
صدر عن دار “العين” للنشر في القاهرة، كتاب “معجم المفردات العادية” للكاتب أحمد شوقي علي، ويضم 16 نصاً، يشتبك خلالها مع المفردات العربية الدارجة ذات المعاني المتعددة، محاولاً تقديم نصوص موازية لدلالتها المهجورة (بعيداً عن أي صبغة مدرسية قد تسم هذا الهدف من استعمال اللغة)، من خلال حوار فني يعكس المفارقة بين استخدام معاني مفرداتها، والتعامل مع الوقائع الغرائبية للحياة. أي بين استغراب العادي من المعنى لندرة استعماله، واستئناس الغريب من الواقع لاعتياده.
ويعود شوقي علي في كتابه الجديد إلى تصنيف “كتاب قصصي” الذي أتبعه في كتابه الأول “القطط أيضاً ترسم الصور”، وهو التصنيف الذي يقول إنه “التصنيف الذي أفضله في كتابتي، وأندم على أنني لم أقدم روايتي من خلاله، ليس لعدم قدرتي على صياغة نص روائي طويل أو قصير، وإنما لأنني كتبتُ “حكايات الحُسن والحُزن” وفقاً له، ولم أكن شجاعاً بما يكفي لإصدارها تحت هذا التصنيف. وقد مرت 10 سنوات عليها، وأظن أنني اكتسبت خلالها الجرأة الكافية للتعبير عن نصي دون قلق من اعتبارات السوق وما يقبل عليه القراء والناشرون”.
وعلى رغم أنه يكتب قصصاً، فإنه لا يرى في الوقت نفسه أن كتابه الجديد يعبر عن هذا التصنيف. يقول: “في الحقيقة، أعتز بفن القصة، ولا أجدها استراحة بين رواية وأخرى، أو تعبيراً عن لحظة متشظية في حياتي، أو غيره. ولست أكتب قصصاً متفرقة على مدار سنوات ثم أجمعها في كتاب، أستثقل وزنه، فأقول إنه هكذا انتهى. بل أدخل إلى الكتاب تأسرني فكرة محددة، ورغبة في التعبير عن موقف من الحياة والفن. هذا لا تستطيع أن تعكسه قصة تتناول وجهاً واحداً من وجوهه، بل نصوص عدة، وهو ما يضيف إلى المنتج النهائي سمات الكتاب الذي يتناول موضوعاً محدداً، ويختبر وجوهه كافة. أما الرواية، فترتبط بالآخرين، مصائر أخلقها وتقود نفسها بنفسها، ولا يمكنني تحديدها حسب رغبتي أو لمصلحة فكرة تسيطر عليّ، وإلا فسدت”. ويضيف أن هناك “من قرأ الكتاب الجديد، وهو كاتب له ثقله الكبير، وقال إنه ببعض التعديلات قد يصلح لأن يكون رواية، لكنني رفضت فكرته لأنها تخرج بكتابي عن هدفه. هدفي في التجريب، والتعبير بجرأة عن موقفي. أعرف كتّاباً كباراً كتبوا قصة طويلة، وآخرين كتبوا سيرتهم الذاتية، أو نصوصاً متعددة على مدار عدة سنوات، وظنوا أن بينها مشتركًا يسمح بصدورها مجتمعة في كتاب، ثم نُصحوا بأنها قد تصلح لتكون رواية، فأقروا الرأي ونشروها وفق تصنيف يلوي عنق النص، وعدوا ذلك تجريباً. كيف يكون التجريب تجريباً من دون نية واضحة تحكمه منذ البداية؟ هل يصح أن أدخل المطبخ لصناعة طبق “مسقعة” فتفسد الطبخة، أو يتغير أصلها لسهو، أو لاكتشافي أن الثلاجة خالية من الفلفل، فأخرج لأقول إنني ابتكرت أكلة جديدة”.
وأحمد شوقي علي كاتب وصحافي مصري، متخصص في الصحافة الثقافية منذ أكثر من 15 عاماً. عمل في منصات ثقافية، ونُشرت مجموعته القصصية الأولى “القطط أيضاً ترسم الصور” عام 2010، تلتها روايته “حكايات الحُسن والحزن” (2015)، التي نالت اهتماماً نقدياً واسعاً، وفازت بجائزة ساويرس لشباب الأدباء عام 2018.
أسهم أحمد شوقي علي أيضاً في تأسيس “صالون غوته” في القاهرة، و”مهرجان القاهرة الأدبي”، بالإضافة إلى مشاركته في لجان تحكيم ثقافية لدعم حركة الترجمة والمواهب الأدبية الشابة.