أحمد الأيوبي – أساس ميديا
أعلن نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد أنّ “مجلس الأمن الدولي هو المرجع الوحيد الصالح لتقرير مصير المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان، لكونها أُنشِئت بموجب القرار 1757 الصادر عن المجلس، ومن واجب الأمين العام للأمم المتحدة الاتصال والبحث عن التمويل البديل في حال وقوع قصور في تمويل المحكمة”، مؤكّداً أنّ “القضاء اللبناني سبق أن تنازل عن صلاحياته لها، والقرار الصادر عنها بإدانة سليم عيّاش يؤكّد صوابيّة الاتّهام الذي وجّهه الرأيُ العام إلى النظام السوري و”حزب الله” بالوقوف وراء جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
وقال النقيب المراد في حديث إلى “أساس” إنّ “المحكمة تنتهي في حالتين: الأولى لو لم تكتمل أعمالها، أو فشلت في إتمامها. وهنا تكون السلطة المطلقة لمجلس الأمن بإلغائها. والحالة الثانية عندما تعلن المحكمة انتهاء أعمالها، فترفع الأمر إلى مجلس الأمن وتقدّم تقريرها بهذا الخصوص، فيعلن المجلس إنهاء أعمالها، فيلتغي وجودها كمحكمة”.
النقيب المراد لـ”أساس”: لبنان هو من طلب إنشاء هذه المحكمة، لكنّ الجهة، التي كانت متحمّسة لهذه المحكمة، لم تعد متحمّسة بعد صدور الحكم الذي اعتبرته في مكانٍ ما مخيّباً للآمال. وهنا نتحدّث عن كلّ الجهات المعنيّة، لأنّ كلّ ما يسمّى بـ 14 آذار علّق الآمال على هذه المحكمة، تقابله جهة كانت ضدّ إنشائها
وشرح المراد: “أمّا بالنسبة إلى التوقّف عن العمل في حال وجود أسباب جدّيّة تجعلها غير قادرة أو مقتدرة على الاستمرار في عملها، ومنها التمويل، فإنّها تبلّغ الأطراف المعنيّة ومجلسَ الأمن بعدم القدرة على الاستمرار في ظل عدم وجود تمويل لعملها. عندئذٍ يجب الرجوع إلى النظام الداخلي الأساسي للمحكمة ولقرار مجلس الأمن 1757 الذي يقول في حالة كهذه إنّه إذا توقّفت إحدى الدول المانحة أو البعض منها عن التمويل، فعلى الأمين العام للأمم المتحدة أن يبحث ويسعى ويتّصل من أجل تأمين هذا التمويل لحسن سير عمل المحكمة”.
وأضاف المراد: “من الناحية القانونية، جاء النص على إطلاقه بدون أن يخصّص لبنان كدولة معنيّة بالقضية. أمّا من الناحية الواقعية، فالمحكمة أُنشِئت بناءً على طلب لبنان، على الرغم من الخلافات الداخلية التي كانت سائدة، غير أنّ قرار مجلس الأمن صدر بصورة مستقلّة بسبب عدم توافر كل المستلزمات الدستورية له. واتّخذ مجلس الأمن القرار بإنشاء هذه المحكمة ووضع شروطاً، منها مساهمة لبنان بنسبة 49%، والدول الأخرى 51%”.
وتابع: “المفارقة أنّ لبنان هو من طلب إنشاء هذه المحكمة، لكنّ الجهة، التي كانت متحمّسة لهذه المحكمة، لم تعد متحمّسة بعد صدور الحكم الذي اعتبرته في مكانٍ ما مخيّباً للآمال. وهنا نتحدّث عن كلّ الجهات المعنيّة، لأنّ كلّ ما يسمّى بـ 14 آذار علّق الآمال على هذه المحكمة، تقابله جهة كانت ضدّ إنشائها”.
وقال إنّه “حين صدر الحكم علّقتُ عليه بإيجابية لأنّه ثبّت القناعة، التي كانت لدى اللبنانيين، بأنّ هذا الاغتيال كان مخطَّطاً له وعلى درجة عالية من الحِرَفيّة. وأُدين شخص واحد، وانكشفت هوية الشخص المدان. وردّت محكمة الاستئناف له الاستئناف، وهذا يعني أنّ الحكم أصبح قطعيّاً بالنسبة إليه، وأشار بوضوح إلى الدور السوري. بالمعنى القضائي قدّم الحكم نتيجة واضحة، ولكن كانت الآمال معقودة على أكثر من ذلك، ليس فقط الإشارة إلى الجهة الفاعلة، بل كان مَن يرى وجوب أن تُحاكَم هذه الجهة، لكنّ قرار المحكمة ونظامها لا يسمحان بمحاكمة أحزاب وأنظمة، وهنا تكمن المشكلة”.
هل يمكن للقضاء اللبناني أن يستردّ الملفّات التي تعمل عليها المحكمة؟
أوضح النقيب المراد أنّ “قضاءنا الوطني تنازل عن صلاحياته حين أُنشِئت هذه المحكمة، ولا يمكن إعادة المحاكمة في هذا الموضوع، فلا يمكن محاكمة سليم عيّاش مرّة أخرى في لبنان لوجود حكم صادر بحقّه، ولا يمكن محاكمة الأشخاص الثلاثة الباقين لأنّ المحكمة برّأتهم لعدم كفاية الدليل، لكن يستطيع القضاء اللبناني أن يستعيد صلاحياته في القضايا الأخرى التي لم تُقدَّم للمحاكمة. أمّا القضايا التي لا تزال قيد المحاكمة فتبقى في نطاقها، والمحكمة ستظل منعقدة، وتبقى يد القضاء اللبناني مغلولة في الجرائم المرتكبة بحقّ مروان حماده، إلياس المر وجورج حاوي. فهذه المسائل تضع المحكمة يدها عليها، ولا يمكن لأحد أن يضع يده عليها، إلا في حالة واحدة: إذا صدر قرار من مجلس الأمن، قبل صدور الحكم، بإنهاء أعمال المحكمة، وليس بوقفها عن الأعمال”.