فلتان المستشفيات يدفع المرضى إلى ترك العلاج
02/03/22 08:54 am
كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
29 ألفاً يخضعون لعلاج السرطان في لبنان يعانون، منذ نحو عام، من فقدان الأدوية أو تقطّع توافرها في أحسن الأحوال. وزير الصحة فراس أبيض يقرّ بجسامة مشكلةٍ لا يبدو حلّها قريباً. في «الوقت بدل الضائع»، من المرضى تمّكن الموت منهم، وآخرون تتراجع حالتهم الصحية. ما يجري، وفق مصادر طبية، ليس أقلّ من إبادة جماعية
شخص من كل ثلاثة يصاب بالسرطان في لبنان الذي يسجّل سنوياً 12 ألف إصابة جديدة، وفق آخر إحصاء للسجل الوطني للسرطان، في معدلٍ هو من بين الأعلى عالمياً. حتى عام 2021، قدّر المرصد العالمي للسرطان عدد الحالات التي تخضع للعلاج بنحو 29 ألفاً. فيما هناك 445 دواء معتمداً في بروتوكولات وزارة الصحة لعلاج أنواع السرطان المختلفة، معظمها غير متوافر. من الأدوية المقطوعة، أدوية زرع النخاع العظمي واللوكيميا، وثلاثة أدوية لسرطان البروستات، ومثلها لسرطان الثدي، ودواء لسرطان الرئة… وغيرها.
يتحدّث البروفيسور فادي نصّار، طبيب أمراض السرطان في مستشفى «أوتيل ديو»، عن مأساة يومية تشهدها عيادات الأطباء: «لا مبالغة إذا قلنا إن الناس تموت بسبب غياب الدواء. المرضى فئتان، إحداهما تتلقى العلاج لتتعافى، وأخرى لتطيل أمد الحياة. مرضى الفئة الأولى تتدهور أوضاعهم من الدرجتين الأولى والثانية للمرض إلى الدرجتين الثالثة والرابعة ويصبح من الصعب شفاؤهم بعد أن كانت لديهم حظوظ في ذلك. أما مرضى الفئة الثانية فيسرّع غياب العلاج موتهم».
تحتاج السوق اللبنانية إلى استيراد أدوية سرطان بكلفة 30 مليون دولار شهرياً، بعد موافقة مصرف لبنان على طلبات الشركات المستوردة لكون هذا النوع من الأدوية لا يزال مدعوماً بنسبة 100%. لكن «المركزي» يوفّر «بالكاد» ربع المبلغ المطلوب وفق نصّار، ما جعل مركز الكرنتينا الذي يقصده مرضى وزارة الصحة، خالياً من غالبية الأدوية الأساسية في معظم الأحيان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصيدليات المخصصة لبيعها بالتنسيق مع الشركات المستوردة. بهدف تأمين استمرارية العلاج المطلوبة طبياً لما للتقطّع في تلقيه من آثار على صحة المريض، يقترح نصّار إقرار الجهات الرسمية موازنة سنوية لأدوية السرطان، يوقّع عليها المصرف المركزي ويتعهّد الالتزام بها، «كي يضمن المرضى توافر أدويتهم على مدار السنة، وتحريرهم من البقاء تحت رحمة ما يخصصه المصرف المركزي من مبلغٍ للاستيراد الشهري ومزاجية توقيع الطلبات».
وزير الصحة فراس أبيض يؤكّد أن الشحنات التي تصل لا تكفي لسد جزء بسيط من حاجة المرضى، لكون الدعم المخصص للاستيراد أقل من المطلوب بأضعاف.
فقبل أسابيع، مثلاً، وصلت شحنة دواء نفدت في يوم واحد، وغالباً ما تحتوي الشحنات على أنواعٍ قليلة من الأدوية فقط. لذلك، يلجأ الأطباء، على مضض، إلى استخدام أدوية بديلة غير مضمونة النتائج على قاعدة التجربة. وهذا، بحسب نصّار، «يضرب مبدأ الانتظام في العلاج، ويترك آثاراً على الحالة الصحية للمريض».