شعار ناشطون

قانون الإيجارات التجارية والعدالة المتوازنة

29/04/25 06:36 am

<span dir="ltr">29/04/25 06:36 am</span>

أنطوان مسرّه – نداء الوطن

تتطلب القوانين الصادرة في الجريدة الرسمية (عدد 14 تاريخ 3/4/2025) بشأن الإيجارات التجارية القديمة وموجبات المدارس الخاصة وصندوق المعلمين مقاربات تعلو على شؤون إجرائية والغوص في عمق المعايير الدستورية لبنانياً وعلى المستوى العالمي والمقارن. إنها المرة الأولى عالمياً حيث تطرح قضية في هذا السياق بعد فترة زمنية ممتدة في الفراغ، أو بالأحرى تفريغ متعمّد لموقع رئاسة الدولة.

يكمن منبع الانحراف في القرار الإعدادي لمجلس شورى الدولة رقم 160/2023-2024 تاريخ 4/4/2024 الذي قضى بوقف تنفيذ مرسوم إعادة قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية إلى مجلس النواب.

يفتقر القرار إلى الشمولية في إدراك وتطبيق موجبات حكومة تصريف الأعمال وإدراك مجتزأ لمفهوم تصريف الأعمال بعد فترة وجيزة في أسبوع أو اثنين أو ثلاثة. واجب حكومة تصريف أعمال affaires courantes العمل على إدارة ليس مجرد المرافق العامة، بل ضمان استمرارية الدولة. تفتقر ذهنية لبنانية إلى إدراك الدولة. يتمظهر ذلك في سجالات وتأويلات طوال كل فترات تعليق العمل بالدستور!

إن المجلس الدستوري اللبناني في قراره رقم 7/2014 تاريخ 28/11/2014 حول تمديد ولاية مجلس النواب ينقض، في 15 صفحة، أي تمديد للمجلس النيابي! لكنه في حال شغور في رئاسة الدولة ووجود حكومة تصريف أعمال وقرب نهاية ولاية المجلس النيابي… ينص القرار على موجب الحفاظ على الدولة في دولة القانون

sauvegarder l’Etat dans l’Etat de droit (مجموعة قرارات المجلس الدستوري، الجزء الأول، ص 378-393). تعرّض هذا القرار إلى انتقادات بدون إدراك ضمان استمرارية الدولة في لبنان:

Sabine Bayssat, La justice constitutionnelle dans la reconstruction des Etats

(Note documentaire, République libanaise, Conseil constitutionnel, Annuaire, 2015, vol. 9, pp. 187-196.

1. حكومة تصريف الأعمال في حال شغور رئاسة الدولة: موجبات أي حكومة تصريف أعمال بعد فترة زمنية وجيزة العمل على استمرارية الدولة بدون أي حصرية. لكن كل ما تصدره حكومة تصريف أعمال بحاجة في حال شغور رئاسة الدولة هو عرضة لنقد شرعيته légitimité، لأن القانون هو شرعي légitimité في سياق مؤسساتي متكامل: انتخابات نيابية، مجلس نيابي، حكومة، رئاسة دولة، مجلس دستوري. عدم تكامل هذا السياق، في حال شغور رئاسة الدولة، يجعل كل النصوص عرضة للنقد حول شرعيتها الدستورية:

Elysée Kodjo Hathor, “Le gouvernement d’affaires courantes, une notion en voie de disparition ? », Revue française de droit constitutionnel, no 133, 2023, pp. 1-23 (cas au Togo et Pays-Bas).

لا يناقض هذا المسار مضمون التعميم رقم 10/2013 بوجوب التقيّد بأحكام المادة 64 من الدستور في معرض تصريف الأعمال بعد اعتبار الحكومة مستقيلة (الجريدة الرسمية، عدد 18، تاريخ 25/4/2013). لكنه يتوجب ضمان استمرارية الدولة في حال التمادي الزمني في تصريف الأعمال. إن موجب استمرارية الدولة يعلو على أي اعتبار اجرائي مجتزأ. إن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، انطلاقاً من مقاربة دستورية ومؤسساتية، اتخذت القرارات في سياق استمرارية الدولة في أوضاع بالغة الصعوبة والخطورة.

يعني تصريف الأعمال في كل الاجتهادات الدستورية في العالم: دفع رواتب موظفين، تأمين شرطي سير، استمرارية الإدارات العامة… إن عبارتي “تصريف” و”أعمال” تعنيان شؤوناً طبيعية، عادية، إجرائية، كما في اللغة الأجنبية affaires courantes، أي “ساري وسريع وجاري بطريقة عادية، شائع، اعتيادي، طبيعي، متداول” (Le Robert).

كل النصوص في عهد حكومة تصريف الأعمال وشغور رئاسة الدولة هي منقوصة الشرعية légitimité التي هي مسار متكامل. ولا يعني ذلك أن كل هذه القوانين غير دستورية في مضامينها.

2. المبادئ التي تمّ إقرارها سنة 2014 للمجلس الدستوري: إن القوانين حول الإيجارات التجارية وتسوية أوضاع مالية بشأن المعلمين تستند إلى معايير سبق للمجلس الدستوري أن اعتمدها في ما يتعلق بالإيجارات السكنية وهي المعايير التالية في القرار رقم 6/2014 تاريخ 6/8/2024:

آ. العدالة المتوازنة justice proportionnelle في قضايا متمادية في التاريخ، ومخالفة أساساً للتوازن التعاقدي وحق الملكية والأمان القانوني. أورد قانون الإيجارات التجارية بنوداً في هذا السياق حول التفاوض والتسوية بين المالك والمستأجر. يرد في قرار المجلس الدستوري سنة 2014 توضيحات ريادية في العدالة الدستورية من منظور مقارن حول التوازن التعاقدي وحق الملكية والعدالة المتوازنة justice proportionnelle والأمان التشريعي.

ب. نورد الحيثيات حول الأمان التشريعي sécurité juridique والتي تغني العدالة الدستورية على المستوى العالمي والمقارن. ورد في القرار:

” الأمان التشريعي لا ينطبق على الحالة الراهنة لأسباب أربعة على الأقل:

– يجب أن يكون الأمان التشريعي عاماً وليس لصالح طرف على حساب آخر، فيحصل أمان لصالح فئة على حساب الأمان لفئة أخرى.

– يجب أن تتوافر فيه الشروط القانونية فلا ينبع من قوانين استثنائية، وإن كانت مستمرة، هي بطبيعتها ظرفية.

– يجب أن ترتكز الثقة المشروعة على الثقة التي هي في جوهرها علائقية فتكون مجردة من الاستغلال أو الضرر، وأيضاً على المشروعية وليس مجرد القانونية.

-الأمان التشريعي والثقة المشروعة تتطلبان من المستفيد منهما أن يمارس هو أيضاً الحكمة تجاه احتمال حدوث التحول في التشريع.

إن العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر القديم، إذا اتصفت بعدم التوازن وعدم الإنصاف، فلا تنطبق عليها، بالرغم من استمراريتها مدة طويلة، مفاهيم الأمان والثقة والمشروعية، بل تسري عليها في ما يتعلق بالمستفيد شروط الاستدراك والتحسب للمتغيرات”.

في ما يتعلق بأوضاع مالية متعلقة بالمدارس الخاصة والمعلمين، فيجب أن تخضع لذات الاعتبارات المتعلقة بالعدالة المتوازنة في حالة مالية واقتصادية لبنانية غير مستقرة.

تابعنا عبر