
أم كلثوم والأتراك”، كتاب صادر حديثاً عن دار مرفأ للثقافة والنشر، من تأليف الباحث الموسيقي التركي مراد أوزيلدريم وترجمة أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير.
يُضيء هذا الكتاب على أهمية أم كلثوم كواحدة من أكثر الفنانين تأثيراً في تاريخ الموسيقى في المنطقة، ويكشف عن مدى تأثر الأتراك بأم كلثوم، خصوصاً في فترة حظر إذاعة الموسيقى الكلاسيكية في تركيا بين عامي 1934 و1936، بحيث غدا صوت كوكب الشرق هو الأقرب قلب الجمهور التركي الذي بات يسمعها عبر أثير الإذاعة الحكومية المصرية الناشئة آنذاك.
يأتي كتاب “أم كلثوم والأتراك” تزامناً مه الاحتفائ بالذكرة الخمسين على رحيلها. وهنا نضع مقتطفاً منه عن “اكتشاف أم كلثوم” لنتعرّف الى بداياتها كما روتها كوكب الشرق بنفسها في حوار أجراه معها التركي أحمد نديم جَلَلي أوغلو في القاهرة في مجلة (رسيملي راديو) التركية في تاريخ 8 فبراير 1951 : “في أحد الأيام، كان والدي يعلم أخي موشحًا. وعلى الرغم من أنه كرره له مرارًا وتكرارًا، فإنه لم يدخل في رأسه، فغضب والدي وضربه. وقتها تعلمتُ هذا الموشح جيدًا. قلت: “أبي، إذا أردتَ، أستطيع أن أغني هذا. كان والدي رجلًا متعصبًا. لم يكن يريد لي أن أغني. لقد وبخني، فذهبتُ إلى الغرفة المجاورة، وبدأتُ في غناء هذا الموشح بصوت عالٍ. عندما سمع والدي ذلك، لم يستطع تحمله. ناداني وربت على ظهري، وغيَّر رأيه، وبدأ يعلمني التوشيح والأغاني. هكذا بدأت حياتي الفنية. بعد ذلك، لم يتردد والدي في اصطحابي إلى أعراس القرية وموالدها. لقد أحبُّوا صوتي كثيرًا في كل مكان ذهبنا إليه”…
ويضيف المؤلف: “انتقلت أم كلثوم إلى القاهرة بشكل دائم عام 1923. وتعرَّفت على أشهر الأسماء في عالم الموسيقى والأدب في مصر، وتلقت دروسًا من بعضهم، مثل الشيخ أبو العلا محمد (1872- 1927)، وأمين بك المهدي، وزكريا أحمد (1896- 1961)، وهو من أم تركية، وداود حسني أحد اليهود القرائيين (1870- 1937)، والعوَّاد محمد القصبجي (1892- 1966) والشاعر أحمد رامي (1892- 1981)… ومن المعروف أن أم كلثوم صنعت اسمها في المدينة في عشرينيات القرن الماضي من خلال أداء أعمالها في قصور الأرستقراطيين وأمام الضيوف، الذين كان معظمهم من ذوي الأذواق الموسيقية المتميزة”.