أعلن المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري انه “من المؤسف والمؤلم جداً أن يصدر الكلام المنقول عن فخامة رئيس الجمهورية في جريدة “الأخبار”، في ما البلاد تواجه سيلاً من الأزمات الصحية والأمنية والسياسية وتشهد العاصمة الثانية طرابلس هجمة منظمة تثير الريبة في أكثر من اتجاه. يبدو ان البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجني على الآخرين. ومما يفاقم الأسف الا تبادر دوائر القصر الجمهوري الى نفي الكلام وتوضيحه ، منعاً لتحميل فخامة الرئيس وموقع الرئاسة مواقف وروايات غير صحيحة ، لا تستوي مع مكانة الرئاسة ومسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف الصعبة”.
وتابع في بيان: “قد رأينا وجوب الإضاءة على بعض النقاط التي وردت في “مقالة ” فخامته ، بما يعيد تصويب الحقائق ويجنب الرأي العام اللبناني الوقوع في حبائل الخبريات المسمومة .
اولاً – الواضح من السياق الكامل للكلام المنسوب ، ان دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية ، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة ، وقد ورد قوله وفقاً للمقال : “لن أفرّط بما أنجزناه خلال السنوات الأخيرة، بجعل الفريق المسيحي شريكاً فعلياً وليس صنيعة الآخرين الذين يفرضون مشيئتهم عليه. هنا مصدر صلاحياتي الدستورية ومسؤولياتي السياسية”.
ولعل دوائر القصر تعلم ، ولا تريد ان تعترف ، بانه ليس سعد الحريري من يفرّط بحقوق المسيحيين ودورهم ومكانتهم في الدولة والسلطة والمؤسسات ، والا لما كان العماد ميشال عون في موقع رئاسة الجمهورية الان . وان سعد الحريري ابن مدرسة سياسية عبرت الطوائف منذ عقود وآمنت بالعيش المشترك قولاً وفعلاً ونصوصاً دستورية. إن نقل الخلاف السياسي الى ساحة التطييف ، محاولة غير موفقة ومرفوضة ولن تمر ، لتنظيم اشتباك اسلامي – مسيحي ، يفترض البعض انه أقصر الطرق الموحلة لتعويم من يريدون تعويمه وتعبيد طريق بعبدا للارث السياسي”.
وأضاف ثانيًا: “يقول فخامته في المقالة “في أحد اجتماعاتي مع الرئيس سعد الحريري، قال لي إنه الرئيس المكلف وهو مَن يؤلف الحكومة كلها. طبعاً هذا لم أسمح به قبلاً، ولا الآن. بحسب المادة 53 “، والقول هنا في غير مقامه ومجرد وهم وقراءة خاطئة . فأي عاقل يمكن ان يتصور تمسك الرئيس المكلف بحق حصري في ولادة الحكومة وهو اول من يدرك ان مراسيم التشكيل تصدر بالاتفاق بين الرئيسين . الدستور واضح وليس من داعٍ لاستخدامه في الحسابات والحصص السياسية . رئيس مجلس الوزراء يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مراسيم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الجمهورية … وخلاف ذلك تفسيرات غب الطلب”.
وتابع: “في المقال ايضاً كلام لفخامته: “من الطبيعي أن يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين بسبب إحجام الأفرقاء المسيحيين عن المشاركة (…) واخترع الثلث +1 على أنني أطالب به. هذا غير صحيح، ولم أطالب يوماً بالثلث +1 ( …) طالبت بستة وزراء، أي خمسة +1. هذه حصة التمثيل وليست حصة التعطيل. (… )عندما تسأله عن الوزراء الشيعة، يقول إنه متفاهم مع الرئيس نبيه برّي على وزارة المال، ومع حزب الله على وزرائه. في النتيجة يسمّي وليد جنبلاط وزيره، والشيعة وزراءهم، وحزب الطاشناق وزيره، وسليمان فرنجية كذلك، والحريري يسمّي الوزراء السنّة، ويريد أن يكون شريكاً في تسمية الوزراء المسيحيين. هذا ما لا يمكن القبول به، لأنه يخلّ بالتوازن داخل الحكومة”.
وقال: “لقد غاب عن فخامة الرئيس انه أودعني قائمة بمجموعة اسماء ، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص ، نشر معظمها في المقال ، كما غاب عن فخامته ان الحل الذي اعتمد لوزارة المال تم بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا ، بدليل ان الورقة التي سلمني اياها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة . اما الثلث المعطل فله كما يعلم شأن آخر يقودنا الى ورقة توزيع الحقائب على الطوائف وممثلي القوى السياسية ، وهي ورقة تشكل خرقاً تاماً لمبدأ تشكيل حكومة من اهل الاختصاص ، وتستدرج التشكيلة تلقائياً الى خانة الثلث المعطل”.
وشدد على انه “في المحصلة يستحسن العودة الى التأكيد اننا نطالب بحكومة من الاختصاصيين والقصر يريد حكومة من الحزبيين، والقطبية الخفية في هذا المجال لم تعد مخفية عندما يقول فخامة الرئيس في المقالة المنسوبة اليه ” سايرناه في حكومة من 18 وزيراً. يبدو أنه لا يراها إلا كما يريدها هو. لن نتحدث من الآن فصاعداً إلا في حكومة من 20 بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي”.
وأكد في البيان ان “بالمختصر المفيد؛ لن تكون هناك حكومة الا من 18 وزيراً… ونقطة عالسطر”، متابعًا: “لم أعد أفهم عليه. ما يريده اليوم هو غير ما سيطلبه في اليوم التالي ” هذه العبارة منقولة عن فخامة الرئيس لكنها تصح لتبنيها من المكلف الذي لا يكاد ان يغادر قصر بعبدا بعد كل اجتماع محملاً بالاجواء الايجابية حتى تطل العقبات من الغرف المحيطة. لقد راهن الرئيس الحريري على فتح صفحة جديدة تنقل البلاد الى مساحات من المصالحة والانجاز والانقاذ الاقتصادي ، وهو اقدم على مغامرة انتخاب العماد عون رئيساً ، مدركاً اهمية التأسيس لمرحلة جديدة لا تحكمها سياسات الانكار والتعطيل ، غير ان الرياح جرت مع الاسف بما لا تشتهي النوايا الطيبة وارادة العيش المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف”.
وقال: “لم يكن المكتب الاعلامي بحاجة لكل ما قيل، وهو الذي التزم الصمت باسم الرئيس الحريري وتصرف على قاعدة ان البلاد تحتاج التهدئة لا التوتر والحكمة في مقاربة الامور والاصول في مراعاة العلاقات بين الرئاسات وليس الجنوح نحو التصعيد”.
وختم: “المقالة الممهورة بتوقيع فخامته، فهي مع الأسف ايضاً وايضاً وايضاً، صناعة ركيكة لمعلومة ملفقة وفيها ان الرئيس المكلف اقترح “كي تحصل الحكومة على الثقة في مجلس النواب، ينبغي صرف النظر عن التحقيق الجنائي. الرئيس برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي”.
ويبدو ان فخامة الرئيس نسي او تناسى ان مجلس النواب اقر التحقيق الجنائي في ٢٠ كانون الاول ووافقت عليه كتلة المستقبل الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط ، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب . وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم .
فأية مخيلة تصنع للرئيس كل ذلك لتبرر له امام اللبنانيين سياسات التعطيل؟ وأي عقل هذا الذي يريد اشتباكاً طائفياً بأي وسيلة تارة مع هذه الجهة وتارة اخرى مع تلك. اساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم ، ولن نعطيهم فرصة الفرحة باي اشتباك اسلامي – مسيحي . ولكل مقام مقال اذا شاؤوا “.