بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجّد
مع إنتشار إستخدام التلفزيون في سبعينات القرن المنصرم وتأثّر اللبنانيين بالمسرحيات والمسلسلات العربية وخاصة الفكاهية منها، إعتاد العديد منهم على الإستمتاع بجمل أو فقرات كان يتم تردادها على لسان عدد من الممثلين الذين حازوا على الشهرة نظرا لبراعتهم على “الشاشة الفضية”، وقد راجت آنذاك العبارة التي لطالما رددها حسني البرظان أمام زميله غوار الطوشي والتي تقول “إذا أردت أن تعرف ماذا في إيطاليا عليك أن تعرف ماذا في البرازيل”..
وقياسا على ذلك بات على اللبنانيين إستخدام عبارة مماثلة تقول: إن كنت تريد أن تعرف متى تنتهي هذه الأوضاع المتفجرة في لبنان، عليك أن تعلم إذا كان “حزب السلاح” قد حقق مشاريعه في الهيمنة على البلد وفرض شروطه، لاسيما ما يتعلق بسلاحه الثقيل؟! وتمديد إنتشاره في مختلف المناطق اللبنانية تمهيدا لإقامة جمهوريته التي يسعى إليها منذ 50 عاما حتى اليوم!!
ففي العودة إلى أيام ريتشارد مورفي في 1988 إنتشرت عبارة “مخايل الضاهر أو الفراغ” والتي أسفرت يومها عن الذهاب إلى إتفاق الطائف، وما أدراك مضمون هذا الإتفاق، في حال إجراء “تشريح” مواده، وإلى أين أوصلنا بعد أن تم طعن هذا الإتفاق مرارا وتكرارا، وشهد إنقلابات ومتغيرات و”إجتياحات” وإصطفافات وطُعنت العديد من فقراته وبنوده تحت الضغط وجراء المصالح وتبادل ” التنفيعات” ، الأمر دفع بالبعض إلى التساؤل ما إذا كان تجنّب هذه الفوضى والمواجهات والصراعات والمناكفات، تستدعي إطلاق طائف جديد (طائف رقم 2) قد يكون أشد ضررا وقساوة وإستقواء من قِبل البعض بسلاحه ومكتسباته ليحقق المزيد من دوافعه الفئوية؟
فبغياب أعمال التدقيق جرى تفسير العديد من بنوده وإلغاء بعضها الآخر، وطمس معالم العديد من الفقرات وليستقل حزب الممانعة في تفسيراته الخاصة مستخدما سلاحه تارة أو التهويل به وخلق الفتن والإضطرابات وعدم التراجع عنها إلآ في حال حصوله على مكتسبات إضافية.
وكلنا يعي ويعلم حقيقة ما جرى في تلك الأحداث الدامية التي شهدتها بيروت ومناطق أخرى، فيما سُمي ب”القمصان السود” والتي لم تتوقف إلآ عندما حصل حزب السلاح على الموافقة بنشر وتمديد شبكة إتصالاته السلكية واللاسلكية الخاصة، التي تربط قيادته في الضاحية بمسلحيه في مناطق إنتشاره في الجنوب، وبالتالي حصوله على “بونيس” هو فرض سيطرته على مطار بيروت ومحيطه.
ومن هنا ندرك حقيقة معارضة “حزب السلاح” لمشروع قيام مطار رينيه معوض في منطقة القليعات بعكار، وبإعتبار أن الضغوط قد تزداد عليه داخليا ومن قِبل جهات خارجية، فإنه قام بحركة “إلتفافية” تقضي بإنشاء مناطق جديدة لتمركزه شمالا ما بين البترون والحدود الشمالية.
وهذا الأمر يعيدنا إلى المناقشات التي دارت في إجتماع “الدوحة” الذي تركز البحث فيه على مكاسب محددة اُعطيت للحزب وحلفائه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر “الثلث المعطّل” و “وزارة المال”، حيث إستفادت الممانعة من هذين البندين وإزداد معها تحكمها بمفاصل الدولة المالية والإقتصادية والبنيوية، إلى درجة إستطاعت معها جماعة الممانعة، إلى التحكم بقضايا خارجية ذات صلة بالشؤون الوطنية والأمنية، مثل قضية المفقودين اللبنانيين في سوريا والمخفيين والذين قضوا في السجون منذ سنوات عديدة، حيث اُجبر مندوب لبنان في الأمم المتحدة على الإمتناع عن التصويت على مشروع خاص بهذه الجريمة.
ومن هنا أيضا يمكن فهم حقيقة الدوافع التي يرددها “حزب السلاح” وجماعة الممانعة ومطالبتهم بجولة حوار ونقاش بينهم وبين الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، والهدف من وراء كل ذلك هو حصول “هذه الجماعة” على مكتسبات سيادية وقانونية بإمكانها زيادة حدّة تسلطها على البلد والتحكم بالقرارات ذات الصلة.
ومن هنا بالإمكان أن نقرأ حقيقة الموقف الذي إتخذته فرنسا عبر موفدها الرئاسي لودريان والذي تضمن رفض تأييد فرنسا للمرشح الرئاسي سليمان فرنجية ومحاولة تسويق ذلك لدى أعضاء الهيئة الخماسية التي تضم كل من فرنسا، السعودية ،مصر، قطر، أميركا.
ومن المقرر أن يجري لودريان في غضون الإسبوعين القادمين جولة من المباحثات، مع اعضاء الهيئة وإذا تم التوصل إلى نتيجة حاسمة على صعيد إجراء هذه الإنتخابات، يمكن أن يقوم حينها بزيارة خاطفة إلى لبنان ليتم تثبيت موعد هذه الإنتخابات. وفي حال العكس فإن موعد هذا الإستحقاق الدستوري سيصبح في مهب الريح ، وقد يؤثر ذلك بدوره على صعيد إختيار حاكم جديد للمصرف المركزي، مع إقتراب نهاية ولاية الحاكم الحالي غسان سلامة. كما سيؤثر هذا الأمر على مسألة التجديد لقائد الجيش اللبناني.
الراعي
من جهته توجه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في قداس أقيم في بلدة بقرقاشا- بشري إلى النواب قائلا: يكفيكم إضاعة الوقت والمؤسّسات تتساقط الواحدة تلو الأخرى بإنتظار الإلهام من الخارج كقاصرين.
وتابع: نسألهم: لماذا أيّها المسؤولون تفتعلون العقد، وتبحثون عن حلّها خلافًا للدستور؟ وتعتبرون عقدكم ومخالفاتكم الدستوريّة “ضرورة”؟ فتجعلون المجلس النيابيّ غير الإشتراعيّ هيئة تشريعيّة فيما هو منذ بداية الفراغ في سدّة الرئاسة مجرّد هيئة ناخبة؟ وتعطون حكومة تصريف الأعمال صلاحيّة رئيس الجمهوريّة في التعيينات المحفوظة له؟ وإن لم تفعلوا تهدّمت المؤسّسات وكأنّها من كرتون! وهكذا تفتعلون نزاعًا دستوريًّا يضاف إلى الإنقسام السياسيّ القائم. “حرام لبنان !” لبنان الذي باركه البابا يوحنا بولس، ونحن اليوم نخلد ذكراه.
وقال: إنّ الضرورة الأولى والأخيرة ومفتاح حلّ كلّ عقدكم هما في انتخاب رئيس للجمهوريّة، وإن لم تفعلوا، فإنكم تقترفون جريمة الخيانة العظمى بحقّ الدولة والشعب، والخيانة هي أمّ كلّ الجرائم.
عوده:
وترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
وألقى عظة قال فيها: بلدنا فيه وفرة من الزعماء والسياسيين والمسؤولين، لكن قلة منهم يهتمون بخلاص البلد والبشر، وبنشر وعي وطني يجمع ولا يفرق، قلة قليلة تعمل من أجل المصلحة العامة، وتقوم بواجبها الوطني بنزاهة وإخلاص. لو كان الجميع يقومون بواجبهم هل كنا لنشهد ما نشهده من خلافات ونزاعات وتباينات تساهم في تفكيك مجتمعنا؟ لو كانت الحدود واضحة بين المناطق والعقارات والمشاعات هل كان المواطنون يتقاتلون ويقتلون بسبب النزاعات على الحدود وعلى المياه؟ لم لا تقوم الإدارات المختصة بتحديد ملكية العقارات وبترسيم الحدود، كل الحدود، ليعيش الجميع بسلام؟
قاووق
ورأى عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق، أن لبنان يمر بمرحلة حساسة واستثنائية تحتاج إلى قرارات مسؤولة وشجاعة لإنقاذ البلد ووقف الانهيار والتخفيف من معاناة اللبنانيين، وهذا لا يكون إلا بالحوار والتوافق والتلاقي، وأما رفض الحوار، فهذا يعني الإصرار على التعطيل والتأزيم وتضييع الوقت وهدر الفرص، وهذا الذي أوصل البلد إلى حالة من الجمود
.
وأشار إلى أن “هناك حالة من الجمود تسيطر على الملف الرئاسي، ولكن الطريق غير مسدود، ونحن نُصر على خيار إكمال طريق الحوار، لأن اليأس ممنوع.وشدد على أن الحوار المطروح محصور ببند واضح هو انتخاب رئيس للجمهورية، وأي كلام آخر عن تعطيل الطائف، فهو كلام باطل يراد منه باطل.