بعد أكثر من 7 أشهر على صدور «قانون الدولار الطالبي»، وقع الطلاب اللبنانيون في الخارج ضحية الوعود العرقوبية للسياسيين، وابتزاز المصارف والصيارفة، على مرأى من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فيما الخشية من أن تكون المصارف تستخدم هذا القانون لتهريب أموال إلى الخارج أو، على الأقل، إعطاء ما لا تملك إلى من لا يستحق، وتحويله إلى باب للتنفيعات.


ويعزّز هذه الشكوك ما أعلنه الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، في بيان قبل أسبوع، عن تحويل 240 مليون دولار إلى نحو 30 ألف طالب «توافرت فيهم الشروط»، فيما أشار سلامة، في تصريح تلفزيوني قبل أيام، إلى تحويل 230 مليون دولار إلى هؤلاء.

 

هذه الأرقام أثارت شكوك «جمعية أهالي الطلاب» حول وجود «قطبة مخفية»، خصوصاً أن التحويلات المالية التي يفترض أنها وصلت إلى الطلاب «لم يستفِد منها أكثر من 30 في المئة منهم، من أصحاب الودائع تحديداً»، بحسب رئيس الجمعية سامي حمية. وأوضح أن المبالغ التي حُولت إلى حسابات الجامعات عن هؤلاء الطلاب «تراوحت 2000 و4000 دولار كحدّ أقصى لكل طالب». علماً أن القانون 193 (الدولار الطالبي) ينصّ على تحويل 10 آلاف دولار لكل طالب وفق سعر الصرف الرسمي (1500 ليرة للدولار). حمية سأل ما إذا كانت التحويلات تمّت من خارج القانون الذي «لو طُبّق بكل مندرجاته، فإن تكاليفه لا يفترض أن تتجاوز 70 مليون دولار، باعتبار أن عدد الطلاب لا يتجاوز 7 آلاف طالب، فمن هم الـ 30 ألفاً الذين استفادوا من التحويلات؟».

 

ووفق معطيات الجمعية فإنّ 30 في المئة فقط من الطلاب، أي حوالى 2100 طالب، استفادوا من تطبيق القانون. ومع افتراض أن كل هؤلاء استفادوا من تحويل بعشرة آلاف دولار (علماً أن هذا لم يحصل مع أيٍّ ممن تعرفهم الجمعية)، فإن مجموع التحويلات لا يجب أن يتجاوز 21 مليون دولار! ناهيك أن الفارق بين رقمي صادر (240 مليون دولار) وسلامة (230 مليون دولار) يكفي وحده لتطبيق القانون على نحو 1000 من الطلاب!

 

حمية طالب القضاء بفتح «تحقيق شفاف وإلزام الحاكم تزويد الجمعية بجداول بأسماء الطلاب المستفيدين والمبلغ الذي دُفع لكل منهم». وبدا للجمعية أن الأموال حُولت من خارج تطبيق القانون 193، ولو طُبّق القانون بكل مندرجاته، لكانت تكاليفه لا تتجاوز، كما قال حمية، 70 مليون دولار، باعتبار أن عدد الطلاب لا يتجاوز 7 آلاف طالب، فمن هم الـ 30 ألفاً الذين استفادوا من التحويلات؟

 

حمية حمّل سلامة مسؤولية «بعثرة الأموال العامة واختلاس حقوق الطلاب»، داعياً وزير المال غازي وزني إلى تحويل هذا الملف إلى التدقيق المالي الجنائي. ولفت إلى أن نحو 150 وليّ أمر، بالتنسيق مع الجمعية، رفعوا دعاوى أمام القضاء المستعجل ضد المصارف من دون أن يصدر أي قرار بشأنها حتى الآن، «وإن كانت بعض القرارات الجريئة صدرت سابقاً عن قضاة العجلة، لجهة إلزام المصارف تحويل مبلغ 10 آلاف دولار، وفق سعر الصرف الرسمي، ولكن ليس لمن ليست لديهم ودائع، إذ لم تفتح المصارف حسابات جديدة».

 

حمية لفت إلى أنه «بعدما خضعنا في مرحلة أولى لاستغلال الصيارفة الذين لم يلتزموا تعميم مصرف لبنان الذي سبق إقرار القانون ويتعلق بتحويل 2500 دولار للأقساط و1000 دولار للمصاريف، إذ بقي هؤلاء يدفعون مبالغ بسيطة للأهالي ويجبرونهم على التوقيع على مبالغ أكبر، رُمينا اليوم في أحضان جمعية المصارف والمصارف. وهذه تطبق القانون استنسابياً بالتهديد تارة وبالترغيب تارة أخرى، وتطلب من البعض التخلي عن الدعاوى القضائية كشرط أساسي للتفاوض وتحويل الأموال. ناهيك عن التفاوت بين المصارف، فمنها من سهّل أمور الطلاب وإن لم يطبق القانون بحذافيره، ومنها من لم يقبل تقديم الطلبات في الأساس».

 

وكانت الجمعية طالبت رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود بإعطاء توجيهات للقضاة المعنيين لإصدار الأحكام القضائية بحق المصارف في أسرع وقت ممكن، «لأن الطلاب معرضون للفصل من جامعاتهم». كما طلبت تدخل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لدى المصارف لتطبيق قانون الدولار الطالبي، فـ«أبلغنا بأنه أحال كتاباً إلى سلامة طلب فيه تزويده بأسباب التأخير، واعداً بمتابعة الملف».
وكان بعض أهالي الطلاب نفّذوا اعتصاماً في زحلة، أمس، احتجاجاً على ممارسات المصارف بحق أولادهم.