كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
تشتدّ الأزمات على البقاعيين لا لتنفرج بل لتزيد من معاناتهم اليومية والتي تتكرّر على أبواب الصيدليات بحثاً عن الدواء وحليب الأطفال، وأمام محطات الوقود التي تمعن في إذلال المواطنين وإنتظارهم في طوابير تمتدّ لمئات الأمتار لتقفل بعدها بحجّة نفاد المخزون، وما بينهما إنعدام القدرة الشرائية ولهيب الأسعار. قلّة قليلة من الصيدليات في بعلبك الهرمل إلتزمت الإقفال التحذيري يومي الجمعة والسبت، وفتحت أبوابها كالمعتاد أمام الناس لتأمين حاجاتهم وِفق ما يتوفر عندها من أدوية أو بدائل عنها، فيما تعمل أخرى، ومنذ مدّة طويلة على إخفاء الأدوية وحليب الأطفال من أمام محتاجيها لبيعها بأسعار عالية إذا ما رفع الدعم وتكتفي ببيع الأدوية ومستحضرات التجميل ذات الأسعار العالية.
أحد الصيادلة في بعلبك اشار لـ”نداء الوطن” الى “أنّ شركات توزيع الأدوية تسلم الصيدليات كميات قليلة جداً وخلال أوقات محدّدة تصل إلى حدود كل شهر مرّة، ولكن ذلك لا يمنعنا من توفيرها للمرضى وللمحتاجين، ومن يأخذ دواءً مزمناً وفق قدرتنا، لكن بعض الزملاء يخفي ما يصله من كميات ويبيعها في السوق السوداء، ومن يريد دواءً ولا يستطيع الإستغناء عنه لأنّ حياته مهدّدة يشتريه مهما كان سعره”، مضيفاً أن “حتى الدواء البديل تتحكّم به السوق السوداء وجشع البعض، ويعطون أدوية مشابهة من دون الرجوع إلى الطبيب المعالج والمختصّ ما يهدّد حياة الناس”.
أكثر صيدليات المحافظة جالت عليها إحدى السيدات لتأمين حليب الأطفال لإبنها الذي لم يتجاوز أشهره الثلاثة من دون أن توفق، وفي حديث لـ” نداء الوطن” أوضحت أنها إضطرّت لإعطائه بديلاً منه، وما هي إلا ساعات حتى بدأ بالتقيؤ، ما دفعها إلى عرضه على طبيبه المختصّ وتحمل تكاليف إضافية”، واضافت بأنّها قصدت إحدى الصيدليات اليوم والتي تتعامل معها حيث زفّ لها الصيدلي الخبر بأنّ حليب الأطفال الذي تشتريه لإبنها اصبح متوفراً بدءاً من الغد ولكن من غير دعم ليصل سعره إلى 230 ألف ليرة ولا يكفي لأسبوع، متسائلة عن كيفية تأمينها هذا المبلغ أسبوعياً وهي بالكاد تستطيع أن تؤمّن سعره وفق الدعم، خاتمةً بأن الأوضاع تستدعي تربية المواشي لتأمين الحليب الطبيعي إذا ما إستمر الوضع على ما هو عليه.
إشكالات المواد الغذائية المدعومة التي شهدتها مختلف المناطق اللبنانية خلال الفترة الماضية وقبل أن تختفي من أمام المواطنين، إنتقلت عدواها إلى الخلاف والإشكالات أمام محطات البنزين والتي وصلت حدّ إطلاق النار والتهديدات، وفيما لا تزال بعض المحطات في بعلبك والبقاع الشمالي تفتح أبوابها لساعات أمام المواطنين وتصطفّ السيارات في خطوط موازية مع بعضها البعض تصل إلى حدود الكيلو متر، تقفل أخرى نهائياً أمام المواطنين تحسّباً لأي إشكالات قد تحدث.
على الأرض لا إحتجاجات في بعلبك الهرمل تنديداً بالأوضاع المعيشية وفقدان المواد على اختلافها، وفيما تحرّكت بعض المناطق اللبنانية وشهدت قطع طرقات ونزولاً إلى الشوارع، تنأى بلدات وقرى البقاع الشمالي بنفسها عن تلك التحركات وكأنها تعيش الرغد والهناء وكل متطلّبات أهلها متوفرة، واقتصرت الإحتجاجات والإضرابات على التزام بعض موظفي الإدارات والمؤسسات العامة بالإضراب الذي دعت اليه رابطة موظفي القطاع العام بهدف تحقيق مطالبهم وتأمين رواتبهم. ففي قصر عدل بعلبك، إلتزم الموظفون الإضراب العام وأُبقي على بعض الأمور المستعجلة وتلك المتعلقة بالموقوفين والمهل القانونية، كذلك شهد الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في بعلبك حركة خجولة من المواطنين حيث إلتزم عدد من الموظفين الحضور لتسيير شؤون الناس ومعاملاتهم الإستشفائية، وفي الهرمل شهدت السراي هناك إلتزاماً تاماً.