
منير الربيع – المدن
أما الخيار الثاني فيحتم استجماع العوامل الخلافية كلها، والمنقسمة حولها الآراء على وقع الأزمات السياسية المترابطة داخلياً وخارجياً. والجمع هذا يؤدي إلى ضرب الاستقرار والدخول في مواجهات متوالية.
دوامة الاستقرار والتصعيد
وقد يكون خيار تغليب الاستقرار، الساعية فيه جهات دولية وإقليمية، يتقدم على الخيارات الأخرى، في انتظار الانتخابات النيابية، وإطلاق مسار سياسي جديد قوامه نتائجها. وفي هذا السياق تتركز الجهود الدولية على توفير مساعدات إنسانية لدعم الاستقرار ومنع التدهور وصولاً إلى انفجار ما.
لكن بعض الأطراف يعتبر أن الانتخابات تحتاج إلى تصعيد سياسي شعبوي، قد ينعكس على الواقع الاجتماعي والسياسي مزيداً من التوتر، يجعل البلاد غير جاهزة للانتخابات.
لذا يصبح اللبنانيون أمام مفاضلة جديدة: الاستقرار أو الانتخابات، فيما القوى الدولية مصرة على إجراء الانتخابات في موعدها، وتنظر إليها كمحطة مفصلية للدخول في مرحلة سياسية جديدة.
حزب الله والخليج
هذه الحال تقود لبنان إلى مزيد من الاستنزاف، وسط البحث عن تغيير مفترض لا بد له أن ينجم عن مسار الإنهاك المستمر، وعلى وقع تخبط القوى السياسية اليومي للوصول إلى تغيير أساسي قد يطال التركيبة السياسية وآلية تكوينها.
وحزب الله من ضمن هذه القوى التي تجد نفسها مضطرة لتغيير المسار، وخصوصاً في لحظة استشعاره باغترابه عن البيئات اللبنانية المتنوعة الرافضة اجتماعياً وسياسياً استمرار سيطرة سلاحه. لكن هذا ليس بالضرورة أن ينعكس في نتائج الانتخابات التي تجري في الأشهر المقبلة. وهي قد تكون مرتبطة بتسوية سياسية كبرى مستمدة من تسوية إقليمية. وهنا لا يمكن إغفال الأثر الخليجي في الشروط التي تضعها السعودية على لبنان.
وهذا يوحي بمدى الاهتمام الخليجي والسعودي تحديداً بالوضع اللبناني. فبعد الموقف الفرنسي السعودي المشترك، تأتي جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الخليجية، والتي يحمل خلالها الملف اللبناني كأحد البنود الرئيسية المطروحة على الطاولة، في محاولة منه لإيجاد موقف خليجي موحد من الوضع اللبناني.
وبذلك يعمل على تقوية الموقف السعودي وشروطه المعروفة، لا سيما أن البيانات التي صدرت في ختام كل لقاء تشارك فيه السعودية، تتضمن مواقف واضحة بشأن الملف اللبناني: ضرورة حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، وإنجاز الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة. وهذه الشروط الواضحة والمرتفعة السقف، لا مجال لتطبيقها حالياً، ولا بد من انتظار مسار التطورات الإقليمية والدولية لطرحها على طاولة التفاوض مجدداً برعاية إقليمية ودولية.