شعار ناشطون

رئاسة أزعور للإنقاذ الاقتصادي: “التسوية” مع حزب الله ممكنة؟

06/06/23 06:01 am

<span dir="ltr">06/06/23 06:01 am</span>

منير الربيع – المدن

باتفاق قوى المعارضة على ترشيح جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، انتقلت اللعبة السياسية والرئاسية إلى مرحلة جديدة. مرحلة ليس الفاصل فيها لعبة الأصوات وتعدادها واحتساب تراكماتها، طالما أن هناك ورقة تعطيل النصاب قائمة وقابلة للاستخدام لدى حزب الله.
وعليه، فإن النقلة النوعية التي تحققت بترشيح أزعور هي دخول الاستحقاق الرئاسي في مرحلة جدية، من الممكن فيها الذهاب إلى التفاوض بشكل جدّي. على الرغم من تولّد سجالات كثيرة وأسئلة أكثر، حول ما يجب أن يفعله أزعور بعد ترشيحه، طالما أن الثنائي الشيعي يشن حملة شرسة عليه ويصفه بأنه مرشح المواجهة والمناورة. ومن بين الردود المتداولة على هذه الأسئلة، أن يبقى الرجل على صمته، طالما أنه أبلغ الجميع بعدم استعداده للمواجهة، وحرصه على التوافق. فيما تترك الأمور لتدار من قبل البطريركية المارونية والقوى الإقليمية والدولية التي تنظر بإيجابية إلى هذا الترشيح.

الكفاءة الاقتصادية
النقلة النوعية الأخرى التي تجلّت في ترشيح جهاد أزعور، هي احتكام قوى سياسية متعددة إلى مبدأ التنازل عن قواعد اللعبة السابقة التي كانت قائمة على حصر المرشحين الرئاسيين داخل النادي السياسي التقليدي. فيما الأهم يبقى أن لأزعور صفة دولية، تدلّ على وجود مشروع ورؤية اقتصادية للرجل تتلاقى مع “النظام المالي العالمي”، وإمكانيته لإعادة لبنان على خريطة العالم، بعدما غرق لسنوات طويلة في هندسات مالية أنتجت اقتصادات موازية وشرّعت البلاد أمام اقتصاد تبييض الأموال.
يكفي انتقال أزعور من لبنان إلى منصب رفيع في صندوق النقد الدولي للدلالة على كفاءة الرجل ونزاهته، بخلاف كل الحملات الشعواء التي يتعرض لها، وغالبها حملات شعبوية ذات أهداف سياسية لا أكثر. ومما لا شك فيه أن خطوة ترشيح أزعور تحظى برضى إقليمي ودولي، خصوصاً أنها تقدّم صورة حول إمكانية تحقيق تغيّر نوعي في مقاربة الاستحقاقات.

صنو الإصلاحات
قادت الظروف بالقوى المعارضة إلى الإتفاق على اسم الرجل. وربما ترتبط هذه الظروف بحسابات متعددة داخلياً وخارجياً. فيما قوبل الترشيح من داعمي سليمان فرنجية بالكثير من التصعيد، وصولاً إلى حد التلويح بتكرار تجربة ميشال عون وتعطيل البلاد لسنتين ونصف السنة بغية توفير الظروف الملائمة لانتخاب رئيس تيار المردة. لا سيما أن أوساط الثنائي الشيعي تعمل على ضخ أجواء تتعلق بأن ترشيح أزعور هو مناورة، ستفرض فيما بعد الذهاب إلى انتخاب قائد الجيش جوزيف عون. وهي محاولة من الثنائي لإحراج رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، واستدراجه للعودة إلى السير بخيار فرنجية لتجنب خيار قائد الجيش.
تكمن الأهمية في ترشيح أزعور في أن محاربته لإسقاط ترشيحه، وبحال حصلت، سيأتي من هو في الخارج للقول للبنانيين إنكم قد عجزتم عن تقديم نموذج يمكنه إعادة لبنان إلى الخريطة المالية العالمية، كما أن ذلك يؤشر إلى أن لا رغبة لدى أحد في تحقيق تقدّم على طريق حلّ الأزمة، ووضع برنامج للإصلاحات. هذا البرنامج الذي لا يزال متعثراً بنتيجة الصراعات منذ 3 سنوات وأكثر. وحينها يمكن لهذه الدول أن تتحرر من أي ضغوط أو مطالبات لها بتقديم المساعدة للبنان، وتبرير إبقائه في مستنقعاته. وهذا في المعيار المالي الاقتصادي. أما في المعيار السياسي، فهناك توجه إقليمي دولي يشير إلى أنه لا يمكن القبول بانتخاب رئيس بطريقة الفرض على المسيحيين ومن دون موافقتهم. ولذلك يحظى ترشيح أزعور بدعم خارجي، مع تثبيت فكرة ضرورة التفاهم مع الآخرين، لأنه لا يمكن لأي طرف أن يفرض مرشحه على الطرف الآخر.

مكتسبات حزب الله ومخاوفه
أحدثت خطوة الترشيح الكثير من الجلبة على الساحة اللبنانية، واستدعت توتراً من قبل حزب الله، الذي يقارب هذا التطور بأنه محاولة لانتزاع مكتسباته التي عمل على تكريسها منذ العام 2006 وصولاً إلى اليوم، خصوصاً أنه في العام 2016 كرس الحزب نفوذاً كبيراً أثبت فيه أنه هو الذي يحدد من يكون رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب. فيما ينظر إلى التقاء المسيحيين مع قوى أخرى حالياً، بأنهم اتفقوا على مرشح لقطع الطريق على مرشحه. وبالتالي، انتخابه سيسهم في تقويض ما حققه الحزب طوال السنوات الماضية.
كما أن ما يبحث فيه الحزب حالياً، يتعلق بمصير رئاسة الحكومة في حال انتخب أزعور رئيساً للجمهورية، علماً أن القوى الداعمة لأزعور لن تكون جاهزة أيضاً للتنازل عن رئاسة الحكومة وآلية عملها، وفق ما تقتضيه المرحلة المقبلة لإنجاز إصلاحات. كما أن فكرة المداورة في الوزارات ستكون مطروحة. وهنا سينظر الحزب مجدداً إلى مسألة وزارة المالية التي يضعها في خانة التوقيع الرابع، إضافة إلى منصب حاكم المصرف المركزي، والذي لا يمكن أن يأتي إلا بموافقة أميركية.
كل هذه الحسابات تكمن في خلفية عقل الحزب بالتعاطي مع الاستحقاق. ولذلك يبرز التصعيد من قبله، فيما يعلم أن البلاد ستكون محكومة بالنهاية بالتوافق. ما يدفع الكثيرين إلى الاعتبار أن ما يجري هو توتر يسبق التسوية. فترشيح أزعور من شأنه أن يفتح المسار أمام مفاوضات جدية داخلية وخارجية، للتفاهم ولوضع لبنان على طاولة البحث الجدي، فيما التفاوض سيتركز على ما هو المقابل لهذا التوافق، الذي سيكون مرتبطاً بشكل أساسي بمعيار الاستثمارات وتهدئة الواقع الداخلي اقتصادياً ومالياً، إلى جانب التهدئة السياسية. ذلك ما يحتمه المسار الإقليمي التهدوي، والذي في حال استمر حزب الله على تصعيده، سيضع لبنان خارجه أو سيكون عنصراً لاستهدافه.

تابعنا عبر