
وجدي العريضي
لا تزال تداعيات أحداث الطيّونة تتوالى، متناغمة مع ارتدادات التحقيق القضائي في جريمة انفجار الرابع من آب، في ظلّ فرز سياسي بدأت معالمه تظهر بشكل لافت، وسيكون له وقعه على مسار الإستحقاقات الدستورية المقبلة، وفي صلبها الانتخابات النيابية، وتحديداً على صعيد التحالفات، بحيث ان هناك مفاجآت من العيار الثقيل ستحصل بفعل ما يجري راهناً إن على الخط القضائي، أو على صعيد أحداث الطيّونة ـ عين الرمانة.
في هذا السياق، ثمة من يراقب الحركة أو المواقف التي تُسجل باتجاه معراب، إذ يشبّه أحد السياسيين المخضرمين الواقع الحالي بين “التيار الوطني الحرّ” و”#القوات اللبنانية”، بأنه مماثل إلى حدّ كبير لحرب الإلغاء وما نجم عنها من صراع سياسي لم يتوقّف إلا من خلال “تفاهم معراب”، الذي بات في خبر كان منذ فترة طويلة، وربما دُفن مع أحداث الطيّونة، على خلفية موقف “التيار” من هذه الأحداث والإتهامات التي ساقها رئيسه النائب جبران باسيل، ولا سيما بحق رئيس حزب “القوات” سمير جعجع. وبالتالي، هذا الصراع سيتم تسييله في صناديق الإقتراع في الإستحقاق الإنتخابي المقبل. وهنا، يُنقل وفق معلومات موثوق بها استياء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، مما يحدث على الساحة المسيحية من انقسامات وخلافات وحملات متبادلة بين “التيار” و”القوات”، بحيث يلاقي الراعي صعوبة، أو استحالة في جمع الفريقين، قائلاً لأحد زواره إنه حزين لما يحصل، وأن اللجان التي شُكّلت من قِبل ممثلين للزعامات والقيادات ورؤساء الأحزاب المسيحية توقّفت منذ فترة نتيجة التباعد والخلاف العميق بين هذه المكوّنات.
في غضون ذلك، برزت زيارة الوزير السابق اللواء #أشرف ريفي إلى معراب للتضامن مع “حكيمها”. ويشير ريفي لـ”النهار” إلى أن زيارته تذكّره بمرحلة السابع من أيار، “حين خاطر الدكتور جعجع وجازف عندما زار قريطم آنذاك والتقى الرئيس سعد الحريري، كما زار يومها دار الفتوى معلناً تضامنه معها ومع أهالي بيروت”. ويضيف ريفي: “سبق لي أن تفقّدت العاصمة ومناطق عاشت السابع من أيار، متضامناً مع أهالي بيروت وأبناء الجبل الأعزّاء، ما يعني أن هناك خطا بيانيا من الطيّونة وعين الرمانة وبيروت والجبل من خلال غزوات #حزب الله على هذه المناطق، وهذا ما يدلّ، كما سبق وحذّرت منه مراراً، على أن منطق الدويلة سيندحر وينهزم، كما حدث في الجبل والطيّونة وعين الرمانة، والتهديد بمئة ألف مقاتل “تفنيصة” كبيرة وكلام مرفوض ومعيب، فهل من فريق سياسي أو أي جهة في العالم تهدّد أبناءها بمئة ألف مقاتل”، وهذا يأتي، والكلام لريفي، “نتيجة المشروع الإنهزامي لدويلة السلاح والتخريب والإجرام من بيروت إلى الطيّونة إلى إقليم الخروب والجبل وخلدة التي زرتها متضامناً مع أبناء عشائر العرب. لذلك، كفانا تهديداً بمئة ألف مقاتل ومئة ألف صاروخ”.
وعن لقائه رئيس حزب “القوات”، يشدد ريفي على أنه “بالتضامن مع القوات والتأكيد على التحالف والتنسيق معهم والحرص على هذا المشروع السيادي والإستقلالي الوطني الذي يجب أن يتوسّع من أجل إنهاء الدويلة، والعودة إلى رحاب الدولة، فليفهموا أن ليس لدينا جيشان في البلد، بل جيش واحد إسمه الجيش اللبناني، إلى قوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية الأخرى الشرعية”، لافتاً الى أن “الحكيم كان هادئاً ومرتاحاً، وهو لم يقم بأي خطاب أو حركة إنقسامية أو طائفية أو مذهبية كما حاولوا تظهير ذلك، وما يقال في إعلامهم وعلى ألسنة نوابهم وقادتهم، لا يعدو كونه فقاقيع صابون، وكلاما لا يسمن ولا يغني، فالدكتور جعجع أكد لي ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي والطائف، والحرص على أن نبني وطناً، وليس هناك صراع أو حرب مع الطائفة الشيعية الكريمة، بل جميعنا يواجه حزباً إيرانياً للقضاء على خصوصية هذا البلد السياسية والأمنية والثقافية والتعدّدية”.
وأخيراً، فإن المعلومات المستقاة من أكثر من جهة سياسية، تؤشّر إلى لقاءات حصلت بعيداً من الأضواء والإعلام بين مرجعيات رئاسية وسياسية، إلى تشاور يومي بغية لملمة الوضع ووقف كل الحملات والتحريض والتهديد، على أن يصار إلى عودة الحكومة إلى عملها واجتماعاتها في أقرب وقت ممكن، نظراً للظروف الصعبة التي يمرّ بها الناس معيشياً وحياتياً وفي ظل ارتفاع منسوب التدهور الإقتصادي والمالي، وهذه الإتصالات تواكبها اتصالات أخرى من بعض الدول المعنية بالملف اللبناني عربياً وغربياً، وقد يصل أكثر من موفد إلى بيروت في وقت قريب للإطلاع من كثب على ما جرى من أحداث أمنية، بمعنى أن ثمة حرصا دوليا على منع حصول حرب في لبنان، وهذا ما أكدته السفيرتان الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريّو لكل من التقتاهما في الساعات الماضية في إطار المساعي الآيلة الى اعادة الأمور إلى نصابها.