في انتظار ما يمكن ان تؤول اليه جولة الاتصالات التي يبدو انطلقت من جديد على الخط الحكومي، لمحاولة رأب الصدع بين بعبدا وبيت الوسط، وتبيان ما اذا كانت ستلقى مصير سابقاتها ام ستتمكن من فتح ثغرة في جدار الأزمة المستفحلة، تقول مصادر سياسية مقرّبة من الضاحية لـ”المركزية”، إن حزب الله يريد إنجاز حكومة سريعا، لأكثر من اعتبار، شعبي- اجتماعي – معيشي يعنى اولا بوضع بيئته الحاضنة الداخلي، حيث لا طاقة باقية لديها، تماما كما كل اللبنانيين، لتحمّل تبعات التعطيل والمماطلة المتماديين.
بحسب المصادر، الحزب ما عاد قادرا على لعب دور الرافعة للعهد طالما هو مستمر في هذا التصلّب الذي يدفع الناسُ ثمنه. وهي تلفت الى ان المسألة تتعلّق هنا في شكل محدد ومباشر برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. فذهاب الاخير بعيدا في حربه مع الرئيس المكلف سعد الحريري، لا ترضى عنه حارة حريك، وترى ان مساعي ميرنا الشالوحي للتخلّص من سيّد بيت الوسط، تجاوزت كل الخطوط الحمر، حيث ان وجود الحريري في السراي، مطلبٌ وحاجة للحزب في آن، كما انه يخشى استفزاز الشارع السني من خلال تخطي زعيمه الاول. واذ تلفت الى ان هذا الموقف المتحفّظ على أداء باسيل، ينطلق ايضا من كون الاخير وتكتّله لا يوفّران فرصة للتصويب على حليف الحزب الرئيس نبيه بري، تشير المصادر الى ان حارة حريك تتمسّك أيضا بالمبادرة الفرنسية، وتريدها، تماما كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر مطلع ايلول الماضي. فما جاء فيها لناحية التأليف، لا غبار عليه ابدا في الضاحية التي اعترضت فقط على بند اجراء انتخابات نيابية مبكرة.
من هنا، تضيف المصادر، لم يعارض الحزب يوما المبادرة في العلن، ولا وَقَف في الصفوف الامامية لمواجهتها وإسقاطها، على عكس باسيل، الذي من حيث يدري او لا يدري، لعب الدور الاول والرئيسي في فرملة المسعى الفرنسي، الى درجة تعطيله في شكل شبه تام.
ومع ان المصادر تقول ان الحزب ليس قادرا لا على دعم باسيل للرئاسة بعد فرض عقوبات عليه، ولا هو قادر بعد اليوم على تأمين الغطاء للعهد وكلّ أخطائه، تشير اوساط دبلوماسية عبر “المركزية” الى ان كل هذه المعطيات لا ترجمة عملية لها، حتى الساعة.
فالحزب الذي لا ينفك يؤكد انه “لم يلمس اي فيتو فرنسي على دوره السياسي في لبنان”، لم يتدخّل لانقاذ المبادرة الفرنسية، بل اكتفى بالتفرّج على باسيل ينحرها ويضع الشروط امام ولادتها والعصي في دوليب الحريري. وفي رأي هذه الاوساط، الحزب لا يريد التشكيل الآن. وعليه، تستبعد قيام حكومة في لبنان قبل التوصل الى اتفاق اميركي – ايراني – سعودي، طالما ان الحزب ربط بيروت وملفاتها كلّها، بالمحور الايراني. وهذا التفاهم لن يحصل قبل الربيع المقبل كحد أدنى، وحينها، وخلال المفاوضات المرتقبة، قد تقدّم ايران تنازلات، منها ضغط الحزب على الرئيس ميشال عون وباسيل، لوضع حد للعبة الشروط، والافراج عن الحكومة… على امل ان يصمد لبنان الى ذلك الحين، تختم الاوساط.