ناشطون-قسم التحرير
على قدر هول الحزم أتى الإعتذار، هو حزم المملكة العربية السعوديّة التي قد قالت كلمتها منذ أكثر من ٩ أشهر، لا لسعد الحريري رئيساً للحكومة، و هذا ما وصل إليه الحريري مُرغماً فاعتذر. إذاً لم تنجح أي وساطة بين الحريري و المملكة لرأب الصدع و ما حصل كان متوقّعاً حتّى أنّ الأخير تعمّد استفزاز رئيس الجمهوريّة ميشال عون عبر إعطاءه مهلة الأربع و العشرون ساعة ما أدّى طبعاً لرفض عون التشكيلة و بالتالي اعتذار المُكلّف و ظهوره مساءً في مقابلة متلفزة، إنّه مُخطّطٌ كاملٌ و شاملٌ أُعدّ للإعتذار.
يدفع الحريري اليوم فاتورته الباهظة، فمن أخطأ سيدفع الثمن حتماً، عاجلاً أم آجلاً، و ليتحمّل كل صاحب قرار مسؤوليته، فمن رشّح عون و أوصله إلى قصر بعبدا و من جعل من جبران باسيل صديقه المُفضّل و عقد معه الإتفاقات و من قبل بقانونٍ إنتخابيّ مفصّل على قياس صديقه في البترون ليس عليه سوى الإعتراف بالخطأ و تحمّل ما جنت يداه و عدم رمي هذه الكارثة على أكتاف الآخرين و الظهور أمام النّاس كالوطني المغبون الذي لم يستطع أن ينهض بالبلد في مقابلةٍ أقل ما يُقال فيها أنّها دون مستوى الحدث اللبناني و الكوارث التي تُحيط بشعب هذا البلد!!
إعتذار الحريري أيضاً أتى بالمفاجآت، الأولى هي دخول الساسة بلعبة سعر صرف الدولار مقابل الليرة و تدخلهم المباشر بعمليات الشراء و البيع عبر مقرّبين و بحسب الأحداث السياسيّة التي يعلمونها هم فقط و لا أحد سواهم لجني الأرباح على أنقاض شعب يموت كل لحظة بسبب الإرتفاع الجنونيّ لسعر الدولار. أمّا المفاجأة الأخرى هي الصدمة الباردة التي تلقّها الشارع السُنيّ فور إعلان نبأ إعتذار الحريري، فعلى غير عادته (الشارع السُنيّ) لم يكترث هذه المرّة، و اقتصرت الإحتجاجات تحت جسر الكولا لبعض الوقت، أمّا الثقل السُنيّ في الشمال كان غائباً تماماً عن الحدث، فطرابلس و القلمون و المنية الضنيّة و حتّى عكار لم تشهد أيّ إحتجاجات تُذكر كما مناطق البقاع و الإقليم أيضاً، و هذا إن دلّ على شيء يدلّ على أنّ زعيم المستقبل قد خرج فعلاً من “ضمير السُنّة”…
الإعتذار أفقد حزب الله حليفه سعد الحريري على رأس الحكومة كما أنّ الإنتقاد الذي وجهه الأخير للحزب عبر إطلالته الإعلامية بالأمس قد أثّر سلباً على العلاقة بين الطرفين، و عليه سيلجأ الحزب الى التفاوض غير المباشر عبر القنوات الفرنسيّة مع المملكة العربيّة السعوديّة لإختيار بديلٍ عن الحريري في السراي الحكومي، شخصيّة تلقى قبولاً ودعماً من المملكة أصبح حتمياً لبلدٍ ينكشف أمنياً و إجتماعيّاً الأمر الذي يُخيف الحزب و يُجبره على التفاوض.