كتبت لارا أبي رافع في موقع mtv:
لبنان في قلب عاصفة ماليّة – اقتصاديّة – اجتماعيّة، ويبدو أنّها ستشتدّ لتصعق اللبنانيين بمزيد من الأزمات، إذ يقول الخبير الاقتصادي جهاد الحكيّم إنّ “صيفاً ساخناً” ينتظرنا على الصعيد الاقتصادي. فما هو المشهد المتوقّع؟
يعوّل كثيرون على تشكيل حكومة من أجل الخروج من المحن التي نتخبّط بها، ولكن بنظر الحكيّم “لن يكون هناك فرق بين حكومة اختصاصيين وحكومة سياسيين، ففي حال شُكّلت حكومة كحكومة حسان دياب أو لم تُشكّل، سيبقى الوضع على حاله إقتصاديًّا ولن يكون هناك تأثير ملحوظ، إذ ستكون من الطبقة السياسية ذاتها بغض النظر عمّا إذا كانت من اختصاصيين أم حزبيين”.
ويشرح الحكيّم، في حديث لموقع mtv، أنّه “في حال تشكّلت حكومة سنشهد انخفاضاً في سعر صرف الليرة مقابل الدولار ولكن هذا الانخفاض سيكون ظرفيًّا، وما يلبث أن يعاود الارتفاع مجدّداً تحت ضغط رفع الدعم وخصوصاً عن البنزين والمازوت، لأن غلاء المحروقات يؤثّر على السلع كافةً”، مضيفاً “سنصل عاجلاً أم آجلاً من اليوم حتى حزيران إلى رفع للدعم. عندها ستكون الحالة الاقتصاديّة أصعب، وتترافق مع تفلّت أكبر في سعر الصرف بحيث يكون بلا سقف إلا إذا قام مصرف لبنان بالحدّ أكثر من السحوبات الماليّة بالليرة اللبنانيّة وتجارة الشيكات كما طباعة العملة، تزامناً مع تغيير أساسيّ على الصعيد السياسي”.
هذه العوامل مجتمعة ستؤدي حتماً إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وتدهور المستوى المعيشي وتزايد الجوع ونسب الفقر والبطالة، ويقول الحكيّم إنّ “أسعار العقارات ستنخفض أكثر فأكثر وسيُصبح العقار مقابل الطعام. وفي المقابل الأموال التي ستأتي من الخارج ستكون محدودة ما لم يكن هناك تغيير جذريّ في المشهد السياسي”.
إذاً لن يتغيّر أيّ شيء يذكر بحكومة اختصاصيين أم من دون حكومة، فما السبيل للخروج من هذه الأزمات؟
يُجيب الحكيّم “وحدها حكومة من شباب مستقلين تتمكّن من إعطاء ثقة للداخل والخارج، عندها ينخفض سعر صرف الدولار بشكل كبير، وتأتي الأموال ويتمّ وضع خطّة إقتصاديّة ويتمّ استرداد الأموال التي حُوّلت إلى الخارج. فنذهب إلى الحلّ سريعاً ويتحسّن الوضع في غضون سنة فقط! أمّا إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فلن نشهد أيّ تحسن قبل تشرين الأوّل 2024، أي ما بعد الاستحقاقات الأساسيّة وهي الانتخابات الرئاسيّة والنيابيّة وحاكميّة مصرف لبنان، هذا في حال حصلت في موعدها”. ويقول: “واهِمٌ من يظن أنّ التغيير يكون بالانتخابات ما لم تكن على أسس ديمقراطيّة حقيقيّة تشبه إلى حدٍّ كبير تلك التي حدثت أخيراً في الجامعات. أمّا الشروط الموجودة اليوم فهي أشبه بإجراء انتخابات في ظلّ احتلال، حيث تُستعمل كلّ أشكال الترغيب والترهيب والمال الانتخابي والنفوذ وتُستغل حالة عوز المواطنين التي لم يسبق لها مثيل منذ مئة سنة بعد الانهيار الاقتصادي والمالي الشامل”.
ويختم: “المشكلة الأكبر في لبنان اليوم هي الثقة، وهي أكبر بكثير من أن تبسّط أو أن يُقال إنّه في حال حُلّت بالسياسة تفرج اقتصاديًّا. فالأزمة بدأت منذ تشرين الأوّل 2017 ونحن في 7 سنوات عجاف بحيث لن يكون هناك تغيّر جذريّ قبل انتهاء المشهد السياسي المسيطر حاليًّا. ولو تمّت الاستعانة بصندوق النقد الدولي منذ البداية لكانت الظروف أرحم من التي نعيشها اليوم، ولم يعد أمامنا إلا المضي بهذا الخيار”.
لم يعش لبنان فترة أسوأ من هذه، ويبدو أنّ ما هو مقبل لن يكون أفضل حالاً. فهل بقي للأعاجيب مكان على هذه الأرض كي يُنقَذ لبنان واللبنانيون؟