بقلم الكاتب صفوح منجّد
مع بدء أول أيام شهر تشرين الأول الحالي تكون أزمة إستحقاق الإنتخابات الرئاسية في لبنان قد خطت نحو إنقضاء السنة الأولى ونيّف على هذا الإستحقاق الذي لا يبدو في الأفق أيّ جدّية محلّية في تحقيقه على الرغم من أهميته ومن المتابعة الحثيثة من قِبل الهيئة الخماسية والزيارات العديدة التي يقوم بها كل من الفرنسي والقطري إلى لبنان لتقريب وجهات النظر بين القيادات والكتل النيابية اللبنانية وتوفير التوافق المطلوب لهذا الإنتخاب.
وتُبدي الدوائر الخارجية وخاصة مصادر الأمم المتحدة عدم “رضاها” لهذا الجمود المسيطر على ملف الإنتخابات الرئاسية وتعرب عن خشيتها بأن يتأخر إكتمال هذا الإستحقاق إلى نهاية العام الحالي في ضوء تصاعد الخلافات بين القوى السياسية والحزبية وإتساع هوّة الصراعات لاسيما بعد إستفحال قضية النزوح السوري الخطير بإتجاه لبنان وما يرتب على ذلك من أزمات إقتصادية وتربوية ومعيشية وفي مقدمها أيضا قضية تأمين السكن لحوالي مليونين ونصف المليون نازح يشكلون نصف عدد اللبنانيين المقيمين حاليا، كل ذلك بغياب أي إمكانية لتأمين العمل للنازحين وتوفير المدارس لأبنائهم وغياب أي معالجة فعلية عربيا ودوليا لهذه الأزمة الوجودية الخطيرة.
ووسط هذه الكارثة لم يبرز بعد أي مسؤول أو جماعة لديها الحل والعلاج السريع لهذا الغزو السوري المفاجىء لدولة مسالمة ذات إستقلال وسيادة وتاريخ عريق في المنطقة وعلى الصعيد العالمي، وغير قادرة على مواجهة وتحمّل أعباء هذه الكارثة وتأمين متطلبات النازحين في وقت يشكي فيه أبناء هذا البلد من أزماته التي يتخبط بها منذ أشهر وسنوات، فكيف والحال قد عرّض وطنهم لمشكلة قد تقود مختلف الأطراف إلى الهلاك إذا لم تسارع الجهات المعنية إلى معالجتها وأن تبادر الدولة السورية إلى تأمين عودة مواطنيها بأسرع وقت ممكن بل حالا قبل أن تستفحل الأموروتقضي على الأخضر واليابس.
هذا ووسط هذه “المعمعة” كان لافتا ما أورده حزب الله على موقع “العهد” الإلكتروني التابع له مكررا ما قاله قبل ايام المسؤول عن ملف النازحين في الحزب النائب السابق نوار الساحلين بانّ “ما نسبته 40 إلى 45 % ممن يقطنون في لبنان هم من الجنسية السورية وهذا أمر غير موجود في أي بلد في العالم” وتساءل الموقع “هل لنا أن نتخيل ماذا يعني أن يصبح نحو نصف سكان لبنان غير لبنانيين؟”.
وقد اثار هذا التصريح ردود فعل مختلفة في أوساط الحزبيين المنتمين للحزب وتسارعت التساؤلات دون التمكن من الوقوف على حقيقة هذا الموقف الذي وُصف بأنه ليس لمصلحة الحزب و”الممانعة” في الظروف الراهنة.
وسارع الكثيرون من القوى الوطنية والمعارضة إلى التساؤل عن الخطوة التي سيُقدِم عليها حزب الله للتغطية عن الموقف السابق الذي اشرنا إليه. ولم يطل الأمر حتى جاء الحل على لسان عضو المجلس المركزي لحزب الله الشيخ نبيل قاووق الذي فاجأ الجميع (دون إحم أو دستور) فشنّ حملة على الفريق المناوىء للحزب من “جماعة التحدي والمواجهة”، معتبرا أنهم بمشاريعهم الخاسرة والمغامرات غير المحسوبة وبإفشالهم المبادرات والتوافقات صاروا عبئا ثقيلا على البلد، وأنهم سبب كل الأزمات ولا يريدون الحل.
وما أراده الشيخ قاووق من وراء هذا الموقف هو واضح وجليّ ويهدف إلى حرف القرّاء والمتابعين عن تصريح النائب السابق نوار الساحلي، لكن جاء التصريح الجديد على لسان قاووق أشدّ وأدهى فإتّهم القوى الوطنية وفريق المعارضة بأنهم من أفشل المبادرات والتوافقات الرئاسية عِلما أن الجميع يعلم ويُدرك أن الممانعة وجماعتها هم الذين يجمّدون الإنتخابات الرئاسية. ولكنه “إسترسل” ووصف هذا الطرف (الوطني) “بأنه صار عبئا ثقيلا على البلد”.
وبعبارة صريحة وواضحة أحلّ الشيخ قاووق سفك دماء هؤلاء، فعبارته الأخيرة لا تفسير لها سوى ما أشرنا إليه وهذا هو حقيقة البيان الثاني والمراد منه.
وفي خضم ذلك ايضا بدا لافتا غياب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب عن السمع على الرغم من تكليفه من قِبل مجلس الوزراء في 11 الماضي الإتصال بالحكومة السورية للتباحث معها في ملف إعادة هؤلاء النازحين إلى ديارهم، حيث تضمنت مقررات مجلس الوزراء في ذلك الوقت إعلان مهلة 15 يوما للقيام بهذه المهمة، لكن المهلة إنقضت في 26 الماضي أي قبل ايام ولم يجر الإتصال بين بيروت ودمشق.
وفي سياق الإجراءات والتدابير المناطقية لمواجهة أزمة النزوح السوري وتنظيم وجودهم، خصوصا بعد المخالفات التي يرتكبها بعضهم وتكرار تعدياتهم على اللبنانيين، شدد مخاتير وأهالي برجا (إقليم الخروب) في بيان أصدروه بعد لقاء عقدوه على “ضرورة تنظيم تواجد النازحين في البلدة التي شهدت عدة حوادث في الآونة الأخيرة تتعارض وأخلاقيات وسلوكيات وقيم مجتمعنا البرجاوي.
وفي العديد من البلديات باشرت شرطتها بإجراءات الكشف على كل المحال والمؤسسات والشركات وورش المهن الحرّة التي يديرها نازحون سوريون في نطاقها البلدي للتثبت من حيازتهم التراخيص القانونية وفي حال وجود مخالفات تم العمل على إقفالها فورا.
هذا على مستوى التحرك المدنين أما على المستوى الأمني، فأعلنت قيادة الجيش إحباط ” تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البرية، فخلال إسبوع تسلل نحو 1300 سوري عند الحدود اللبنانية – السورية”، كما أعلنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي”عن توقيف باص يقوده لبناني وعلى متنه 12 سوريا دخلوا خلسة إلى لبنان عبر معبر غير شرعي في وادي خالد”.