
سطّر الجيل الحالي من لاعبي الأهلي المصري فصولاً مميزة في تاريخ النادي، انطلقت مع قيادة الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، واستمرّت تحت إشراف السويسري مارسيل كولر، الذي تُعدّ فترته الأبرز منذ عهد الجيل الذهبيّ بقيادة البرتغالي مانويل جوزيه.
منذ موسم 2019-2020، نجح الأهلي في استعادة هيمنته المحلية والأفريقية، مستلهماً نهج النجاح الذي تميّز به جوزيه خلال حقبته الثانية بين عامي 2004 و2009.
لكن ما يميّز هذا الجيل ليس فقط استعادة الأمجاد، بل تجاوز إنجازات الجيل الذهبي من حيث عدد الألقاب والأرقام القياسية المحققة. فقد عاد الفريق إلى قمة المجد الأفريقي بعد سبع سنوات عجاف غابت فيها البطولات القارية عن خزائن النادي، باستثناء لقب الكونفديرالية في 2014.
رغم ذلك، تبقى جماهير الأهلي مخلصة لذكريات جيل مانويل جوزيه، وتجده الأفضل في تاريخ النادي، وهو ما يفتح باب التساؤل حول الفجوة ما بين اعتراف الجماهير بما تحقّق حالياً وارتباطهم العاطفي بالماضي.
هذه الفجوة باتت أكثر بروزاً في الفترة الأخيرة، نتيجة تذبذب أداء الفريق والنتائج، إلى جانب أزمات إدارية متكرّرة وتصاعد التوترات بين المنظومة الكاملة والجمهور.
قد يكون مفهوم النجاح المختلف لجماهير الأهلي الركيزة الأساسية لهذه المعضلة؛ فالإدارة الحالية بقيادة محمود الخطيب، ومعها الجهاز الفني واللاعبين، تظن أنّ تحقيق البطولات وحده كافٍ لاستعادة بريق الماضي، في الوقت الذي يصطدم هذا التصوّر برؤية الجماهير، التي تتطلع إلى نجاح شامل ومتكامل، شبيه بما عاشه النادي في حقبة الجيل الذهبي.
إنجازات هذا الجيل الأسطوري لم تكن وليدة الألقاب فقط، بل كانت ثمرة منظومة متجانسة، بدأت من مجلس إدارة حكيم برئاسة حسن حمدي، الذي وفّر للمدرب مانويل جوزيه الثقة المطلقة لإدارة الفريق من دون تدخّلات غير مبرّرة، مع دعم مستمرّ لتلبية احتياجاته الفنية.
قاد جوزيه تلك المنظومة الاحترافية بحنكة، حين لم يكن النجم هو لاعب بعينه، رغم وجود أسماء بارزة وقتها مثل محمد أبو تريكة وعماد متعب، بل كان النجم هو الفريق كاملاً. وفي سبيل تحقيق ذلك، اعتمد البرتغالي على قاعدة صارمة مفادها أنّ اللاعب الأفضل هو من يشارك من دون النظر إلى الأسماء.
بالإضافة إلى ذلك، أحكمت الإدارة قبضتها على غرفة الملابس، مانحة المدرب الكلمة الأولى والأخيرة في الشؤون الفنية. أما اللاعبون، فقد التزموا بسياسة تقديم مصلحة الفريق فوق أيّ اعتبار، مما جعل الهدف المشترك هو كتابة تاريخ جماعيّ يُخلّد بأسمائهم جميعاً.
وخارج الملعب، كانت الجماهير هي العنصر المحوري، واعتُبرت اللاعب الأوّل للنادي، حيث مثّل دعمها ونقدها البنّاء جزءاً أساسياً من معادلة النجاح، وكان رضاها دائماً هو الغاية العليا، وصوتها هو البوصلة التي توجّه عناصر المنظومة للعمل على تحقيق طموحاتها.
هذا التكامل بين الإدارة والجهاز الفني واللاعبين والجماهير هو ما جعل الجيل الذهبي ظاهرة استثنائية يصعب تكرارها. واليوم، يقع على عاتق الأهلي تحدٍّ كبير للحفاظ على إرثه الضخم وسط ظروف متغيرّة وتحديات متزايدة.