منير الربيع – المدن
أبعاد زيارة موسكو
ولا دليل إلى أن الزيارة قد تؤدي إلى تشكيل حكومة في لبنان. ولربما يكون موضوعها أبعد من ذلك. وإن كان يرتبط بالحرص أو بالحفاظ على استقرار لبنان، حسب البيان الروسي، فقد لا يخلو الأمر من أبعاد إقليمية، سورية تحديداً.
وموسكو تهتم إلى أبعد الحدود بحماية الاستقرار اللبناني، ومنع البلاد من الانهيار. فانهيار لبنان يؤثر سلبًا على النظام السوري. لذا حضرت في الزيارة المسألة السورية، وكذلك مسألة إبقاء الجبهات هادئة، ومنع حصول تطورات دراماتيكية.
وتأتي زيارة حزب الله إلى روسيا، بعد قيام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بجولة خليجية. ولا بد أن تكون المعضلة السورية من أولويات مباحثات لافروف ووفد حزب الله.
وتشير المعلومات إلى تطور في الموقف الروسي: الوصول إلى حل سياسي في سوريا، تمهيداً لفتح الطريق للدخول الخليجي، مقابل تخفيف الهيمنة الإيرانية، وأنشطتها الاستفزازية. فموسكو تعاني من أزمة مالية واقتصادية من أسبابها الانهيار السوري. وهي تعلم أن الرهان على حلّ سياسي في سوريا وإعمارها مستحيل من دون الخليج والسعودية، والرضى الأوروبي والأميركي. وهذا يتطلب تنازلات من حزب الله وإيران.
سوريا جوهر الزيارة
لم تتعمق المحادثات في موسكو في تفاصيل المعضلة اللبنانية الداخلية. وجرى التركيز على ضرورة الحفاظ على الاستقرار، والإسراع ما أمكن في تشكيل الحكومة. وليس من مبادرة روسية في لبنان.
المعضلة السورية هي لب الزيارة. فموسكو تريد تهدئة الوضع في سوريا، تزامناً مع اقتراب موعد الانتخابات فيها. ولذلك لا بد من التشاور مع الحزب. وموسكو لديها مبادرة أخرى تجاه الكرد في سوريا أيضاً، لإيجاد تقارب بين القوات الكردية والنظام السوري. وجرى البحث مع حزب الله في هذا الأمر، إضافة إلى الواقع العسكري على الحدود السورية – العراقية.
وتفيد مصادر متابعة أن حزب الله كان لديه عتب على موسكو، لأنها تتخذ قرارات في سوريا من دون تشاورها معه، علماً أنه لاعب أساسي فيها. واستشعر الحزب إياه أن هناك محاولات لإقصائه. لذا أتت دعوته لزيارة موسكو لاسترضائه وإشراكه في المشاورات.
البحث تركز على عملية إعادة تموضع عسكري لقوات حزب الله في سوريا، ووقف أنشطته العسكرية وغير العسكرية، والتي قد تستفز الدول العربية والغربية، وقد تستدعي ردوداً إسرائيلية. ولا تؤكد المعلومات ما إذا كان قد جرى التطرق إلى ما تعمل عليه موسكو منذ فترة: مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل والنظام السوري، أو البحث عن مزيد من صفقات التبادل، وخصوصاً بقايا جثة إيلي كوهين، أو فتح ملف رون آراد.
وقد تكون روسيا تسعى لطرح صيغة حلّ سياسي في سوريا على قاعدة تشاركية: بقاء الأسد وحكومة تضم تنويعات من المعارضة السورية، في مرحلة ما بعد الانتخابات. لكن هذه الفكرة غير ناضجة بعد. وقد رُفضت عربياً ورفضها الأوروبيون والأميركيون.