كتبت راجانا حميّة في “الاخبار”:
في وقت يسجّل فيه عدد الإصابات بفيروس كورونا تراجعاً، يواصل عدّاد الوفيات صعوده مع تسجيل 112 ضحية في الساعات الـ 48 الماضية (61 أول من أمس و51 أمس). المساران غير المتلازمين يعنيان أن الأمور على غير ما يرام، وخصوصاً أن مؤشر الوفيات يعدّ أساسياً في تحديد مدى تفشّي الفيروس وخطورته. لذلك، لا يعني انخفاض الإصابات أمس الى 2139 أن الأمور عادت إلى السيطرة، وإنما فقط ترجمة «ظرفية» لقرار الإقفال. عملياً، ومع العودة إلى الحياة الطبيعية، سيعود عدّاد الإصابات إلى ذروته السابقة.
ما يعني في تحديد مسار الفيروس اليوم هو مؤشر الوفيات ونسبة إيجابية الفحوص ونسبة القابعين في غرف العناية الفائقة. وهي ثلاثة مؤشرات لا تزال تسجل نسباً مرتفعة وخطرة. ففي الأول، وصلت نسبة المتوفين إلى 3 آلاف و82 ضحية (منها 291 ضحية عن العام الماضي) أما إيجابية الفحوص فلا تزال عند عتبة 22% وهي نسبة عالية جداً، وكذلك الحال بالنسبة إلى عدد الحالات المقيمة في العناية الفائقة (952 حالة، منها 332 موصولة إلى أجهزة التنفس). هذه النسب، في بلدٍ كلبنان، «كارثية»، وخصوصاً في ظل وصول النظام الصحي الاستشفائي، الحكومي تحديداً، إلى طاقته الاستيعابية القصوى.
مع ذلك، يبدي وزير الصحة حمد حسن تفاؤلاً، وإن حذراً. إذ رأى أن «المؤشرات والمعطيات العلمية والميدانية تبشّر خيراً بأن تكون النتائج جيدة وواعدة وبأن تخفّ نسبة التفشي عند انتهاء فترة الإقفال».
وأعلن حسن، في تغريدة على «تويتر»، أن وزارة الصحة تبلغت رسمياً من منصة كوفاكس بوصول الشحنة الأول من لقاح «أسترازينيكا» في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، فيما تصل الدفعة الأولى من لقاح «فايزر» في منتصفه.
وتشهد منصة التسجيل للقاح إقبالاً غير مسبوق. وفيما حدّدت اللجنة الوطنية للقاح كورونا الفئات التي ستتلقى اللقاح ضمن الدفعة الأولى، لا يزال الجدل دائراً حول فئات أخرى، من بينها الحوامل والمرضعات. إذ طلبت اللجنة التقنية للكورونا والحمل من اللجنة الوطنية المتابعة للقاح ضم الحوامل والمرضعات ضمن «الدفعة الأولى» من المتلقّين، تماشياً مع الإرشادات والتوصيات الصادرة عن المراكز الطبية العالمية، وما صدر أخيراً عن منظمة الصحة العالمية التي أشارت إلى أنه «ليس هناك مانع من شمول الحوامل والمرضعات باللقاح»، على ما يقول رئيس اللجنة التقنية الدكتور فيصل القاق. وهذا المطلب «ضروري لحماية فئة هي بأمسّ الحاجة إلى عناية خاصة».
ورغم أن لبنان لا يزال بين الدول التي تسجل حالات نادرة جداً بوفيات الحوامل (6 وفيات فقط من أصل 3082)، إلا أن ذلك لا يمنع من شمولهنّ ضمن الفئة الأولى، انطلاقاً من اعتبارين أساسيين، أولهما تخفيف الضغط على النظام الصحي، وثانيهما تأمين الحماية للحامل والجنين، كما المرضعة الوليد. لذلك، «نشدد على ضرورة شمول الحوامل باللقاح، لا بل اعتبارهنّ من الأولويّات»، يختم القاق.