كتبت “المركزية”:
ستّون يوما بالتمام تفصل لبنان عن الجلسة النيابية الاولى، وعسى ان تكون الاخيرة، المخصصة لانتخاب رئيس جمهورية خلفا للرئيس ميشال عون، بالاستناد الى قرار رئيس مجلس النواب نبيه بري وعزمه على عقدها في 5 ايلول المقبل، مع الافتتاح الرسمي لمهلة الشهرين قبل انتهاء الولاية الحالية في 31 تشرين الاول المقبل. وهو ابلغ من راجعه من السفراء المعتمدين في لبنان انه سيوجه الدعوة في الاول من ايلول ولن ينتظر الايام العشرة الاخيرة، بحسب ما تؤكد اوساط قريبة من عين التينة.
حرص الرئيس بري ليس محصورا فقط بالتزامه الدستور ووجوب انتخاب رئيس خلفا لعون الذي سجل النفور بينهما رقما قياسيا طوال الولاية الرئاسية وبقيت الكيمياء غائبة في شكل تام، ولو ان الاول يعد الايام والساعات على خروج عون من قصر بعبدا، بل يمتد الى ما هو أبعد، ويتصل بحسب ما تعتبر مصادر سياسية متابعة عبر “المركزية”برغبة بري بقطع الطريق على اي احتمال لوصول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى الرئاسة، وهو يدرك ان الطريق مقطوع سلفا والزمن الاول الذي اتاح وصول “عمه” الى بعبدا تحوّل، لكنه يستعجل عقد جلسة علّها تفتح الدرب امام حليفه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، السوري الهوى، لا سيما بعد سلسلة مواقفه اخيرا عن ان لا دولة تقوم بجيشين وربطه حل ملف سلاح حزب الله بالقرار الاقليمي. ويركن بري في موقفه هذا الى مساندته من حلفائه الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري، فيما يتبنى حزب الله ويطرح اسم باسيل مرشحا رئاسيا، وقد تم ابلاغه بالامر، بحسب المصادر، ليس لايصاله بل لاستخدامه مرشح تحد وورقة قوة يقبض في مقابل التفاوض عليها ثمنا من خلال فتح قناة تفاوضية مع الغرب عن طريق باريس، وهو ان لم يتمكن من ايصاله، الا انه وكما قال باسيل في آخر اطلالاته، ان لم يكن مرشحا يكون صانع رئيس ، كما يمكن لطهران استخدام الورقة هذه وتوظيفها في بازار مفاوضاتها الاقليمية والدولية. الا ان الحزب، وفق المصادر، يحاذر راهنا مقاربة ملف انتخابات رئاسة الجمهورية تجنبا لتداعيات الموقف ونشوب خلاف بين حليفيه باسيل وفرنجيه او اغضاب الرئيس عون. ولذلك يبتعد عن تحديد موقفه ويفضل ان يبقيه غامضا لاعتبارات سياسية تتعلق بالتطورات في الخارج والملف النووي والمفاوضات الاميركية -الايرانية بشأنه، اضافة الى المفاوضات الايرانية- السعودية المتوقع انعقادها علنا قبل نهاية الشهر الجاري في بغداد. ولان اهتمام الحزب يتركزعلى المفاوضات النووية ومستلزمات الاجندة الايرانية، يلجأ الى ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ويحاول استثماره في السياسة لمصلحة طهران و”النووي” ويدخل عبره لاحقا وتبعا لنتائجه الى الاستحقاق الرئاسي.
ولكن، ماذا لو اتفقت قوى المعارضة ونواب التغيير على مرشح رئاسي واحد، هل يقاطع نواب الحزب والتيار جلسات انتخاب الرئيس؟ يكشف سياسي قريب من الضاحية لـ”المركزية” ان حزب الله لن يقاطع الجلسات كما في العام 2014، حينما تمكن بالمقاطعة من فرض العماد ميشال عون رئيسا بعد عامين ونصف العام من الفراغ، بل سيشارك ايا كان المرشح او المرشحون. وقد ابلغ حلفاءه بموقفه، من دون ان يخفي خشيته من ان تقدم قوى المعارضة والتغييرعلى التعطيل اذا لم تتمكن من تأمين فوز مرشحها، خصوصا انها تمسك بالثلث المعطل،وحرصا على منع ايصال مرشح قوى 8 اذارالذي تبدو حظوظه كبيرة، بحسب رأي الحزب… ولكن وبحسب اوساط دبلوماسية عليمة، لا مكان في بعبدا في ظل الوضع القائم في لبنان اليوم لمرشحي التحدي لا من 8 ولا من 14 اذار ولا رئيس جمهورية الا من بين الحكماء المعتدلين الذين اثبتت التجربة اعتدالهم وقدرتهم على الانقاذ، والمطروحون لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة، منهم المعروف ومنهم من يبقى حتى اللحظة خلف الكواليس حرصا على عدم احراقه.