كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
عاد سعد الحريري إلى بيروت، فيما التركيز سيكون عما اذا أودعه المصريون “كلمة السرّ” التي من شأنها أن تغيّر المشهد اللبناني، في ضوء التأكيدات التي تصدر عن المحيطين بالرجل عن حسمه قرار الاعتذار عن تأليف الحكومة، بانتظار تحديد اللحظة المناسبة.
ومع ذلك، يعتقد العونيون أنّ هذه اللحظة لم تحن بعد. يقولون إنّ الحريري ذاهب حكماً إلى الاعتذار، كما تدل الظروف الاقليمية المحيطة، وهو العامل الذي يؤخّر تأليف الحكومة كما سبق وحذرنا مرات عدة من أنّ رئيس “تيار المستقبل” ليس على استعداد للقيام بأي خطوة اذا لم يحظ بموافقة سعودية، وهي لن تتم. ولذا هو لن يقدم على قرار التأليف مهما كانت طبيعة العروض الحكومية التي ستوضع على طاولته، معتمداً أسلوب الالتفاف ورمي الاتهامات على فريق رئيس الجمهورية بينما العلّة تكمن لدى رئيس الحكومة المكلف.
ويقول هؤلاء إنّ الحريري قد يرحّل هذا القرار إلى شهر أيلول المقبل، لتكون المدة الفاصلة بين اعتذاره وتسمية رئيس حكومة جديد، وتأليف الحكومة، لا تكفي سوى لإجراء الانتخابات النيابية، مشيرين إلى أنّه لن يسمح لأي رئيس حكومة سيخلفه، حتى لو خرجت تسميته من تحت عباءته أو عباءة نادي رؤساء الحكومات السابقين كما حصل مع مصطفى أديب، بتحقيق أي انجاز، باستثناء اجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
كما أنّ تأجيل القرار لشهرين أو ثلاثة، قد يساعده على دخول مدار الانتخابات النيابية من صفوف المعارضة سريعاً، كي يكون وقع هذا الخطاب أكثر فعالية لدى الجمهور. ولهذا يميلون إلى الاعتقاد أنّ رئيس “تيار المستقبل” سيحتفظ بورقة التكليف لمزيد من الوقت في جيبه قبل أن يرمي بها في فضاء البازار السياسي. إلا أنّ الأكيد هو أنّ الحاضنة الاقليمية التي كوّنت الحريرية السياسية، قررت شطبها، وهذا هو العامل المؤثر، بنظرهم.
ويضيفون بأنّ التطورات الدولية والاقليمية وآخرها الاجتماع الأميركي – الفرنسي – السعودي أثبتت بأنّ الحريري لن يدخل السراي بسبب الرفض السعودي له، وهو بالنتيجة لن يجرؤ على فعلها من دون الغطاء السعودي، مؤكدين أنّ سيناريو اكتفائه بالغطاء المصري لكي يؤلف حكومة غير مرغوب فيها سعودياً، فيه الكثير من المبالغة والمغالاة في تقدير اندفاعة الرجل نحو المجهول. وهو بالتالي، محشور في خياراته بين “الاعتذار والاعتذار”، ليبقى الهامش المتاح أمامه هو التوقيت ووضع فيتو على من سيخلفه.
حتى أنّ البطاقة التمويلية التي تنتظر الآلية التنفيذية وتسليحها بالتمويل كي لا تبقى حبراً على ورق بعدما أدى مجلس النواب قسطه للعلى رامياً الطابة في ملعب حكومة “شبه متوفاة”، يعتقد بعض العونيين أنّ وضعها موضع التنفيذ يتطلب عملاً جباراً وشهوراً من العمل ومجموعات عمل كبيرة، يُخشى من أن تعجز حكومة تصريف الأعمال عن القيام به، خصوصاً وأنّ هذه الحكومة تصرّ على شلّ يديها فيما القوى السياسية تضع العصي في دواليبها وتتصرّف بكثير من اللامسؤولية تجاهها، الا اذا قررت القوى السياسية أن تجعل من هذه البطاقة التمويلية أشبه برشوة انتخابية فيتم “حشر” اللوائح على قاعدة المحسوبيات… وكل ذلك بانتظار عاملين حاسمين: المفاوضات الدولية والاقليمية، والانتخابات النيابية.
يجزم العونيون بأنّ الانتخابات ستجرى في موعدها ذلك لأنّ القوى السياسية على خلافاتها، ستسعى جاهدة لكي تبرز حجمها الشعبي أمام المجتمع الدولي وأمام الرأي العام اللبناني لكي تثبت بأنّ ما أفرزه الشارع والحركات الانتفاضية ليس سوى رد فعل غاضب، لا يمت للمجموعات التي تدّعي تمثيل الشارع، بصلة. ولهذا ستسعى القوى السياسية إلى إبراز أرقام صناديق الاقتراع ووضعها على طاولة المجتمع الدولي الذي سيضطر للتعامل مع النتائج أياً تكن، لافتين إلى أنّ أياً من القوى السياسية لا يخشى معمودية الانتخابات النيايبة لا بل يعتبرها طوق نجاته من سيف الانتقادات والتهم بفقدان المشروعية الشعبية، والكل يعمل على أنّها ستجرى في موعدها.