شعار ناشطون

ذكرى التحرير واستثمار “انتصار” غزة: وحدة المفاوضات والجبهات

25/05/21 08:12 am

<span dir="ltr">25/05/21 08:12 am</span>

منير الربيع – المدن

يحوِّل حزب الله ذكرى التحرير لهذا العام مناسبةً بنوافذ كثيرة، يطلّ منها على تطورات المنطقة. وللتحرير رواية يجددها حزب الله باستمرار، فيتناول فيها قضايا ضيقة وبسيطة تختص بشؤون أحياء وقرى جنوبية. ثم يقفز إلى أبعد منها بكثير، جغرافياً وعسكرياً وأمنياً وسياسياً.

وهو يوزع روايته على مقاومات تشبهه، على غرار الإشادات واحتفالات التي سيهلل فيها السيد حسن نصر الله للانتصار الذي تحقق أخيراً في فلسطين، وتحديداً في غزّة. وسينسب نصر الله هذا النصر إلى عقيدة القتال والمقاومة، ومساندة إيران ومحور الممانعة للمقاومة الفلسطينية، وتحديداً حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

الإسلام الجهادي: تخوين وخراب
ولا حاجة للعودة إلى سرديات التحرير الذي اكتمل واقتصر على تحرير الأرض، من دون تحررّ الإنسان. ولم يعد مجدياً الدخول في صراعات سردية لأبوة المقاومة وتاريخها الذي لا يمكن لحزب الله اختزاله: لا بمقاومته في لبنان، ولا بحركتي حماس والجهاد في فلسطين. ولا بالإضاءة على أوجه الشبه بين الطرفين، تعبيراً عن مسارات قوى الإسلام السياسي والعسكري وبراغماتيتها، التي تظهرها في خوض المعارك والفتوحات ونسبتها لها وحدها. وهي خطب تخوين المختلفين عنها. أما من لا ينجح الإسلام الجهادي في تخوينه أو لا يجرؤ عليه، فيمعن في إخفاء صورته وإرثه ودوره.

ولا حاجة للغوص في نقاش إنجاز تحرير الأرض، وإبراز النكبات التي أصابتها، بفعل السياسات المتوارثة التي عمّقت الأزمات، ومنعت التحرير من أن يزهر إنماءً وانتماءً، كان يمكن أن يتوفرا بفعل سياسة تحافظ على البشر والحجر والعشب الأخضر من التلوث، وعلى كرامة الإنسان في توفير الماء والكهرباء والغذاء. فالتحرير لن يكتمل في دولة تختفي، وامتهنت فيها كرامات مواطنيها ونهبت أموالهم أهدرت حقوقهم.

استثمار غزة
وما بين تحرير الأرض وتحرير البشر سنوات ضوئية لم ينجح اللبنانيون في تجاوزها، بل يمعنون بتوسيعها، بناء على صراعات سياسية وتوجهات إيديولوجية أو ثقافية، تقوم على نزعة الإنفصال عن الآخر والتفضّل عليه. فينجح الاحتلال في البروز في أي لحظة تتفجر فيها أزمة سياسية تأخذ طابعاً مذهبياً وطائفياً مهلكاً.

وسيجعل حزب الله من مناسبة التحرير هذا العام فرصة لتثبيت قواعد انتصاره السياسي، استناداً إلى التجربة الأخيرة التي خاضها الفلسطينيون بسواعدهم ومقاومتهم. وسيعلن نصر الله أنه لولا موقف إيران ومحور المقاومة في توريد الأسلحة إلى المقاومة الفلسطينية، لما انتصرت غزة، ولما تغيّرت المعادلات والتي يسعى المحور الإيراني جاهداً إلى إثبات صوابية توجهاته بناء عليها، اعتراضاً على صفقة القرن أو على دول وقوى وجهات كانت ترفض الاستمرار بالعمل المقاوم.

وسيعلن نصر الله النصر مرة جديدة. نصر يتجاوز هذه المرة كل الحدود الجغرافية، ويلاقي ترحيباً عربياً عاماً. وهذا في غمرة إنذار جديد بربيع عربي، على أمل ألا يقف نصرالله ضده في حال اندلاعه، على غرار ما فعل سابقاً، تحت شعارات لا علاقة لها بربيع الشعوب، ولا بالحفاظ على الدول والمجتمعات، وخصوصاً بعد ما جرى في سوريا، وكان لنصرالله الدور الأكبر فيه.

والانتصار الجديد الذي سيعلن عنه نصر الله، هو استثمار سياسي وعسكري إقليمي، على غرار الانتصار اللبناني في العام 2000، وتصنيفه اللبنانيين مواطنين بدرجات متفاوتة: وبعضهم يتعرض للتخوين، وبعضهم يهرب إلى التطبيع مع الوقائع السياسية التي يريد الحزب فرضها.

وهذه سياسة سينتهجها في فلسطين حلفاء حزب الله، لأهداف ومصالح سياسية، تحسِّن فرص إيران في استثمارها على طاولات مفاوضاتها شرقاً وغرباً. وسيضع حزب الله نفسه في خانة موّجه النصائح للحلفاء والخصوم، داخلياً وخارجياً: ضرورة التسليم لمحوره، والاقتداء بتوجهاته عندما يحين وقت إعلانها. وهي لحظة ينتظرها كثر في لبنان، ليميلوا حيث تميل رياح الوجهة المنتصرة، وفق مقتضيات البراغماتية. وعندها يمكن البحث جدياً في تشكيل الحكومة، أو في الإصلاح الاقتصادي أو غيرها من المسائل العالقة، بما فيها ترسيم الحدود.

تابعنا عبر