كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
كل ما يمر به اللبنانيون هو نتيجة طبيعية لتواطؤ أهل السلطة الفاسدة مع التجار على سرقة ونهب وتهريب كل ما هو مدعوم، ما يفتح الباب على الفنون بأساليب الغش والتزوير التي تستهدف صحة المواطن من خلال جيبه، ليتناول قوانص الدجاج لحوماً، والابقار المريضة وربما النافقة، فمع غياب الرقابة على كل شيء بدءاً من جنون الأسعار غير المبررة والتي لم تخضع للعقل والمنطق طالما لم يعلن بعد عن رفع الدعم، الى مدى صلاحية هذه السلع لاستهلاك الانسان لها.
فلا وازع لأن يتخطى سعر كيلو لحم العجول المئة ألف ليرة بحجة عدم استلام البقر المدعوم، وسعر كيلو الغنم 150الف ليرة، في وقت ان جميع الابقار والمواشي والاعلاف الموجودة في السوق اللبنانية دخلت بموجب اعتمادات مصرفية على سعر صرف 3900 ليرة، وبالتالي تنتفي مسببات ارتفاع الأسعار الى ما وصلت اليه اللحوم على انواعها من مواشٍ ودواجن، سوى الدلالة على تواطؤ واضح بين المستوردين التجار والقصّابين على رفع الأسعار، وبإبتزاز الناس بابتداع صيغة “لحوم غير مدعومة”، في ظل غياب مراقبي وزارة الاقتصاد وعدم تحديد لائحة اسعار لحماية الدعم. هكذا أضاع وزيرا الاقتصاد راوول نعمة والزراعة عباس مرتضى “شنكاش” التهريب الى سوريا والتصدير الى دول الخليج العربي بين مستورد مهرب ومتهرب وقصّاب غشاش ومزور.
لا يخفي القصّاب في إحدى ملاحم البقاع خالد الحسين في حديث الى “نداء الوطن” أن الملاحم التي أقفلت في البقاع هي لأن القصابين رفضوا تغطية المستوردين على سرقتهم للمدعوم، “يطلبون منا ان نشتري منهم بسعر مخالف، ندفع بين المدعوم والحر، ويسجل مدعوماً”، وبعملية حسابية يسعّر المستورد الابقار والمواشي على دولار 8 آلاف ليرة، معتبراً أن القصابين الذين اقفلوا ملاحمهم هم من رفضوا هذه العروض الاحتيالية. وقال ان شركة خاصة لاستيراد المواشي والابقار منذ نحو شهرين تمتنع عن تسليمهم رؤوس الابقار بحجة ان البنك المركزي لم يصرف لها اعتماداتها المصرفية، وقال ان “عمال الشركة ومسلحين يمنعون اي مواطن من الاقتراب من مزارعها بقوة السلاح بحجة انتشار عمليات السرقة والنهب”.
وفي هذا الخصوص اكد مصدر في وزارة الاقتصاد لـ”نداء الوطن” ان المشكلة في التحوّل الى “كارتيلات” مدعومة أقوى من مؤسسات الدولة، وقال: “للأسف لدى الوزارة شكاوى من قبل قصابين وموزعين ومواطنين، تتقاطع فيها المعلومات أن هذه الشركة وحدها استوردت ما يزيد عن 25 ألف رأس بقر منذ 50 يوماً، ولم تسلّم اكثر من الفي رأس للملاحم، وأنها هرّبت الى سوريا نحو ستة آلاف رأس على مدار شهر ونصف، فيما السلطات تقف متفرجة لان المستورد نافد ومدعوم من احد احزاب قوى الامر الواقع. هكذا تصبح الاعتمادات المصرفية لاستيراد البقر المدعوم هي رأسمال الصفقة أما ما يتم بيعه بسعر السوق السوداء يكون ربحاً خالصاً. وأوضح ان مراقبي وزارة الاقتصاد لم يستطيعوا الوصول الى المزارع في بدنايل بسبب انتشار مسلحين بمحيط المزارع للتحقق من صحة الشكاوى. وقال المصدر: “حجة التأخر بصرف الإعتمادات ما هي إلا لذر الرماد في العيون، بهدف المماطلة بالتسليم الى حين رفع الدعم، لأن البنك المركزي كان واضحاً مع الجميع ان صرف الاعتماد بعد 60 يوماً من استيراد السلعة”.
قوانص دجاج وأبقار مريضة
وعن فنون الغش يستعرض عامل في إحدى ملاحم البقاع الاوسط أن صاحب الملحمة يومياً يوزع عاملين لديه على محلات بيع لحوم الدواجن، ليجمعوا يومياً حوالى مئة كيلو “قوانص” بسعر 15 الف ليرة، (حالياً ارتفع السعر مع ارتفاع اسعار لحوم الدجاج)، فيقوم اللحام على خلط كل 2 كيلو لحم (بقايا اللحوم) مع كيلو قوانص واحد، ومن ثم يبيعها تحت اسم “زَور” بسعر مغرٍ مدعوم، وغالبية الذين يشترونه هم من اللبنانيين الفقراء والنازحين السوريين.
هذا عدا عن الملاحم التي تشتري الابقار المريضة والتي ذبحت بعد تعسّر ولادتها او نتيجة احتضارها بسبب مرض.
وكشف لـ”نداء الوطن” طبيب بيطري ان أصحاب المزارع في البقاع يستغلون الوضع الاقتصادي السيء ويبيعون البقر المريض بعد ذبحه في المزرعة، قال: “بعد تعذر شفاء البقرة من مرض ما وتصبح على شفير الموت يسارع صاحب المزرعة ويقوم بذبحها، ليتصل فوراً بأحد أصحاب الملاحم ويقوم بشرائها بين الـ2 مليون والـ3 ملايين ليرة”، وحذر الطبيب البيطري من استهلاك هذا النوع من اللحوم لما يحتوي من رواسب ادوية وهورمونات وفيتامينات، عدا عن انها قاسية مقارنة بلحم العجل السليم.