شعار ناشطون

من هو “اللوبي اللبناني” المسوّق لمبادرة بكركي؟

26/03/21 10:08 am

<span dir="ltr">26/03/21 10:08 am</span>

جوزفين ديب – أساس ميديا

عندما طرح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مذكرة “الحياد الناشط”، وصف كثيرون المبادرة بأنّها “يتيمة”. وتصاعد خطاب البطريرك في عظات الآحاد حتّى بلغ حدّ المطالبة بعقد مؤتمر دولي للبنان تحت رعاية الأمم المتحدة، بعدما باءت بالفشل كلّ محاولاته لإيجاد حلّ داخلي.

دعوته هذه لم تلقَ دفعاً من الأحزاب باستثناء القوات اللبنانية. ثم تداعت لإعلان الدعم شخصيات سياسية وإعلامية الى بكركي، كان أخرهم النائب نهاد المشنوق أمس الأوّل، من دون أن تؤدّي الزيارات إلى خرق جدّي على الساحة الدولية، بل “حوّطت” المبادرة بسياج متنوّع طائفياً ومناطقياً.

الفاتيكان كان يراقب من بعيد خطوات بكركي من دون معارضة ولا دعم علني. فيما بكركي تحوّلت إلى خلية لقاءات مع السفراء لمناقشة خطورة الوضع في لبنان الذي يتعرض لـ”أزمة كيان”، كما سبق أن عبّر الراعي أكثر من مرّة. إلا أنّ الثابت بين الدول الفاعلة على الساحة اللبنانية هو الدعوة إلى تشكيل حكومة لبنانية قادرة على وقف الانهيار، أو على الأقلّ على تخفيف حدّة الارتطام.

 

عندما طرح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مذكرة “الحياد الناشط”، وصف كثيرون المبادرة بأنّها “يتيمة”. وتصاعد خطاب البطريرك في عظات الآحاد حتّى بلغ حدّ المطالبة بعقد مؤتمر دولي للبنان

 

وعليه، بدأ لوبي لبناني يعمل لإحاطة مبادرة بكركي بما يلزم من اهتمام دولي. وذلك وفق ثوابت الصرح وهي: المحافظة على الكيان والدستور والمناصفة. وأبرز من غذّى هذا اللوبي القوات اللبنانية وشخصيات سياسية ساهمت في إثارة مبادرة الحياد في دوائر الأمم المتحدة بعدما أرسلتها بكركي.

اضطلع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس على مضمون المذكرة وجرى اتصال هو الأوّل  من نوعه بينه وبين الراعي. عمّمت دوائر بكركي خبراً أعلن عن تواصل هاتفيّ بين البطريرك وغوتيرس، أعرب خلاله “الأمين العام” الأممي عن اهتمامَه الشديد بالوضع اللبناني ودعا إلى تأليف حكومة والحفاظ على لبنان بعيدًا عن الصراعات. وشرح له  الراعي حالة اللبنانيّين وموقف الدولة وعجزَ الجماعة السياسية عن الجلوس معاً وعن الاتفاق على مشروع إنقاذي في وقت ينتشر الجوع والفقر ويتدهور العملة الوطنية ويشارف البلد على الانهيار التام.

وأبلغ الراعي غوتيريس أنّ اللبنانيين ينتظرون دوراً رائداً من الأمم المتحدة، لاسيما وأنّ لبنان هو عضو مؤسّس وفاعل في المنظمة الدولية منذ تأسيسها. وكان الاتصال مناسبة ليُطلعه البطريرك على الأسباب الموجبة التي دفعته إلى المطالبة بحياد لبنان وبعقد مؤتمر دولي خاصّ بلبنان. وانتهت المكالمة بالاتفاق على إبقاء التواصل مفتوحاً بشأن المستجدّات.

 

اضطلع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس على مضمون المذكرة وجرى اتصال هو الأوّل من نوعه بينه وبين الراعي

 

أهمية الاتصال أنّه الأوّل من نوعه بين الراعي وبين الأمين العام للأمم المتحدة، لاسيما وأنّ غوتيريس وعد بمتابعة دعوة الراعي إلى عقد مؤتمر دولي عبر مندوبة الأمم المتحدة في لبنان. وفي المعلومات أنّ غوتيرس اعتبر أنّ المؤتمر الدولي بحاجة إلى توافق القوى الداخلية اللبنانية، لكنّ الراعي شرح له أهمية دخول الأمم المتحدة على خط معالجة الأزمة اللبنانية المستعصية بعدما أثبت لبنان أنّه ليس قادراً على حلّ مشاكله بنفسه، لاسيما مع وجود قضية اللاجئين الفلسطنيين والنازحين السوريين. وشرح له أنّ لبنان لا يطبق القرارات الدولية في ظلّ وجود سلاح حزب الله. في المقابل أبدى غوتيرس قلقه على لبنان ودعا إلى تأليف حكومة لتتعاطى مع المجتمع الدولي وتكون ممرّاً للمساعدات والإصلاحات.

المفارقة هنا أنّ التوافق اللبناني بحاجة إلى مؤتمر دولي والمؤتمر الدولي بحاجة إلى توافق لبناني. أما التوافق بين القوى السياسية اللبنانية فليس متوفراً بطبيعة الحال إنّما تشير المعلومات إلى عمل سياسي في الكواليس لإيجاد آلية لإجراء المؤتمر، لاسيما وأنّ الوضع اللبناني يتّجه إلى الأسوأ.

 

وفي هذا النقاش احتمالات ثلاثة لعقد أي مؤتمر دولي خاصّ بأيّ بلد:

الأوّل: حصول توافق داخلي في البلد نفسه.

الثاني: حصول حرب.

الثالث: ـن ينعقد مؤتمر دولي حول بلد معين بطلب من دولة صديقة تكون عضواً في مجلس الأمن. وهو ما تعمل عليه دوائر بكركي مع فرنسا باعتبارها عضواً دائماً.

غير أن المعلومات المرافقة للعمل السياسي هذا تشير إلى أنه سينطلق من مسلمات عدم الدخول في مؤتمر تأسيسي للبنان. لما يمكن أن يشكّله من خطورة على الصيغة اللبنانية التي تحكم الحياة السياسية منذ 1943 على الأقلّ. لا بل ينطلق العمل من ضرورة المحافظة على مقتضيات ميثاق العيش المشترك ووثيقة الوفاق الوطني التي أُقِرَت في اتفاق الطائف. وهي العناوين التي تمحورت حولها النقاشات الدبلوماسية في بكركي.

تابعنا عبر