شعار ناشطون

اغتيال لقمان سليم: من يجرؤ على كشف الحقيقة؟

28/01/25 06:36 am

<span dir="ltr">28/01/25 06:36 am</span>

طوني كرم – نداء الوطن

أربع سنوات مرت على اغتيال الباحث والناشط لقمان سليم، أحد أبرز الأصوات التي تصدت لقوى الأمر الواقع حينها، ولا يزال التحقيق معلقاً، محاصراً بين تواطؤ الصمت وتخاذل “المعنيين”.

لقمان سليم لم يكن مجرد مفكر وناقد سياسي، كان يمثل حلماً بدولة تُقام على العدالة والقانون، تحضن أبناءها ولا تُرعبهم. قارع “الشموليّة – الإلغائيّة” دون تردد من مسافة صفر، لم يَهجُر دار “آل سليم” في حارة حريك، مذيلاً تدويناته بوسمه الأحب “صفر خوف”. لذلك لم تكن رصاصات الغدر التي استهدفته مجرد فعل جنائي، كانت رسالة صريحة: “الصمت أو الموت”.

مسرح الجريمة

في 4 شباط 2021، وُجدت جثة لقمان في سيارته، مصابة بستّ رصاصات قاتلة، إحداها في الظهر، في بلدة العدوسية جنوب لبنان. بداية التحقيق بدت واعدة، تحركات سريعة لمسح الكاميرات وتحليل بيانات الاتصال. ادّعى النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان على مجهولين، وأحال الادعاء على قاضي التحقيق الأول في الجنوب مارسيل حداد. حتى التعاون الدولي بدا ممكناً، مع دعوات لدعم من المحققين الألمان والقوات الدولية. الحكومات الأميركية والفرنسية وجامعة الدول العربية من بين من أدانوا هذا “الفعل الهمجي” ودعوا إلى محاسبة المسؤول عنه.

هذه الخطوات تعثرت بسرعة، نقل النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، ملف لقمان من دائرة التحقيق في الجنوب إلى دائرة التحقيق في بيروت، حمايةً لسلامة التحقيق، في 18 أيار 2021، لم تدم مفاعيله طويلاً.

تتخوّف العائلة اليوم، من أن تشكل إحالة قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبي سمرا إلى التقاعد منذ تشرين الثاني 2023، إحالةً للتحقيقات أيضاً إلى أدراج النسيان، مع تكليف القاضي بلال حلاوي مهمات قاضي التحقيق الأول في بيروت.

وعلمت “نداء الوطن” من جهات حقوقية متابعة، أن حلاوي اتخذ قراراً ألغى بموجبه طلب سلفه التعاون مع دوائر التحقيق الألمانية بحجة انتهاكها “السيادة الوطنية”، وهذا ما أعاد خشيتهم وارتيابهم المشروع منذ اللحظة الأولى لتولي قضاة التحقيق في الجنوب إلى الواجهة، ليتم راهناً التماس تداعيات تولي قاضٍ يُنقل أنه مقرّب من “حركة أمل” و “حزب الله”، التحقيق في ملف لقمان، متسائلةً: “وكأن السيادة تُحفظ بإخفاء الحقيقة؟”

يقف التحقيق عاجزاً، قاضي التحقيق الحالي يتعامل مع القضية ببرودة مثيرة للريبة، معتبراً الحديث عن الاغتيال مجرد “وجهة نظر” وفق المتابعين. عائلة لقمان والمراقبون، الذين يؤكدون وجود أدلة جنائية وبصمات قادرة على كشف القتلة، يصطدمون بجدار من الإهمال القضائي.

رشا سليم، شقيقة الشهيد، تصف المشهد بمرارة: “القتلة يُفترض أنهم معروفون بالاسم، لكن القضاء خائف، من القتلة الصغار والكبار”.

من يقرأ ملف القضية يُدرك أن الجريمة ليست لغزاً مستحيل الحل. طلب التعاون مع القوات الدولية لتحليل كاميرات المراقبة وبيانات قد تفيد التحقيق، اصطدم بإعلان “اليونيفيل” أنّ كاميراتهم مثبتة لالتقاط التحركات داخل الثكنات ولا تغطي الطرقات القريبة من مسرح الجريمة. أما الأدلة الجنائية من مسرح الجريمة، فلا تزال تنتظر من يُفعّلها بجدية، وكشف هوية القتلة الصغار.

بعض المصادر المتابعة تتحدث عن احتمال هروب القتلة إلى سوريا ومنها إلى العراق أو إيران، ولا تخفي إمكانية مشاركتهم في الحرب الأخيرة في جنوب لبنان، ما يعقد المشهد أكثر.

رغم ذلك، لا تزال العائلة تطالب بتحقيق جاد وشجاع، قائلةً: “إذا ضاعت العدالة في قضية لقمان، فإنها تضيع في كل لبنان”.

صمت العدالة

اغتيال لقمان سليم ليس مجرد حادثة، بل امتحان حقيقي لمدى قدرة القضاء اللبناني على مواجهة الإملاءات والهيمنة السياسية. القضية أكبر من كشف القتلة، إنها صرخة لتصحيح مسار العدالة في بلد ضاق ذرعاً بصمته.

هل سيجرؤ القضاء على كسر حلقة الإفلات من العقاب؟ أم أن لقمان سليم، مثل كثيرين قبله، سيظل شاهداً صامتاً على بلد “امتهن” دفن الحقيقة مع ضحاياه؟ العدالة ليست خياراً، إنها حق. ومن هنا، يجب أن تبدأ الجمهورية القوية.

تابعنا عبر