كشف مركز “بيو” للأبحاث أن 40% من الشباب الأميركيّين يعتمدون على المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، على الرغم من افتقارهم للتدريب الصحفي الرسمي أو الخبرة في مجال الأخبار.
أظهر التقرير أن ما يقرب من 40% من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً يتابعون المستجدات السياسية والأحداث الحالية من خلال ما يسمّى “المؤثرين الإخباريين”. واللافت أنّ غالبية هؤلاء المؤثرين – بنسبة تصل إلى 77% – لا يرتبطون بمؤسسات إعلامية ولا يمتلكون خبرة سابقة في العمل الصحفي.
تعكس هذه النتائج تحولًا كبيرًا في مشهد الإعلام، حيث يتجه الشباب بشكل خاص إلى مصادر غير تقليدية للحصول على معلومات حول موضوعات مهمة مثل السياسة، القضايا الاجتماعية، والاقتصاد.
الأثر على المشهد الإعلامي التقليدي
جاءت هذه الدراسة، التي استندت إلى آراء 10,000 بالغ و500 مؤثر إخباري في الولايات المتحدة، بعد انتخابات رئاسية مثيرة للجدل. اعتمد المرشحون في هذه الانتخابات بشكل كبير على صناع المحتوى عبر الإنترنت لنشر المعلومات وتحفيز الناخبين. على سبيل المثال، في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، تم التعامل مع بعض صناع المحتوى كصحفيين، بينما استبدل آخرون الصحفيين التقليديين، حيث ألغى الرئيس السابق دونالد ترامب مقابلات مع وسائل إعلام رئيسية وأجرى حوارات مع مشاهير الإنترنت مثل جو روغان ولوجان بول.
هذا التحول دفع البعض للتساؤل حول ما إذا كانت المؤسسات الإخبارية التقليدية تفقد أهميتها مع زيادة اعتماد الأميركيين على المؤثرين وصناع المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي. إيلون ماسك، مالك شبكة “إكس” (تويتر سابقاً)، دعم هذا التوجه، حيث كتب لمتابعيه البالغ عددهم 200 مليون شخص بعد فوز ترامب: “أنتم الإعلام الآن”.
تأثير المنصات الرقمية على الأخبار
تُعد منصة “إكس” الأكثر شعبية بين المؤثرين الإخباريين، إلا أن تطبيقي “تيك توك” و”يوتيوب” يضمان أكبر نسبة من المؤثرين الذين يجنون أرباحاً من محتواهم الإخباري دون خلفية صحفية. ووفقاً للتقرير، فإن 84% من المؤثرين الإخباريين على “تيك توك” لم يعملوا في الصحافة سابقاً، وثلاثة أرباعهم يعتمدون على أساليب تحقيق الدخل مثل طلب التبرعات، بيع المنتجات، أو تقديم محتوى حصري عبر الاشتراكات.
في المقابل، يلتزم الصحفيون في المؤسسات الإعلامية التقليدية بمعايير مهنية تشمل وجود مدققين للحقائق ومحررين لضمان الحياد والدقة. في حين أن المؤثرين غالباً ما يخلطون بين الرأي الشخصي والمعلومات، ويتبنون مواقف واضحة تجاه القضايا السياسية والاجتماعية، ويحققون أرباحاً مباشرة من محتواهم.
وجهة نظر الجمهور
على الرغم من الانتقادات، يشعر كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن المعلومات التي يقدمها المؤثرون أكثر فائدة وفريدة مقارنة بالمصادر التقليدية. وأفاد 65% من الأميركيين الذين يعتمدون بانتظام على المؤثرين الإخباريين بأنهم ساعدوهم على فهم الأحداث والقضايا المدنية بشكل أفضل.
مستقبل التعاون بين الإعلام التقليدي والمؤثرين
لم يحقق التقرير في مدى تعاون المؤثرين مع المؤسسات الإخبارية التقليدية، لكنه أشار إلى احتمال زيادة هذه الشراكات مع استمرار تحول الجمهور إلى وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر أساسي للأخبار.
في هذا السياق، أطلقت “ياهو نيوز” برنامجاً لدعم صناع المحتوى، حيث تدفع لهم نسبة من عائدات الإعلانات مقابل نشر محتوى على منصتها. وعلى الرغم من أن “ياهو نيوز” تعتمد بشكل أساسي على تجميع مقالات من منشورات أخرى، إلا أن هذا النموذج قد يمثل خطوة نحو مستقبل يتكامل فيه الإعلام التقليدي مع المؤثرين الرقميين.
نظرة أعمق إلى الدراسة
استند تقرير مركز بيو إلى تحليل مئات الحسابات الإخبارية للمؤثرين التي يتجاوز عدد متابعيها 100,000 شخص، واستطلاع آراء أكثر من 10,600 بالغ أميركي حول عاداتهم الإخبارية، بالإضافة إلى مراجعة محتوى أكثر من 100,000 منشور على منصات “فيسبوك”، “إنستغرام”، “تيك توك”، “إكس”، و”يوتيوب” خلال شهري تموز (يوليو) و آب (أغسطس).
تعكس هذه الدراسة واقعاً جديداً حيث أصبح المؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي لاعبين رئيسيين في عالم الإعلام، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الصحافة التقليدية ودورها في ظلّ هذا التحول.