
دولة الرئيس
السادة النواب
-أما واننا أمام مرحلة تغييرات كبرى في لبنان والمنطقة والعالم.
-أما وإن قواعد الحروب في العالم قد شهدت تغييرات جذرية، بانتقال الحسم فيها من ثنائية المدرعات – المشاة إلى ثنائية التفوق الجوي والتكنولوجي.
-أما وإن أسباب تشكيل الجيوش في العالم هي الدفاع عن أوطانها وحفظ سيادتها.
-أمام هذه الوقائع، وبما أن لبنان يقف اليوم على أبواب الإنتقال من مرحلة إلى أخرى، فإني أبدأ كلمتي بتحية كبيرة لشهداء لبنان، الذين افتدوا بدمائهم هذا الوطن كي يبقى لنا وطناً، سيداً حراً مستقلاً.
-التحية لجميع شهداء الحرية والسيادة والاستقلال.
-التحية لكل شهيد سقط في مواجهة أو جراء الإعتداءات الاسرائيلية على لبنان.
دولة الرئيس
-نحن اليوم في لحظة الحقيقة والحقيقة وحدها تقودنا الى الإنقاذ، أما التكاذب فهو وصفة مؤجلة لأزمات لا بد أن تنفجر عاجلاً أم آجلاً.
-لقد خرج لبنان من عدوان إسرائيلي مدمّر، وكان بالإمكان تفادي هذا العدوان الإجرامي، لو كان الجميع تحت سقف الدولة التي يفترض أن تُمسك وحدها بقرار الحرب والسلم.
دولة الرئيس
-لبنان وطن تعددي…
واهم أي مكون من مكوناته، إذا اعتقد أنه ومهما بلغت قوته العسكرية أو الإقليمية أنه يستطيع ان يخضع المكونات الأخرى لإرادته ومشروعه.
-نحن شبه متكافئين في القوة.
-ونحن أيضاً شبه متكافئين في الضعف.
-جميلٌ أن نسمع في الفترة الأخيرة من يتكلم عن نهائية الكيان ونهائية الوطن، وأجمل من ذلك أن نقرن القول بالفعل.
-نعيش اليوم لحظة مفصلية، وإذا لم نتعظ من عبر التجارب التاريخية، سيكون الثمن غالياً علينا وعلى أولادنا وأحفادنا.
-فلنتصارح ونواجه الحقيقة، ألا وهي ان الدويلة لا يمكن أن تلد الا دويلات، وان الدولة هي وحدها التي تلد وطناً حاضناً للجميع.
-لقد عاش أجدادنا في جبل لبنان نظام الإمارتين، ونظام القائمقاميتين ونظام المتصرفية، ونحن كجيل نعيش نظام دولة لبنان الكبير، وحده الوطن الكبير أي لبنان الكبير بتعدديته وتفاعله الايجابي، يجعل من لبنان الوطن، وطن الرسالة، وإلا بقينا دويلات طائفية مذهبية متناحرة، تدخلنا في دوامة الحروب، على مذبح الشهوات الطائفية والمشاريع الإقليمية، أو في متاهات الايديولوجيات العبثية.
دولة الرئيس
-لقد أثبت الشعب اللبناني الطيب والمتعالي عن الجراح، وطنيته وتضامنه خلال العدوان الأخير وخلال أزمة النزوح الأخيرة.
-وهذا الأمر يدفعنا لنفكر مليّا بتسوية تاريخية من خلال مصالحة وطنية حان وقتها، نعم مصالحة وطنية حان وقتها، ولا نرى ذلك الا من خلال العودة إلى ا
لدولة والدستور والمساواة أمام القانون، دون سلاح خارج إطار السلاح الشرعي وبلا فائض قوة.
دولة الرئيس
-شراكتنا الوطنية، ليست ولا يمكن أن تكون شراكة عددية، لقد ارتضينا العيش معاً وارتضينا تجاوز الاعداد والتعداد.
-لقد ارتضينا المناصفة وفقاً للدستور فيما بيننا مسلمين ومسحيين، ونصرّ على التمسك بالمناصفة احتراماً لشراكتنا الوطنية وعيشنا الواحد.
-أكرّر وأشدد أن نعود جميعاً الى لبنان، وهو ينتظرنا ويتسع لكل أبنائه شرط أن يكونوا جميعاً تحت سقف الدولة وتحت سقف القانون، فالدولة هي قاسمنا المشترك والدولة وحدها هي الحاضنة، وعقدنا الاجتماعي لا يمكن ان ينطبق الا على الدولة الجامعة العادلة والمنصفة.
دولة الرئيس
-نحن اليوم في جلسة مناقشة البيان الوزاري، لتنال الحكومة الثقة على أساسه.
-نحن أمام حكومة جديدة تشكلت خارج إطار الأسلوب التقليدي، الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من كوارث نقول: الثقة مطلب للجميع، علينا أن نثق بأنفسنا وببعضنا البعض وبحكومتنا وببلدنا وبعهدنا الجديد.
-الثقة ليست شيكاً على بياض، بل هي مسؤولية على من أعطاها، ومسؤولية لمن مُنحت إليه، والجميع مسؤول أمام الله وأمام اللبنانيين وأمام التاريخ.
-ثقةُ المجلس النيابي هي ثقة أغلبية اللبنانيين، والثقة أمانة لا تتحقق إلا بالآتي:
1- استعادة الدولة سلطتها على كل شبر من أرضها، وعلى حدودها ومرافقها ومعابرها البرية والبحرية والجوية.
2- تنفيذ وقف إطلاق النار كاملاً وفقاً للقرار 1701 بكامل مندرجاته، والقرارات الدولية ذات الصلة واتفاق الطائف (الدستور)، بما يزيل الاحتلال ويضع جيشنا على خط الحدود المعترف بها دولياً.
3- تطبيق الدستور كاملاً، لا سيما البنود الثلاث الهامة، التي لم تنفذ من اتفاق الطائف وهي:
أ – اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة.
ب- حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية فقط.
ج – بداية الخروج من الطائفية إلى الوطنية، من خلال انتخاب مجلس نيابي غير طائفي، مع توفير الضمانات اللازمة، لكل المكونات الوطنية من خلال إقرار وتشكيل مجلس الشيوخ.
4- العمل وبأسرع ما يمكن على تحضير ورشة الإعمار، ليعود أهلنا في كافة المناطق اللبنانية الى مساكنهم ويعيشوا بكرامة واحترام.
5- العمل على استعادة لبنان علاقاته العربية والدولية.
6- البدء بورشة إصلاح وإنقاذ (كما أسمت حكومتنا الحاضرة نفسها)، من خلال العمل الجاد للقضاء على الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين، وهنا نرى انه لا مناص من فتح ملفات كامل الجرائم المالية والاقتصادية، لمحاسبة المتورطين بسرقة أموال اللبنانيين وأموال المودعين، ونهب مرافق الدولة وأموالها من خلال قضاء مستقل استقلالاً حقيقياً، وأركز هنا على ضرورة إعادة كامل أموال المودعين الى أصحابها، فهذه أمانة في أعناقنا وشرطٌ ضروري وملزم لبناء دولة. فلا يمكن أن نبني دولة دون قطاع مصرفي، ولا يمكن أن نبني القطاع المصرفي دون الثقة، ولا يمكن أن تتوفر الثقة دون إعادة أموال المودعين كاملةً إلى أصحابها.
كما أشير هنا إلى ضرورة إعادة قيمة الأجور والرواتب لموظفي الدولة، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين في الخدمة الفعلية أو التقاعد، فكرامة الدولة من كرامة موظفيها، فلا يجوز أن يتوزع ولاء الموظف، وخاصةً ولاء العسكريين الى اكثر من رب عمل واحد، فالدولة التي تؤمن الكفاية لقضاتها وعسكرها، هي دولة عصية على الإختراق والإرتهان.
7- إقرار قانون انتخابات عصري، يتماشى مع ما نريده لوطننا من عافية وتقدم وازدهار، وعيش مشترك كما نص عليه اتفاق الطائف.
-8 العمل على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة من قبل الدولة، لتحرير ما تبقى من أراضٍ محتلة.
-9 معالجة أزمة السجون والمساجين، وإيجاد حلول فورية إستثنائية، لهذا الواقع الإنساني وتسريع المحاكمات، والسجون اليوم ليست قنبلة موقوتة ، بل هي قنبلة نزع فتيلها.
ولا بد هنا من الإنتقال من المحاكم الخاصة إلى المحاكم المتخصصة.
دولة الرئيس
-تعيش مدينتي طرابلس والتي أعتز بها، كما يعيش كامل الشمال أزمة معيشية حقيقية، وخير دليل على ذلك ما سمّي بظاهرة زوارق الموت، والتي أودت بحياة المئات من المواطنين بعد أن وصلوا إلى هاوية اليأس الكبير.
-في الشمال ما يكفي من المرافق لتأمين حياة كريمة لكافة أبنائه، لو عملت هذه المرافق بشكل طبيعي، ونحن والجميع يعلم لماذا منعت هذه المرافق من العمل، وهنا أذكّر وأشدّد على ضرورة تشغيل هذه المرافق وهي:
أ- مطار الشهيد رينه معوض في القليعات عكار.
ب- مصفاة النفط في البداوي – دير عمار.
ج- معرض الشهيد رشيد كرامي في طرابلس.
ث- المنطقة الاقتصادية الخاصة.
ج- سكك الحديد وتشغيل القطار، لربط لبنان بمحيطه العربي والأوروبي.
ح- المنطقة الصناعية.
وهنا لا بد من التنويه بإدارة مرفأ طرابلس، الذي يعمل بنسبة مقبولة ومن المفترض تطويره وتعزيز قدراته.
دولة الرئيس
أجدد القول إننا في مرحلة انتقالية تاريخية واعدة.
آن الأوان للبنانيين أن يتصارحوا ويتصالحوا، آن الأوان أن نبني لشعبنا دولة ووطناً بكل ما للكلمة من معنى.
آمل أن نكون على قدر المسؤولية في هذه المرحلة التاريخية.
دولة الرئيس
لقد استبشر اللبنانيون خيراً بالعهد الجديد، كما استبشروا خيراً بهذه الحكومة الجديدة، وإني أرى من الضروري أن نمنحها الثقة، وأؤكد أني أمنح هذه الحكومة الثقة، فاللبنانيون يراهنون على الخروج من النفق الأسود إلى الوطن الرحب، ونأمل أن نكون فعلاً أمام فرصة حقيقية للإنقاذ.
آسف أني أطلت عليكم وآمل أن نكون عند حسن ظن اللبنانيين بنا.
-شكراً للشعب البناني الذي منحنا ثقته…
-والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…