يبدو أننا نشهد على تزايد في حالات صرير الأسنان لدى الأطفال. فيلاحظ كثيرون من الأهل وجود هذه المشكلة لدى أطفالهم دون أن يدركوا كيفية التصرف في هذه الحالة. بحسب الطبيبة الاختصاصية في طب الأسنان لدى الأطفال الدكتورة نهلة بدر باش، تتعدد الأسباب وراء هذه الحالة الشائعة بين الأطفال، مشيرةً إلى أن طريقة التعاطي معها لدى الأطفال تختلف تماماً. فكما يختلف العلاج عندها، كذلك الأسباب والتداعيات.
كيف يمكن كشف مشكلة صرير الأسنان لدى الأطفال؟
في معظم الأحيان، يلاحظ الأهل أن أطفالهم يعانون المشكلة لدى مراقبتهم ليلاً. فيسهل أن يتنبهوا إلى صرير الأسنان لدى الطفل على أثر سماع صوت حاد يؤكد أن أسنان الطفل تحتك بعضها ببعض. وإذا كانت ملاحظة الأهل المؤشر الأول الذي يدل إلى وجود المشكلة، تشير بدر إلى أنه يمكن كشفها أيضاً في عيادة الطبيب بسبب شكل الأسنان، بحيث تتأثر من احتكاكها الزائد بعضها ببعض.
ما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى صرير الأسنان لدى الأطفال؟
– التوتر: تماماً كما يعتبر التوتر سبباً لصرير الأسنان لدى الراشدين، كذلك هو سبب لهذه المشكلة لدى الأطفال. فالأطفال هم عرضة أيضاً للتوتر والقلق لأسباب عديدة، إما بسبب الامتحانات في المدرسة والدراسة عامة، أو بسبب التنمر أو بسبب ظروف عائلية أو غيرها من الأسباب.
– الإصابة بالنشاط المفرط وقلة التركيز ADHD أو التوحد أو الشلل الدماغي، حيث يعتبر الأطفال الذي يعانون مثل هذه الحالات أكثر عرضة لمواجهة مشكلة صرير الأسنان.
– التنفس من الفم، وهي حالة شائعة حالياً مع ارتفاع معدلات التلوث وزيادة نسبة الحساسية بين الأطفال، مع ما ينتج من ذلك من احتقان في الأنف وانسداد فيه. وتشير بدر إلى أن هذا النوع من الحالات تزايد تزايداً ملحوظاً في العامين الأخيرين، فيأتي صرير الأسنان كردة فعل حماية لمجاري التنفس ولتوسيع مجرى الهواء وترطيبه في مواجهة الجفاف فيه.
– الارتداد المعدي المريئي reflux هي أيضاً من الأسباب الشائعة لمشكلة صرير الأسنان لدى الأطفال، وهي تزيد احتمال مواجهتها.
– وضع الطفل ألعاباً أو غيرها من الأدوات التي تساهم في تحريك عضلات الفكين تحريكاً متواصلاً في النهار يؤدي إلى صرير الأسنان ليلاً، بسبب الاعتياد على تحريك هذه العضلات في النهار.
هل من أعمار معينة يزيد فيها شيوع مشكلة صرير الأسنان لدى الأطفال؟
نشهد على زيادة في معدلات صرير الأسنان لدى الأطفال في أعمار صغيرة، فيما تبدأ بالتراجع في حوالي سن 9 أو 10 سنوات، خصوصاً عندما يكون التنفس من الفم أساس المشكلة، لأن مجرى الهواء يتوسع في هذه السن. أما إذا كان التوتر سبباً فتستمر المشكلة في أي عمر كان في حال عدم معالجة الأسباب، وكذلك في حالات الأخرى.
ما العلاج الذي يمكن اللجوء إليه في مثل هذه الحالة؟
يقضي العلاج بمواجهة السبب ومعالجته. وتشير بدر إلى أن أساس المشكلة في حال مواجهة صرير الأسنان لدى الأطفال في السبب وليس في تداعياتها، كما بالنسبة للراشدين. فلدى الأطفال لا يُخشى من آثار صرير الأسنان، لأنها لا تؤدي إلى آثار مهمة على الأسنان، ولا تكون لها مضاعفات تدعو للقلق، لأن الأربطة في الفك تكون مرنة ولا تتأثر بالضغط الزائد، كما هي الحال بالنسبة للكبار، حيث يمكن أن يؤدي احتكاك الأسنان إلى تلف فيها وآلام في الرأس وفي الأذن ومشكلات في مفاصل الفكين. في المقابل، لدى الأطفال، أساس المشكلة في أنها تخفي وراءها سبباً عضوياً أو نفسياً يستدعي المعالجة، وهذا ما يستدعي التدخل الجدي. هذا، مع ضرورة التشديد على أنه لا يُنصح أبداً باللجوء إلى القالب الشفاف لحماية الأسنان Gouttiere لدى الأطفال، لأنها تؤثر سلباً على النمو في عضلات الفك.
وبالتالي يكون العلاج للسبب دائماً ليتخطى الطفل المشكلة. فإذا كانت هناك مشكلة ارتداد معدي مريئي، يمكن أن يكشفها طبيب الأسنان انطلاقاً من شكل سطح الأسنان التي يظهر تآكل فيها بسبب الارتداد الحمضي، أو يمكن أن يلاحظ الأهل سعال الطفل قبل النوم فيدل إلى ذلك أيضاً، ويعالجها طبيب الأطفال أو طبيب المعدة. أما في حال وجود مشكلة في التنفس تظهر من خلال الشخير ليلاً، فيكون العلاج بفضل طبيب الأنف والأذن والحنجرة. وإذا لم تظهر مشكلة شخير أو ضيق نفس أو reflux وتبين أن التوتر هو السبب، فيمكن اللجوء إلى اختصاصي في المعالجة النفسية لمساعدة الطفل أو إلى وسائل الاسترخاء كالعلاج الفيزيائي. كما تبين أن الزيوت الأساسية التي تساعد على الاسترخاء كزيت الخزامى، تساعد في مثل هذه الحالات على الحد من التوتر ومعالجة المشكلة.