شعار ناشطون

بعد طول مخاطرة بصحة الناس… لبنان إلى إقفالٍ “رهن التنفيذ”

05/01/21 07:16 am

<span dir="ltr">05/01/21 07:16 am</span>
الانباء الالكترونيّة:

كم يبدو صعباً الإتفاق على قرار واحد وموحّد يتعلق بحياة المواطنين في ظل هذه الحكومة، وهذه السلطة المستقيلة من وظيفتها الوطنية، بالرغم من أنها حكومة اللون الواحد والسلطة المتسلّطة على رقاب البلاد والعباد. فتراهم لا يتفقون إلا على مصالحهم العابرة فوق مصلحة اللبنانيين، فيتفقون على عدم ترشيد الدعم وترك الأمور سائبة لكس تستفيد مافيات التجار والتهريب، فيما يختلفون بين على قرار اقفال وكيفية تنفيذه لكي يأتي بنتيجة ناجعة.

يتفقون على طي ملفات الكهرباء، وتحريك القضاء غب الطلب، ثم يختلفون في معالجة الأزمة الإقتصادية والأزمة المالية، والأزمة المعيشية، ويترنحون في معالجة أزمة كورونا.
وقرار الإقفال الذي كان يمكن أن يصدر بأقل من 10 دقائق بالنظر لخطورة المرحلة، لم يظهر الا بعد يومين من الإجتماعات. والإجتماع الصباحي أمس الذي كان مقررا أن تحضره مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بترا خوري لم تشارك فيه إحتجاجا على الطريقة التي تُدار فيها الأزمة، وإجتماع بعد ظهر أمس الذي كان مخصصا لإتخاذ قرار الإقفال، تأخر عنه وزير الصحة حمد حسن ساعة وربع الساعة، وعندما سُئل عن سبب تأخره أجاب: “الآن بدأ البحث في الملف الصحي”.
غريب عجيب أمر هذا الملف الصحي الذي تحوّل بفضل هذه الحكومة وتلك السلطة إلى قضية أصعب من قضية تشكيل الحكومة التي ما زالت عالقة بين بعبدا وبيت الوسط، وتحقيقات المرفأ التي تتأرجح بين إستمرار القاضي العدلي فادي صوان في متابعة ملف التحقيق، وبين طلب تنحيته.
ولكن أخيرا، وبعد نهار ماراثوني شهدته السراي الحكومي، أمني وصحي وإداري، تم الإتفاق على إقفال البلد ثلاثة أسابيع، تبدأ صباح الخميس في السابع من الجاري وتنتهي صباح الإثنين في الأول من شباط المقبل، مع إعادة تطبيق قرار “المفرد والمزدوج”، ومنع التجوّل من الساعة السادسة مساءً حتى الخامسة صباحاً، وطيلة أيام الآحاد، وتخفيف الرحلات الجوية بنسبة 20% بالإضافة إلى الإستثناءات التي كانت معتمدة في الإقفال الأول وما تلاها من قرارات في فترات الإقفال الأخرى.
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أشار في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “لجنة الصحة النيابية كانت أول من طالب بالإقفال العام بعد وصول الإصابات بكورنا إلى أرقام مخيفة”، معتبرا أن الإجراءات التي إتُخذت جيدة و”لكن تبقى العبرة في التنفيذ، وخاصة لجهة تخفيض رحلات الملاحة الجوية بنسبة 20%”.
ورأى عراجي أن “الأهم من كل ذلك ألّا تصدر تعاميم اليوم مخالفة لما إتُفق عليه مساء أمس، وألّا يكون هناك إستثناءات غير التي تمت الإشارة إليها، ولكن يبقى التطبيق على الأرض هو المعيار الأهم، لأن الوضع صعب جدا أكثر مما يتصوره أي عقل، فأقسام العناية الفائقة في كل المستشفيات الحكومية والخاصة التي تستقبل مرضى الكورونا لم يعد بإستطاعتها إستقبال أي حالة”، مستغربا “وجود 67 مستشفى خاص ليس فيها سوى 63 سرير للحالات الطارئة”، قائلا: “بأي حق لا تفتح هذه المستشفيات أجنحة خاصة لكورونا أسوةً بغيرها، مع العلم أنها في أيام العز والبحبوحة كانت المستفيدة الوحيدة من الدولة، بينما البعض الآخر، منهم قام بواجبه على أكمل وجه”.
عراجي تحدث عن “إنذار أخير صدر بحق المستشفيات المتوقفة عن إستقبال مرضى كورونا، قد يُستتبع اليوم بإجتماع طارئ للمؤسسات الضامنة مع الوزارات المعنية ومن بينها وزارتي العمل والصحة لتأمين أقله 200 سرير للعناية الفائقة، فنحن في مرحلة وباء وقد نحتاج إلى مئة سرير أو أكثر، وعندها يكون هناك نوع من الأمان الصحي. وإن وزارة الصحة تعهدت بدعم هذه المستشفيات من قبل البنك الدولي”.
وعن دور المستشفيات الميدانية، لفت عراجي إلى أنها “خُصصت للحالات المتوسطة على أمل شفائهم وعدم السماح لأن تسوء حالتهم أكثر خاصةً إذا كانوا بحاجة للأوكسيجين بنسبة لا تتجاوز الخمسة ليتر، لأن النقص بالأوكسجين إلى ما دون 96 درجة مئوية، تبدأ حالة المريض تسوء، فالنقص في الأوكسجين يؤدي إلى ضيق النقس، لكن هذه الأمور لا تظهر عوارضها قبل 7 أيام من تاريخ الإصابة”.
عراجي رأى أن “المطلوب من الإقفال بالدرجة الأولى تخفيض عدد الإصابات، فإذا ما توصّلنا إلى هذه النتيجة، يمكننا السيطرة على الوباء، بعد أن تكون المستشفيات أعادت تجهيز نفسها ويكون القطاع الصحي أخذ قسطا من الراحة”.
عراجي أسف لوجود خلافات بين أعضاء اللجنة أخّرت الإتفاق على قرار الإقفال حتى المساء، إذ كان مفترضا أن يُتخذ القرار بغضون نصف ساعة على أبعد تقدير، فالمشكلة تكمن بأن كل فريق يريد تحميل الفريق الآخر مسؤولية ما وصلت إليه الأمور.
وعن الأسباب التي أدت إلى تأخير توقيع عقد إستيراد اللقاح من شركة “فايزر”، كشف عراجي أن الشركة طلبت من الحكومة توقيع عقد لا يُحمّل الشركة أي مسؤولية، لأن هناك نوعين من اللقاح، “A – E” وهذا الإجراء طُبّق في الولايات المتحدة، وشركة “فايزر” لا تتحمل مسؤولية ما قد ينتج، وبما أن الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، ولا يوجد أي قانون يلحظ هذا الأمر، تم الإتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لقوننة هذه النقطة، وبحسب ما أبلغه وزير الصحة أن الأمور تسير وفق ما هو مرسوم لها.
بدوره، نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون رفض في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية التعليق على قرار الإقفال بإنتظار الإجراءات التي سيعلن عنها وزير الداخلية اليوم، ومعرفة الحيثيات والإستثناءات. وقال: “إذا كانت مشابهة للمرة الماضية، معنى ذلك أنه لم يتغير شيئا، وإذا كان صحيح ما جرى تسريبه في الإعلام عن السماح بالعمل لنسبة 25% من القطاع العام، و20% من قطاع المصارف، فلن ننتظر من الإقفال أي نتيجة لأننا ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة”، مطالبا “بالإقفال التام من دون إستثناءات، ولكن تبقى هناك مشكلة الطبقات الفقيرة والمياومين، الذين تجاوز عددهم الـ40% من سكان لبنان، فهؤلاء يلزمهم مساعدة، لتأمين قوتهم اليومي على البيوت، فهل الحكومة لاحظت هذا الأمر؟ وهل هي قادرة على ذلك؟ فإذا لم يترافق قرار الإقفال مع إجراءات تضمن نجاحه نكون ننتقل من فشل إلى فشل”.
وفي موضوع المستشفيات الخاصة التي لم تستقبل لغاية الآن مرضى كورونا، برر هارون الأمر “بصعوبة هذه الخطوة لأن المستشفيات الخاصة لكي تستقبل مرضى كورونا يلزمها أسرّة للعناية الفائقة، وكلفة السرير الواحد بين شراء الأجهزة، ومعدات المراقبة، تصل إلى 50 ألف دولار، وإذا إفتتحنا أجنحة لكورونا، وزدنا عدد الأسرة، ولا تكون مستوفيةً الشروط اللازمة، يُصبع هناك خطر على المريض”.
هارون ادّعى أن “المستشفيات الخاصة هذه الأيام تقع تحت عجز مالي، وهناك صعوبة لتزيد عدد الأسرّة فيها، بإستثناء، المستشفيات الخاصة التي جهّزت نفسها منذ بداية الأزمة وهي تستقبل المصابين كالمعتاد”.
من جهته اعتبر رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في تعليقه على قرار الإقفال أننا “وصلنا إلى مرحلة سيئة جدا، ومن الضروري أن يكون هناك قرار بالإقفال، لكن علينا أولا معرفة حيثياته، والقطاعات المعفاة منه، لكي نعلق عليه بشكل موضوعي”.
الأسمر كشف في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أنه تحدث في هذا الشأن مع مستشارة الرئيس دياب للشؤون الصحية بترا خوري، ومع اللواء محمود الأسمر، مقترحا فترات إقفال ليس طويلة، لمدة 15 يوما، قابلة للتجديد أكثر من مرة إذا لزم الأمر، خاصة إذا ذهبت الأمور إلى ما هو أسوأ، شرط ألا تكون لقرارات الإقفال إنعكاسات سلبية “وأهم شيء بالنسبة للمياومين الموزعين على كل القطاعات الكهرباء، المياه، والنقل والمرفأ والإهراءات وكل المصالح المستقلة”.
وقال الأسمر: “في أوجيرو وحدها أكثر من 2500 مياوم، عدا عن عمال المصالح الخاصة والجارية، الذين يتوجّب مساعدتهم”، لافتا إلى ان عملية توزيع المساعدات في المرحلة الأولى، رافقها إلتباس كبير، متمنيا على المعنيين عدم الوقوع بنفس الأخطاء التي وقعوا فيها في المرحلة الماضية، مشيرا إلى أنه كان مع إقتراح البطاقة التموينية لسلامة وصول المساعدات إلى أصحابها، ولكن بعد تأجيل عملية رفع الدعم، يجب الإستفادة من هذا الأمر لوضع دراسة دقيقة في هذا الخصوص.
تابعنا عبر