شعار ناشطون

مرسوم الحدود ينتظر عون: احتساب الرد الأميركي والإسرائيلي

13/04/21 09:14 am

<span dir="ltr">13/04/21 09:14 am</span>

منير الربيع – المدن

نجح الجيش اللبناني في فرض رؤيته لتعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية. وقّع الوزراء المعنيون على توسيع مساحة لبنان البحرية، وفق ما تظهره الخرائط. وأحيل المرسوم إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فأحالته إلى رئاسة الجمهورية، لنيل موافقة استثنائية من الرئيس ميشال عون، بعد موافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب. يستبق المرسوم زيارة ديفيد هيل.

هل سيوقعه رئيس الجمهورية؟ أم يفضل الانتظار وإحالته على هيئة التشريع والاستشارات؟ وهل في لحظة الحسم لا بد من إجراء كل الحسابات السياسية والقانونية؟ على أي حال، لا تخفى الخلافات السياسية التي كانت قائمة. فدياب كان يصرّ على توافق سياسي شامل وإقراره بمجلس الوزراء. عون أيضاً كان يريد إقراره من خلال جلسة حكومية. لكن دياب يرفض عقد الجلسة، فيما أصبحت الكرة في ملعب عون. فهل سيبقى مصراً على إقراره في جلسة، وبالتالي إطالة أمد التوقيع إلى ما بعد زيارة هيل؟

مسار المرسوم

وصيغة الموافقة الاستثنائية كناية عن فتوى قانونية لإقرار المرسوم في هذا الظرف: عدم وجود حكومة أصيلة، وتعذّر عقد جلسة حكومية. ويرد في بيان الأمانة العامة لمجلس الوزراء أن المرسوم يعرض لاحقاً في جلسة لمجلس الوزراء على سبيل التسوية.

وهذا يعني أن المرسوم وُقِّع، ولكن لم يقره مجلس الوزراء، وهو يؤدي الغرض المراد منه: تسجيل هذه المساحة الجديدة لدى الأمم المتحدة، كسلطة استيداع مرجعية. وفيما بعد، أي بعد تشكيل الحكومة يُقر المرسوم في جلسة وزارية. ومثل هذه التجربة حصلت أيام الرئيس سعد الحريري، خلال تصريف الأعمال، وبعد تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أُقِّر المرسوم 6433، الذي عُدِّل الأمس.

الرد الإسرائيلي
الآن أصبحت المعركة مباشرة مع العدو الإسرائيلي، وقد سجل لبنان نقطة متقدمة في فرض شروطه، والقول للولايات المتحدة الأميركية إنه يتمسك بمساحة 2290 كلم مربع، وليس بمساحة 860 كلم التي يقترحها الوسيط الأميركي. لذا لا بد من ترقب ردّ الفعل الأميركي والإسرائيلي.

وتتضارب المعطيات داخلياً وخارجياً. في الداخل، يبدو الوفد المفاوض واثقاً من قدرته على تعطيل نشاط إسرائيل في التنقيب  البحري. فالشركات المنقبة ستكون أمام مشكلة قانونية تضعف حماستها للعمل. وهذا يحمل إسرائيل على المسارعة إلى المطالبة بإحياء المفاوضات.

في المقابل، هناك وجهة نظر أخرى تعارض هذا التوجه، وتعتبر أن واشنطن وتل أبيب ستصعدان ضد لبنان. وسيكون هناك إصرار على استمرار عمليات التنقيب في إسرائيل، وممارسة ضغوط هائلة على لبنان وعلى الشركات التي يفترض أن تنقب في الجهة اللبنانية.

وجاء رد الفعل الإسرائيلي سريعاً على لسان وزير الطاقة، الذي رفض الخطوة اللبنانية قائلاً: “يبدو أن لبنان يفضل نسف المحادثات، بدلا من القيام بمحاولة للتوصل إلى حلول”. وأضاف الوزير الإسرائيلي: “هذه ليست المرة الأولى على مدار 20 عاماً الماضية. فاللبنانيون يغيرون خرائطهم البحرية لأغراض دعائية ولإبداء موقف وطني. وبهذا هم يعرقلون أنفسهم مرة تلو الأخرى”. وقال أيضاً: “فيما تعمل دول أخرى في المنطقة مثل إسرائيل ومصر وقبرص منذ سنوات على تطوير حقول الغاز الطبيعي التابعة لها، لتوفير الرفاه لمواطنيها، يمكث اللبنانيون في الخلف ويطلقون تصريحات نارية لا تحقق شيئاً”.

تحذير أميركي
أما الموقف الأميركي فيحتاج لبضعة أيام كي يظهر. وربما قد يتبين منه بعض الملامح أثناء زيارة ديفيد هيل. فهو حتماً سيثير هذا الملف.

وتشير مصادر متابعة إلى أن رسائل أميركية تحذيرية قد وصلت إلى لبنان قبل فترة، لتجنب تعديل المرسوم، لأنه سيؤدي إلى نسف المفاوضات نهائياً.

لكن لبنان حصّن نفسه عملياً بالمرسوم قبل زيارة هيل، وأظهر توافقاً عليه. ووحدة الموقف اللبناني تخالف واقع الانقسام السابق بين مؤيد لإقرار المرسوم ومعارض لإقراره. وكان ذلك قابل  للاستثمار من الأميركيين والإسرائيليين.

والأهم هو إيداع المرسوم لدى الأمم المتحدة، لتثبيت حدود لبنان وحقه بهذه المساحة من جانب واحد. الأمر الذي قد يدفع إسرائيل إلى إجراءات مماثلة وفق وزير الطاقة الإسرائيلي.

معركة أو مفعول رجعي
من النقاط التي سيثيرها الجانبان الإسرائيلي والأميركي ضد لبنان، هي أن لبنان لا يمكنه الاعتراض على عمليات التنقيب في حقل كاريش حالياً، أي بعد سنوات على فتح دورة التراخيص فيه. وكان يجب أن يحصل الاعتراض قبل سنوات، وليس اليوم. ومثل هذه الأمور لا تحمل ما يسمى “المفعول الرجعي”.

هذه ذريعة إسرائيلية – أميركية يمكن مواجهتها مستقبلاً، واستخدام محاولة لبنان فتح دورة التراخيص في البلوك رقم 1 مثالاً على ذلك. فحينذاك اعترضت سوريا وسجلت اعتراضها، فلم يتمكن لبنان من فتح دورة التراخيص في هذا البلوك.

لذا، سيخوض لبنان معركة شرسة، خصوصاً أن الوفد المفاوض يعتبر أن لا شائبة على الإطلاق في الملف الذي أعدّه.

المرسوم أصبح لدى رئيس الجمهورية. وحسب المعلومات، أنه أحيل على دراسة معمقة لبتّه، والنظر في جوانبه القانونية. توقيت توقيعه مهم قبل زيارة ديفيد هيل. والأنظار تتجه إلى رئيس الجمهورية وما سيقوم به. بينما هناك قوى سياسية لبنانية كثيرة لها نظرة مختلفة للموضوع وكانت ترفض توقيع المرسوم، إما خوفاً من احتمال لجوء الأميركيين إلى فرض عقوبات، وإما بسبب النظر إلى المسألة بواقعية، بعدم الحاجة إلى استمرار المواجهة مع الأميركيين والتعرض للمزيد من الضغوط.

وعلى مقلب آخر هناك حسابات أخرى: عدم السماح بتسجيل انتصار لقائد الجيش، من خلال إقرار المرسوم، وتضييع المسألة في زواريب سياسية عن طريق السجالات والمماطلة.

تابعنا عبر