منير الربيع – المدن
ليست المعركة السياسية الدائرة في لبنان اليوم، إلا صنيعة استحقاق الانتخابات. فالقوى المحلية والدوائر الدولية كلها أصبحت مهتمة بالاستحقاق الانتخابي بعد سنة من الآن. وحتى المبادرة الفرنسية انتقلت إلى هذه الأولوية. ولم يعد تشكيل الحكومة مهماً، في ظل ما حصل من انعدام قدرة القوى كلها – وخصوصاً رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري – على التعاون والعمل في إطار مشترك.
الحكومة تفصيل
لقد أصبحت الحكومة، على أهميتها، تفصيلاً وعنصر تعقيد، في سياق التهم المتبادلة والصراعات القائمة ورغبة الطرفين في إلغاء واحدها الآخر، وإطلاق حرب الشائعات المستمرة بينهما. وهذا كله لا يمكن أن يوفر احتمال التعاون بين الطرفين أو عملهما معاً لتشكيل حكومة.
معادلة الحكومة تتحكم بها الاستحقاقات كلها، وتحظى بالاهتمام من باب الانتخابات، ولن تكون ذات بعد اقتصادي ومالي وإنقاذي أو إصلاحي. وهناك كثر ينتظرون اعتذار سعد الحريري، ربما لطموح شخصي أو لحسابات أخرى. وتتواتر بعض المعلومات الخارجية عن أن التوجه الدولي يعمل على تشكيل حكومة انتخابات من غير المرشحين، وتحضر للمعركة الانتخابية، ليجري الالتزام دولياً ومحلياً بما تفرزه الانتخابات. وفي هذا الإطار تبرز طموحات كثيرين لتولي رئاسة الحكومة.
وتشير بعض المعطيات إلى حصول لقاءات واتصالات بين شخصيات لبنانية مع جهات خارجية، للعمل على ضوغ مثل هذه الحكومة. وهي شخصيات تعتبر أن من الضروري الاتفاق مع سعد الحريري على شخصية بيروتية تتوافق معه، ولها حيثيتها وتجربتها، لترأس حكومة الانتخابات، من دون أن تكون مرشحة لخوضها، ولا تؤثر سلباً عليه في بيروت. على أن يعود الحريري بعد الانتخابات، بناء على ما تفرزه من نتائجها.
الانتخابات هي المتن
لكن الحريري يرفض حتى الآن البحث في أي من هذه الخيارات. ولا شك في أن اعتذاره لن يكون سهلاً، فنتائجه ترتد عليه سلباً. إلا في حال اقتران الاعتذار بالإعداد لحملة سياسية معارضة، كما فعل والده سابقاً واكتسح الانتخابات في العام 2000.
لكن معارضي الحريري يعتبرون أن التجربة اليوم مختلفة جداً، وتغيرّت الظروف عنها أيام والده. وربما كان الأمر قابلاً لفعل ذلك، لو استمر سعد الحريري في المعارضة منذ استقالته ولم يكلف. وقد يظل الحريري بعيداً من خطوة الاعتذار، بسبب الاعتبارات القائمة لدى شخصيات طامحة للوصول إلى رئاسة الحكومة. لذا قد يبقى ممسكاً بورقة التكليف القوية، وعدم التنازل لميشال عون وتحميله مسؤولية التعطيل. وهذا يعزز شعبيته.
استقالات نيابية؟
إنها أكثر المراحل ضبابية. لتبقى الأزمة الاقتصادية المستمرة الأشد وضوحاً على إيقاع الأزمة السياسية. وقد تسمح الانتخابات النيابية في إعادة تكوين السلطة، باعتراف المجتمع الدولي.
ولأن المعركة هي معركة الانتخابات، فلربما تتصاعد أكثر فأكثر وتيرة تلويح القوى السياسية بالاستقالة من المجلس النيابي. وقد لا يحصل هذا حالياً. ولكنه قابل للحصول قبل أسابيع قليلة من الانتخابات، للانتقال إلى صفوف المعارضة في إطار اللعبة الشعبوية.
أما الأهم من ذلك كله، فهو استمرار الحفاظ على الاستقرار الأمني، ومنع التوترات السياسية المترافقة مع الانهيار المالي والاقتصادي، من أن تنعكس سلباً على الواقع الأمني الذي يتفجر في أي لحظة انسداد سياسي.