أسعد بشارة – نداء الوطن
يتندر بعض ممن عرفوا بتفاصيل الاتصال الذي أجراه الرئيس ميشال عون بالأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، طالباً منع التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، بوصف الاتصال بخطبة الوداع. هذه الخطبة تحمل في الإسلام معنى عميقاً، لأنها كانت الأخيرة للنبي، ولم تكن إلا وصية وليس مجرد خطبة.
الرئيس عون طلب من «حزب الله» عدم السير بالتمديد، كأنه يوصي بجبران باسيل، أو كأنه يريد حماية صهره من خطر محدق، وهذا ما يثير الكثير من الأسئلة، حول المدى الذي يمكن أن يذهب عون إليه، لتحقيق مصالح الوريث، وتأمين مستقبله.
ما أصبح معروفاً بعد هذا الاتصال، وطلب النجدة، أنّ «الحزب» نسق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وكان اتفاق على تحديد جلسة لمجلس الوزراء، لإقرار التمديد في الحكومة، وحجب مشروع القانون في مجلس النواب، كي يسهل على باسيل تقديم الطعن، بفعل امتناع وزير الدفاع عن التوقيع على المرسوم.
وقبل ليلة واحدة من التصويت في مجلس النواب، كان الجميع قد نام على حتمية انعقاد جلسة الحكومة، لاستباق مشروع قانون التمديد، وعندما كان من المفترض أن يحصل ذلك ظهراً، يقوم بري عصراً بسحب المشروع، وتسهل الطريق أمام باسيل إلى مجلس شورى الدولة.
ما جرى في تلك الليلة من اتصالات، يبقى غير معلوم، لكن النتائج ظهرت سريعاً، في فقدان النصاب في جلسة السراي، بعد تظاهرة خصصت للجلسة. وما جرى تلك الليلة كان أبعد من المزاح والتهريج ومشاعر الحقد والانتقام وتصفية الحساب، والخشية من المستقبل.
لقد قام «حزب الله» برد الجميل إلى الرئيس ميشال عون، وفعل ما بوسعه، لكنه لم يذهب أبعد مما يتحمل الرئيسان بري وميقاتي، الخبيران بفهم الجو العربي والدولي، واللذان تلقيا من الرسائل ما يكفي، لحسم التمديد بما يؤدي إلى منع الفراغ في الجيش، وكان لكل منهما طريقته، في الوصول إلى تحقيق الهدف.
أخطأ الرئيس عون مرة جديدة، عندما اعتقد أنّ أولوية حماية صهره، تتفوق على أولوية إجراء، يحظى بقبول داخلي وعربي ودولي، وحاول الاستثمار عاطفياً في علاقته بـ»حزب الله»، لكن النتيجة كانت معاكسة، لأن لا وجود للاعتبارات الشخصية في الحسابات الطويلة الأمد، ولا مكان للأهواء الصغيرة في رسم السياسات.
كان سليمان فرنجية أكثر وعياً وصراحة ووضوحاً، عندما تغلب على ترشيحه الرئاسي، وسلك الطريق إلى حيث لا حقد ولا انتحار ولا شخصنة، وما فعله سيسجل له لا عليه، سواء استمر مرشحاً أو انسحب من المعركة الرئاسية، خلافاً للمشهد الباسيلي الذي يبدو أنه بات يسير وفق معادلة الهروب الدائم إلى الأمام.