوقيت “ليس بريئاً”، وأنه يتزامن مع عدة معطيات أساسية لا يمكن القفز فوقها ولا تجاهلها نهائياً، مضيفاً أنّ هذه الرسالة تأتي في ظل قيام الجيش اللبناني منذ أشهر بعملية ضبط واسعة وكبيرة لحركة تهريب الأفراد المنظمة والتي يشارك بها ضباط رفيعي المستوى في الفرقة الرابعة والتي تمول جزءا من نشاطها عبر شبكات تهريب السوريين واللبنانيين في البحر باتجاه أوروبا ما يوقف كل الحركة المالية الجارية والتي يعتمد عليها النظام السوري في تمويل الفرق والمجموعات بطرق غير شرعية.
ولفت إلى أنّ وجود الأبراج حقق قدرة مهمة على منع التهريب بقدر عال من الدقة، إن كان تهريب المواد الغذائية والوقود وأمور حياتية أخرى بسبب العقوبات الجارية على النظام وذلك من الجهة اللبنانية، في حين من الجهة السورية منعت حصول تهريب أكبر للمخدرات والسلاح والعناصر المشبوهة وهو موضوع مهم في البنية الاقتصادية للنظام السوري وخاصة أن الكونجرس الأميركي يقوم بين الفترة والأخرى بإغلاق كل الثغرات المتعلقة بالهروب من العقوبات على النظام.
ويعتقد المصدر أن مذكرة النظام أتت بعد أسبوعين على زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إلى بيروت وطرحه لفكرة إنشاء أبراج مشابهة لضبط الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في إطار المساعي الدولية والإقليمية لوقف الحرب بين حزب الله وإسرائيل والحديث عن التجربة الناجحة لدعم بريطانيا لإنشاء أبراج مراقبة، والذي رفضه حزب الله بالمطلق على اعتبار أنه سيعيق حركته العسكرية بكل الاتجاهات، لذا فإن التوقيت المتعلق بهذا الأمر قد يكون منسقا بين النظام وحزب الله.
“ ناشطون” تكشف تفاصيل الدعوة إلى تجميد أبراج الجنوب. والهدف تسهيل محاولات “الممانعة” بنقل السلاح والعتاد.
25/02/24 09:19 am