شعار ناشطون

نبيل بدر والمستقبل: مغامرة بائع “الكتاب”

23/05/25 06:23 am

<span dir="ltr">23/05/25 06:23 am</span>

زياد عيتاني – اساس ميديا

كتب أحد الناشطين السُّنّة على صفحته بفيسبوك: “ترك الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلفه ثروة تقدّر بـ 13 مليار دولار و50 مديراً عامّاً في الدولة وكتلة نيابية كبيرة وحريريّة وطنية قادرة على حكم البلد والكلّ يسعى إلى أن يكون في محدلتها الانتخابية، سواء النيابية أو البلدية. أمّا اليوم فبتنا نحتفل بخرق واحد في الانتخابات البلديّة في معركة ما كانت لتُخاض لولا المال القطريّ وتحرّك الماكينة الانتخابية البيروتية لتيار المستقبل”.

ثلاثة أمور لا يمكن إنكارهم على ضوء نتائج الانتخابات البلدية في بيروت:

1- تيّار المستقبل، أو ما بقي منه على قيد الحياة العامّة، قادر على أن يستقطب عدداً لا بأس به من الجمهور السُّنّي بنسبة تتجاوز ما يمكن أن يستقطبه الكثير من الفعّاليات السياسية أو الحكومية في كلّ الحواضن السنّيّة على امتداد الوطن. ولذا تمكُّن العميد المتقاعد محمود الجمل منفرداً من خرق اللائحة الفائزة في انتخابات بلديّة بيروت بفضل دعم تيّار المستقبل، وهو نتيجة طبيعية للوقائع الحالية، ومؤشّر إلى أنّ هذا هو حجم تأثير تيّار المستقبل وقدره وسقفه الأعلى، الذي أنتج كما قال أحد ناشطي “المستقبل” في تعليق له: “الجمل بما حمل”.

2- النائب نبيل بدر هو رجل محظوظ في عمله وتجارته ونيابته. تصطدم الفُرص به دون أن يسعى إليها. الشابّ الذي رفض العمل مع والده الأستاذ عثمان في مدرسة بيت الأطفال الحديث قرب مخفر البسطا، أحبّ التجارة منذ نعومة أظافره، وافتتح متجراً لبيع الألبسة الرجّالية الشبابية ثمّ انتقل إلى “مطبعة البساط” بعد تدخّل والده عند صاحب المطبعة. شاء الحظّ وروحه المرحة أن يرسله صاحب المطبعة إلى العراق بعد سقوط نظام صدّام حسين. كان الحظّ الكبير والفرصة الذهبية تنتظر نبيل بدر في بغداد حيث الدولة تريد أن تغيّر كلّ الكتب والدفاتر المدرسية كي تزيل صورة صدّام حسين. ولأنّ مصائب قوم عند قوم فوائد، فإنّ مصائب السنّة في العراق كانت عند نبيل بدر فوائد. أصبح من رجال الأعمال الكبار وصاحب ثروة، ناسفاً بذلك كلّ ذاكرته الماضية، من محلّ الثياب في سوق النويري، إلى درج منزل جدّه المواجه لمكتبة مكّة المكرّمة حيث ترعرع، وصولاً إلى مطبعة البساط الذي أرسله صاحبها إلى العراق.

النائب نبيل بدر هو رجل محظوظ في عمله وتجارته ونيابته. تصطدم الفُرص به دون أن يسعى إليها

3- أنّ جمعية المشاريع (الأحباش) والقوة التجيرية للنائب فؤاد المخزومي لم يكونا بمستوى الحسابات الانتخابية وكافة الإحصاءات التي سبقت العملية الانتخابية. حيث علم “أساس” من مصادر إحصائية مستقلة وعلى قدر كبير من الثقة أنّ القوة التجيريّة للأحباش لم تتجاوز 10 آلاف صوت. بل تتراوح ما بين 7 و 8 آلاف بحدها الأدنى للائحة وبحدها الأقصى للمرشحيّن الممثليّن لجمعية المشاريع في اللائحة. فيما ماكينة حزب الحوار الذي يرأسه النائب فؤاد مخزومي كانت شبه غائبة إن لجهة حشد المؤيدين والأنصار في مناطق الامتداد البيروتي في عرمون وبشامون وخلدة والناعمة والدبية، أو لجهة الحراك الشعبيّ في الأيام التي سبقت عملية الاقتراع، أو بالتعثر الالكتروني خلال عملية الفرز. أما الطامة الكبرى فهو ما تردّد عن خط ساخن كان بين أحد المسؤولين في الماكينة الانتخابية، وتيار المستقبل طوال يوم الاقتراع واليومين الذين سبقا عملية الاقتراع. وهو ما يستوجب على النائب مخزومي النظر في هيكلية الماكينة الخاصة به على كافة الصعد.

في استطلاع للدولية للمعلومات حول أصوات السُنّة في انتخابات بلدية بيروت. أظهرت الأرقام أنّ 68 ألف سنّي اقترعوا من أصل 252.868. وجاء تصويتهم وفقاً للوائح كالتالي:

– لائحة “بيروت بتحبك”: 33 ألف.

– لائحة “بيروت بتجمعنا”: 16 ألف.

– لائحة “ائتلاف بيروت مدينتي 2025”: 8 آلاف.

– لائحة “ولاد البلد”: 7 آلاف.

– لائحة “بيروت عاصمتنا”: 4 آلاف.

مع الإشارة إلى أنّ هناك من اقترع لمرشح واحد، وهناك من اقترع لأكثر من مرشّح في لوائح مختلفة.

جمعية المشاريع (الأحباش) والقوة التجيرية للنائب فؤاد المخزومي لم يكونا بمستوى الحسابات الانتخابية وكافة الإحصاءات التي سبقت العملية الانتخابية

الكوميديا

احتفاليّة فوز العميد الجمل وخرقه وحيداً للّائحة الفائزة في “ساحة أبو شاكر” شكّلت ذروة حضورها التي يمكن توصيفها بلغة النقد الفنّي بالكوميديا عبر ثلاثة مشاهد:

1- الفائز بالخرق العميد محمود الجمل يحمل علم تيّار المستقبل ملوّحاً به وسط صيحات بعض الشباب المجتمعين حوله.

2- النائب نبيل بدر راقصاً في الساحة نفسها ومصرّحاً بصوت مرتفع: “من يريد أن يتحدّث مع السُّنّة في لبنان فهذا هو عنوانهم”، كأنّه يخاطب الخارج قبل الداخل، وتحديداً المملكة العربية السعودية، أنّه هو من يمثّل السُّنّة، وهو من يجب أن يتحدّثوا معه بعيداً عن ادّعائه في عدّة مجالس أنّه رجل قطر الأوّل.

3- فيديو يظهر فيه الأمين العامّ لتيّار المستقبل أحمد الحريري يحتفل على طريقته بفوز الجمل متفاجئاً بهذا الخرق.

ثلاثة مشاهد لحادثة واحدة هي استعادة لرواية نجيب محفوظ “ميرامار” التي يروي فيها كلّ شخصيّة من شخصيّات الرواية حكاية موت “زهرة”. إلّا أنّ القارئ في الختام لا يصل إلى معرفة من قتل “زهرة”.

المشاهد الثلاثة لـ”احتفال أبو شاكر” تضع علامة استفهام عمّن يقف حقيقةً خلف خرق الجمل. هل هو الجمل بما حمل من تعاطف رجال الدين والجمعيات الدينية نكاية بالأحباش وجمعيّة المشاريع؟ أم نبيل بدر الساعي إلى زعامة السُّنّة خلفاً للحريرية السياسية على قاعدة أنّ من يسيطر على “ساحة أبو شاكر” يسيطر على بيروت؟ أم تيّار المستقبل وأمينه العامّ أحمد الحريري الذي احتفل كأمّ الصبي بخرق الجمل، بخاصّة أنّ لأحمد الثاني في التيّار، أي أحمد هاشمية، مرشّحاً واضحاً وصريحاً في لائحة “بيروت بتجمعنا” هو محمّد بالوظة؟

في استطلاع للدولية للمعلومات حول أصوات السُنّة في انتخابات بلدية بيروت. أظهرت الأرقام أنّ 68 ألف سنّي اقترعوا من أصل 252.868

ملاحظة بحجم التّساؤلات

بانتظار الوصول إلى إجابة عن تلك التساؤلات لا بدّ من تسجيل ملاحظة بحجم كلّ التساؤلات، لم تقُم اللوائح المنافسة، وفي مقدَّمها لائحة “بيروت بتجمعنا”، بتوجيه أيّ نقد أو انتقاد أو تهجّم شخصيّ أو عامّ على لائحة نبيل بدر وعماد الحوت. فيما لم تترك لائحة نبيل بدر وعماد الحوت، ومعها أنصار تيّار المستقبل، تُهمةً إلّا ووجّهتها للخصوم، بداية من الاتّهام بالتحالف مع “الحزب”، مع الإشارة إلى أنّ ممثّل “الحزب” في نقابة المهندسين توفيق سنان كان على لائحة الجمل كأحد أبرز المرشّحين. لكنّ الأهمّ هو أنّه متى لم يكن الرئيس سعد الحريري متحالفاً وشريكاً مع “الحزب” منذ عام 2016 حتّى لحظة تعليق عمله السياسي عام 2020، إن استثنينا عدّة أسابيع من الحرد. كان الرئيس سعد الحريري حليفاً لـ”الحزب”، وكان المعاون السياسي للأمين العامّ لـ”الحزب” من الزوار الدائمين إلى بيت الوسط. أمّا في مسألة التحالف مع الأحباش فيرتسم سؤال مركزي: هل الأحباش سُنّة بيارتة أم لا؟ وإن كانوا قد تحالفوا مع “الحزب” ونظام بشّار الأسد أفلم تتحالف الجماعة الإسلامية مع “الحزب” ونظام الأسد في الكثير من المحطّات، ومع التيّار العوني في الانتخابات النيابية الأخيرة من عكّار وصولاً إلى صيدا.

تابعنا عبر