شعار ناشطون

عهد جو بايدن: إرتداء عَباءة روزفلت أم امتطاء حقبة كينيدي؟

25/01/21 09:13 am

<span dir="ltr">25/01/21 09:13 am</span>

هادي جان بو شعيا – ام تي في

“هذا يوم أميركا. هذا يوم الديمقراطية. يوم تاريخي. يوم الأمل. يوم العزيمة. أختُبر الأميركيون لعقود ولقد ارتقت أميركا وسمت فوق التحديات”.

كلمات ركّز عليها الرئيس الأميركي جو بايدن في أول خطاب له بعد تنصيبه ليصبح الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة الأميركية، داعياً مواطنيه الى الوحدة والبدء من جديد، وعدم جعل السياسة ناراً مستعرة تسبب المزيد من الإنقسام، مطالبًا بوضع حدّ للحرب غير المتحضرة بين الشمال والجنوب، بين الديمقراطي والجمهوري، بين المحافظ والليبيرالي، وفق تعبيره، لينهي خطابه بتوجيه رسالة “أملٍ لا خوف”، مستهلاً فترة حكمه بتوقيع ١٧ إجراءً تنفيذيًّا في المكتب البيضاوي ليُلغي بها سياساتٍوضعها سلفه دونالد ترامب متعلّقة بتغيّر المناخ والهجرة والتعامل مع جائحة كورونا.

فكيف تبدو ملامح فترة حكم بايدن؟ وأي ملفات ستحظى بالأولوية في أجندته السياسية؟ وماذا عن الانقسامات الحاصلة في المجتمع الأميركي؟ وأي خطط يمتلكها الرئيس الجديد لإعادة الهدوء الإجتماعي والسياسي للبلاد؟ والأهم كيف ستتعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع الجماعات اليمينية المتطرفة ومع العنصرية التي بلغت مستويات غير مسبوقة؟

ملامح الـ 100 يوم الأولى

السؤال الآن يتمحور حول المعيار التي تقاس عليه الـ 100 يوم الأولى لحكم جو بايدن والى اي مدى سيربط كلماته بمحتوى سياسي. بالطبع هناك تحديات تواجه بايدن، في ظل تقاسم مجلس الشيوخ مناصفة بين الديمقراطيين والجمهوريين وهذه أقل أغلبية، كذلك في مجلس النواب حيث يتقدمون بـ11 صوتًا فقط وهذا ما لم يحدث منذ 20 عامًا، مما يصعّب عليه مأمورية تمرير القضايا الراديكالية والمؤرقة لليسار رغم الأغلبية البسيطة له.

حين نتحدث عن الـ 100 يوم الأولى هناك الكثير من الملفات بدءًا بملف كورونا. إلى أي مدى يمكن لبايدن أن يستدرك سريعًا تلك الثغرات التي تركها الرئيس السابق؟

لقد تعهّد بايدن سابقًا أنه خلال فترة الـ 100 يوم الأولى سيتم توصيل 100 مليون جرعة من اللقاحات للأميركيين، فضلاً عن ذلك، سيتم العودة لتفعيل برنامج “أوباما كير” الذي يعنى بالرعاية الصحية.

حزمة إنعاش اقتصادي

كما تشمل خطة بايدن إقرار حزمة إنعاش اقتصادي بقيمة 1.9 تريليون دولار، توفير 100 مليون لقاح ضد فيروس كورونا، العودة لمنظمة الصحة العالمية، مراجعة “المساواة العرقية” في الحكومات كافة، مراجعة قانونية لـ 100 إجراء اقرّهم ترامب، الحماية ضد التمييز الجنسي وإعادة الإنضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ والاهتمام بها وتعيين شخصية مثل جون كيري ليكون مبعوثًا رئاسيًا له سلطات كبيرة في هذا الموضوع، رغم إعتراضات عدد من الجمهوريين لاقدامه على هكذا خطوة، من دون الرجوع الى الكونغرس، ليدحض بذلك تعهّداته باحترام الديمقراطية وآراء المؤسسة السياسية.

فهل ستأتي سياسات إدارة بايدن امتدادًا لإدارتي أوباما السابقتين ولكن من خلال بايدن، نظرًا لعودة شخصيات، عايشت حقبة أوباما، لتشارك ولكن بمناصب أعلى؟ وهل ستبدأ من حيث انتهى إليه أوباما؟

هدم جدران ترامب!

من المعلوم أن ترامب بنى جدرانًا عدة منها حدودية وأخرى عابرة للحدود، كالجدار الحدودي مع المكسيك الذي أراده جدارًا فولاذيًّا لامعًا وجميلاً، كما وصفه ذات يوم، لمنع المهاجرين من الوصول إلى بلاده. وأراد ايضًا تقييد دخول المسلمين إليها ليأتي الرئيس الجديد جو بايدن ويهدم ذلك بـ”جرة قلم”.

بايدن، الذي استعار عبارة “إن شاء الله” من المسلمين في مناظرته ضد ترامب، سيلغي ذلك الأمر التنفيذي الذي اتخذه ترامب في العام 2017، رغم تأديته لـ”رقصات” المسلمين أنفسهم في مكان آخر.

كما يتجه بايدن إلى إقرار سلسلة من القرارات المتعلقة بالهجرة واعتماد نظام جديد سيتيح لملايين المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة تصويب أوضاعهم القانونية للحصول على الإقامة أو الجنسية الأميركية ولينضموا بذلك إلى أكثر من 40 مليون مهاجر يعيشون في الولايات المتحدة.

فهل يهدم بايدن جدران ترامب، ولو معنويًّا، أم أن قراراته ليست سوى جزء من خصومة سياسية تجمعهما؟

إعادة بناء الارضية المشتركة

كما لم يعد خفيًّا على أحد عزم ترامب تأسيس حزب ثالث وهو “الحزب الوطني” ما سيزيد الإنقسام بين الجمهوريين أنفسهم، ولعل ملف الهجرة غير الشرعية سيعمّق الانقسام العمودي الحاصل أساسًا مع الأوائل المؤسسين والتي تجلّت طلائعه بجمر تحت رماد اقتحام مبنى الكابيتول وهي الشيفرة السرية لعبارة أميركا البيضاء المسيحية الأوروبية. الامر الذي يفرض على بايدن تحديًا جديدًا يتمثّل بنجاحه في تأسيس أرضية مشتركة تحيي روح الوحدة باتفاق جميع الأميركيين على المصلحة الوطنية العليا.

في ظل الحرب الثقافية الفكرية السياسية والتشريعية التيتشهدها أميركا، يجد بايدن نفسه أمام استحقاق يُدمي عهده وخيار يؤرِّخُه:

أوّلاً، صورة أميركا اليوم هي نسخة شبيهة بستينات القرن الماضي، حيث أن جو بايدن هو الرئيس الأميركي الكاثوليكي الثاني بعد جون كينيدي. تلك الفترة شهدت اغتيالات طالت الرئيس ورموز حركات حقوقية مدنية، والخوف اليوم من انتفاضات تعمّ أميركا يقودها اليمين المتطرف لإحداث تغيير جذري في المشهد الأميركي، على مدى السنوات العشر المقبلة.

ثانيًا، إذا ما أراد جو بايدن إحداث تحوّل جذري لينضم الى قافلة أعظم ثلاثة رؤساء أميركيين في تاريخ أميركا عليه الإقتداء بفرانكلين ديلانو روزفيلت، الذي برز كشخصية مركزية في الأحداث العالمية وقاد أميركا، خلال الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية، وبنى تحالف الصفقة الجديدة New Deal مجموعة من البرامج الإقتصادية تركّزت على “الإغاثة والإصلاح والإنعاش”.

بين الخيار والإستحقاق قرار. وليس أي قرار انها خيوط اللعبة يا بايدن!

تابعنا عبر