25 في المئة من سفارات لبنان نحو الإقفال!
14/02/22 09:50 pm
الأزمة المالية وانهيار الوضع الاقتصادي في لبنان إجراءات قاسية بلغت الخارجية اللبنانية وبعثاتها الـ 89 الموزعة في دول العالم.
بدأ الكلام عن ترشيد الإنفاق في البعثات الدبلوماسية وفي الإدارة المركزية في بيروت بعد تراجع قدرة مصرف لبنان على تأمين العملة الصعبة، مما دفع وزيرة المهجرين السابقة زينا عكر إلى المباشرة بوضع ما سمي آنذاك خطة إعادة هيكلة المصاريف والنفقات الخارجية بالعملة الصعبة، والتي عمل الوزير الحالي عبدالله بو حبيب منذ تسلمه الوزارة على المضي بها مع بعض الإضافات والتعديلات التي فرضها تراجع إضافي في أوضاع البلاد، بعدما تحولت إلى دولة مفلسة بقطاعيها العام والخاص كما وصفتها “بلومبيرغ”.
وتكشف مصادر مقربة من وزير الخارجية أن خطة الوزير تقضي بخفض 50 في المئة من موازنة وزارة الخارجية الخاصة بالبعثات الدبلوماسية، والتي تتوزع بين إيجارات المكاتب ومنازل السفراء والقناصل والمصاريف التشغيلية ورواتب الدبلوماسيين والموظفين المحليين، ولن تقتصر إجراءات الخفض على ذلك فقط، بل إن طرح الوزير يتضمن إقفال نسبة كبيرة من سفارات لبنان في الخارج، في موازاة إعادة تحريك تشكيلات دبلوماسية ضرورية لملء شغور تخطى الأشهر في أكثر من دولة فاعلة كواشنطن مثلاً.
وكشفت مصادر سياسية لـ “اندبندنت عربية” أن قرار إقفال عدد من البعثات اللبنانية يحتاج إلى توافق سياسي وقرار مجلس الوزراء، والخلاف لا يزال على العدد الذي يجب إقفاله وليس على مبدأ الإقفال، إذ علمت “اندبندنت عربية” أن وزير الخارجية كان طرح بداية على رئيس الحكومة إقفال 11 سفارة ومن ثم ارتفع الرقم إلى 18، فيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يريد إقفال 25 سفارة.
25 في المئة من سفارات لبنان ستقفل
يبلغ عدد البعثات الدبلوماسية اللبنانية 89 بعثة موزعة بين 74 سفارة و15 قنصلية، وهي مخصصة لنسج علاقات سياسية وتجارية للبنان مع دول العالم، مع ما يحافظ على إبقاء بلد الأرز على الخريطة الدولية، إضافة إلى تأمين الخدمات اللازمة لبنانيي الانتشار الذي يفوق عددهم الثمانية ملايين.
في المقابل، يقول مصدر دبلوماسي في الخارجية إن قرار إقفال بعض البعثات لا بد منه، وهو قرار سبق واتخذته دول كثيرة واجهتها مشكلات شبيهة بمشكلات لبنان، مثل اليونان مثلاً التي لجأت إلى إقفال عدد من بعثاتها الدبلوماسية في الخارج نتيجة أزمتها المالية.
ويكشف المصدر نفسه عن أن وزير الخارجية وضع تصوراً كاملاً ينص على تخفيف التمثيل الدبلوماسي اللبناني في العالم بنسب تتراوح بين 20 و25 في المئة بهدف خفض 25 مليون دولار على مدى خمس سنوات، أي بمعدل خمسة ملايين دولار لكل عام، لكن القرار النهائي يبقى لمجلس الوزراء مجتمعاً.
وهنا توضح مصادر سياسية أن عقبات قد تواجه هذا الملف على الرغم من قناعة تكونت لدى جميع المسؤولين الذين التقاهم وزير الخارجية بأن الأمور لا يمكن أن تمضي هكذا، وأنه حرصاً على مصير البعثات، لا سيما الضرورية منها، فإنهم مضطرون إلى إقفال بعضها.
وفيما تؤكد مصادر سياسية أن الخلاف عالق على عدد البعثات التي ستقفل وهويتها، لا سيما أن خفض عددها سيتطلب الحفاظ على التوازن الطائفي والمناصفة بين المراكز المسيحية والمسلمة، وهي مهمة لن تكون سهلة، لا سيما إذا اعتمدت المعايير التي يصر وزير الخارجية على استخدامها في تحديد لائحة البعثات التي سيتم إقفالها، والمعايير عددها أربعة وهي الجدوى الاقتصادية أي المقارنة بين إيرادات البعثة ونفقاتها، الجدوى السياسية ومدى حاجة لبنان إلى وجود بعثة لديه في هذه الدولة، إذ لا يمكن إقفال السفارة في واشنطن مثلاً أو في مصر أو فرنسا، حجم التبادل التجاري مع هذه الدولة، عدد أبناء الجالية اللبنانية في الدولة بحيث لا يمكن إقفال بعثة في بلد يفوق فيه عدد اللبنانيين المغتربين 50 ألفاً مثلاً.
وفيما تتكتم المصادر على كشف أسماء الدول التي ستقفل فيها البعثات اللبنانية تجنباً لإحداث بلبلة مسبقة قبل صدور القرار بشكل رسمي، يكشف مصدر دبلوماسي أن التصور المقدم من وزير الخارجية ينص على إمكان الاستغناء عن عدد من البعثات في الدول التي توجد فيها سفارة وقنصليتان مثلاً، مثل البرازيل حيث هناك سفارة في العاصمة وقنصلية عامة في ساو باولو وأخرى في ريو دي جانيرو.