كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
برز، أمس، سجال بين تيار «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» على خلفية إعلان الرئيس سعد الحريري في حديثه التلفزيوني، أنه لن يدعم رئيس «القوات» سمير جعجع مرة أخرى لرئاسة الجمهورية، معتبراً أنه «هو من أتى بعون رئيساً ويقوم بتحميلي المسؤولية». ويأخذ الحريري على جعجع بشكل أساسي أنه لم يسمه في الاستشارات النيابية في العامين الماضيين، كما أنه أعلن بوضوح رفضه إعطاء الثقة لحكومته.
وردت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية» على الحريري، وشددت على أنه «لم يطلب أحد يوماً من الحريري تأييد ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية»، معتبرة أنه لو كان رئيس «القوات» ساعياً فعلاً نحو الرئاسة «لكان دخل في مقايضات على غرار ما تقوم به القوى السياسية على اختلافها».
واعتبر النائب في تيار «المستقبل» سامي فتفت أن جعجع «لا يستطيع أن يطلب دعمنا في الانتخابات الرئاسية من دون تفاهم معنا على الأسس التي ستدفعنا لانتخابه»، لافتاً إلى أنه «أصلا ليس الوقت للتفكير بالاستحقاق الرئاسي حالياً إنما بكيفية وضع حد للانهيار».
وأوضح فتفت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «علاقة المستقبل مع القوات تدهورت منذ قرار وزرائهم الاستقالة من حكومة الرئيس الحريري، الذي تزامن مع قرار بالتصعيد بوجه كل القوى، ومن بينها تيار المستقبل علماً بأنه تم التصويب علينا أكثر من سوانا بناء على حسابات معينة، وبالتالي يفترض أن يتحملوا مسؤولية مواقفهم». وأضاف: «اليوم هناك تباعد مع القوات ومع الكثير من الأحزاب الأخرى، لكن في السياسة لا شيء يدوم أو يستمر على ما هو عليه، وإن كنت أرجح أن نخوض الانتخابات المقبلة من دون تحالفات»، مشيراً إلى أنه «منذ ثورة 17 تشرين والانفجار في مرفأ بيروت هناك لبنان جديد يولد يستوجب أن تكون هناك إعادة قراءة وأفكار جديدة لكل الأحزاب والتيارات تتحمل جزءاً من مسؤولية ما وصلنا إليه».
من جهتها، لفتت مصادر «القوات اللبنانية» إلى أنهم يختلفون أو يتفقون مع «المستقبل» أو غيره، «وفق الرؤية السياسية والأولويات الوطنية بعيداً عن النكد السياسي والشخصنة»، موضحة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التباين مع المستقبل أخيراً هو بفعل الأولويات المختلفة، باعتبار أن أولوية الحريري كانت تشكيل حكومة، أما أولويتنا فانتخابات نيابية مبكرة، واليوم وبعد اعتذاره يفترض أن يكون قد تأكد أن عدم تسميتنا له برهنت مدى صوابيتها كونه بعد أكثر من ٨ أشهر فشل في التفاهم مع الأكثرية القائمة والعهد، ولو كانت لديه فرصة كما كان يعتقد لنجح في تشكيل حكومة».
وعن رئاسة الجمهورية وموقف الحريري الأخير، قالت المصادر: «نحن لا نتعامل مع الرئاسة على قاعدة مقايضات سلطوية، أي نكلف الحريري كي يدعمنا للرئاسة، إذ لا نتعاطى مع أي موقع بالسلطة كهدف، بل سبيل لتحقيق مشروعنا السياسي “الجمهورية القوية” الذي هو أيضاً برنامج الدكتور جعجع الرئاسي، وعلى كل حزب أن يختار من سيرشح على قاعدة مشروعه السياسي لا شخصه».
وكما علاقة “المستقبل” مع “القوات”، فكذلك مع “التقدمي الاشتراكي” الذي اتهم رئيسه وليد جنبلاط، الحريري وعون معاً بإجهاض المبادرة الفرنسية، وهو ما لم يرقَ لرئيس “المستقبل”.
ووصف النائب عن الحزب “التقدمي الاشتراكي” بلال عبدالله، العلاقة مع “المستقبل” بـ”العادية”، كما العلاقة مع كل القوى السياسية، علماً بأن هناك الكثير من القواسم المشتركة مع “المستقبل” والتباينات تنحصر بوجهات النظر المرتبطة بالسياسات الآنية، خاصة بعد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للناس ودعوتنا للتسوية التي لم تلقَ تقبلاً وتفهماً من الرئيس الحريري.
وشدد عبدالله، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، على أن “المهم اليوم إنتاج تسوية نأمل أن يكون “المستقبل” شريكاً فيها بما يمثل، وهي دعوة موجهة للجميع وبشكل أساسي لرئيس الجمهورية والتيار الذي يدعمه، لأنه كان معرقلاً أساسياً لعملية تشكيل الحكومة». وقال: «أولويتنا حالياً معالجة الأوضاع والتصدي لأي تفلت أمني، أما الانتخابات النيابية كما الرئاسية فمن المبكر الحديث عنها».