منير الربيع – المدن
عون وباسيل وحيدان
وفي هذه المعادلة يبقى عون وباسيل وحيدين في رفض ترؤس الحريري الحكومة. وهذا يعني أن لعبة التجاذب مستمرة. وعندما فاتح الرئيس المكلف المجلس الشرعي بنيته في الاعتذار، كان الجواب بأن التكليف دستوري، وهو يمثل طائفة، وليس الحريري شخصياً. لذا يتوجب عليه التمسك بتكليفه، وهذا أيضاً رأي رؤساء الحكومات ورأي الرئيس بري.
ويحاول رئيس المجلس مساعيه مجدداً، انطلاقاً من البحث عن صيغة حلّ توافقي للوزيرين المسيحيين المختلف عليهما. وفي حال لم يصل إلى نتيجة، تلقى المسؤولية مجدداً على رئيس الجمهورية، الباحث بكل الوسائل عن آلية فتح بازار تفاوضي جديد على بديل للحريري.
وتعتبر مصادر رئاسة الجمهورية أن عون على يقين بأن الحريري لا يريد تشكيل الحكومة. وأن بري يعلم ذلك، لكنه لن يتخلى عن دعم الرئيس المكلف، قبل تبلور حلّ بديل يوافق عليه الحريري، فتتشكل حكومة مغايرة لحكومة حسان دياب.
الحريري يجدد تكليفه
وفي هذا السياق تحاول جهات عدة طرح بدائل، وآخرها رئيس لجنة الراقبة على المصارف سابقاً سمير حمود، كشخصية ترضي الحريري ولديها خبرة مالية. وتستبعد المصادر إمكان الوصول إلى توافق حول أي شخصية في هذه المرحلة. والحريري جدد تكليفه، وأطال أمد بقائه في منصبه.
في المقابل، لا يبدو بري قادراً على فعل أي شيء. نجح في تهدئة الحريري ومنعه من الاعتذار. ولكن على ضفة رئيس الجمهورية وباسيل، مغلقة الأبواب في وجه الحريري. وهذا يثبت أنهما لا يريدانه رئيساً للحكومة. أما حزب الله فلا يبدو في وارد القيام بأي خطوة. وهو لا يريد خسارة أحد من الطرفين، ويقف خلف مساعي رئيس مجلس النواب. ولكن هناك قناعة لدى حزب الله أن الحريري لا يريد تشكيل الحكومة في هذه المرحلة.
مفاوضات وحراك في الشارع
حيال هذا الاستعصاء المستمرّ طويلاً، يبدو أن هناك حدثين يمكنهما تغيير قواعد اللعبة:
يرتبط الأول بالقمم الدولية والاجتماعات التي تعقد هذا الأسبوع، ومنها قمة الرئيسين الأميركي والروسي، جو بايدن وفلاديمير بوتين، وتبحث فيها جملة ملفات في المنطقة، من بينها الملف السوري حتماً، والذي تبحث روسيا عن متنفس إنساني ومالي له. أما مفاوضات الاتفاق النووي، والتي يفترض أن تنعكس على لبنان، فستحقق تقدماً بعد الانتخابات الإيرانية. وهذا قد يدفع إلى بعض التسهيلات والليونة في لبنان. فيمكن حينها تمرير الحكومة. وعلى هذا يراهن الحريري أن يقدم حزب الله على ممارسة ضغوط على جبران باسيل لتقديم التنازلات.
أما الحدث الثاني فيبقى الرهان على حركة قوية في الشارع، رفضاً للواقع الاقتصادي والاجتماعي والمالي المنهار. وفي حال غياب هذه الحركة القوية الكفيلة بتغيير الموازين، تستمر المراوحة طويلاً على إيقاع التدهور المتدرج. وهذا يفترض تأقلم الشارع التدريجي مع الوضع.
وحدها حركة كبرى يقوم بها اللبنانيون في الشارع يمكنها تحريك الركود، وتعيد تحديد الأولويات وتفرض على القوى السياسية البحث عن أي آلية للخروج من حال التجاذب الحاصل.