
كتبت فالنتينا سمعان في “أخبار اليوم”:
وحده الموقت هو الذي يدوم في لبنان… لا بل الأصح الحلول الترقيعيّة هي السائدة… وهي أكثر ما تنطبق على ملف النفايات.
فقد عادت النفايات إلى التكدّس في شوارع بيروت ومحيطها في مشهد يعيد إلى الأذهان أزمة العام 2015 عندما بلغ مطمر برج حمود/الجديدة سعته القصوى وتوقّف عن استقبال النفايات، كما تم اقفال مطمر الناعة الذي افتتح في العام 1997 على أن يتم استخدامه مؤقتا لبضع سنوات فقط، الامر الذي لم يحصل.
وقد تحدث الاعلام العالمي عما يعاني منه لبنان، فجميعنا يذكر التقرير الذي أعدته شبكة “سي ان ان” العالمية وحمل عنوان “نهر النفايات في بيروت”، وكانت خلاصته عجز الدولة عن ايجاد حل لمشكلة تهدد صحة المواطن وتشوّه صورة البلد التي باتت تترافق مع صورة “الزبالة”!
لكن القصة ليست وليدة العام 2015، بل في 2004 ، قدّرت دراسة أجراها “البنك الدولي” تكلفة التلوّث البيئي الناجم عن الطمر والحرق غير القانوني للنفايات بنحو 10 ملايين دولار سنويا، وترتفع هذه الكلفة باستمرار. كذلك، أظهرت دراسة أخرى أجراها خبيران في إدارة النفايات عام 2014 أن تكلفة التدهور البيئي بسبب سوء إدارة النفايات الصلبة تبلغ 66.5 مليون دولار سنويا، أي 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2012.
وكان قانون النفايات لعام 2018 قد فوّض وزارة البيئة بوضع استراتيجية وطنية لإدارة النفايات بحلول آذار 2019. غير أن الاستراتيجية لم تُعتمد بعد وتنتظر إجراء تقييم بيئي استراتيجي لتحليل الآثار البيئية لاستراتيجية إدارة النفايات الصلبة وإدراج الاعتبارات البيئية في المستويات العليا لصنع القرارات.
ومنذ عام، في 6 حزيران 2020، افادت “هيومن رايتس ووتش” و”ائتلاف إدارة النفايات” إن عدم وجود استراتيجية شاملة لإدارة النفايات الصلبة في لبنان له تكاليف بيئية وصحية باهظة.
وبعد ازمة العام 2015 التي استمرت بشكل حاد لمدة 6 ايام جاء استئناف جمع النفايات بعد اتفاق موقت واستعجالي حول المناطق التي سترمى فيها النفايات المعالجة (االمطامر والمكبات)، وقد باشر مجلس الوزراء دراسة الخطة التي أعدّها وزير البيئة وقتذاك محمد المشنوق، ولكن كالعادة، دخلت الساسية إلى الخط ورفض كل فريق ان يسجل للفريق الآخر وضع خطة النفايات، فشُكّلَت لجان لمعالجة الملف وهي بالطبع مقبرة للمشاريع… وهذا ما حصل، فلم تبصر أي خطة النور!
ودون الدخول في تفاصيل الاسعار والمناطق والتوزيع الطائفي فيها وما تبعها من مقولة شهيرة “كل منطقة تهتم بزبالتها” او قد يكون الأصح “كل طائفة”… فإننا نسأل لو أُقرّت وقتذاك أي خطة أكانت بتكلفة أعلى أو أقل، وفُرِض تنفيذها بشكل حازم دون الوقوف عند رأي مختار أو رئيس بلدية… لما كنا وفّرنا الكثير على هذا البلد وبيئته… وصحة سكانه؟