شعار ناشطون

القاهرة للكتاب… جسور ثقافية بين مصر وعُمان

29/01/25 09:44 am

<span dir="ltr">29/01/25 09:44 am</span>

بالقهوة والحلوى العُمانية يستقبل جناح “سلطنة عمان” في معرض القاهرة الدولي للكتاب زواره، فيحتضنهم “المجلس العماني” حيث يجلسون، فتمنحهم هذه الضيافة المميزة فرصة للتعرف على العادات العمانية، والتماس عمق الترحيب ودفء الاستقبال.

فهذا العام، يزدان معرض القاهرة للكتاب في دورته الـ 56 بـ”سلطنة عُمان” كضيفة شرف، مما يمثّل فرصة للاحتفاء بتراثها؛ فتلك البلد التي تعانقها البحار وتكلّلها الجبال لم تكن يوماً مجرد نقطة على خريطة الجغرافيا، بل منارة للعلم والحضارة.

أما اختيارها فهو تكريس لأهمية موروثها الثقافيّ الثريّ الممتدّ عبر السنوات، والذي يتناغم مع تطلّعاتها الحديثة نحو التقدّم والنهضة، ويمثل دعوة مفتوحة للغوص في عمق تاريخها واستكشاف هويتها متعدّدة الأبعاد.

وباعتبار أنها كانت مركزاً لحركة التجارة العالمية، وموطنًا لأعرق الموانئ التي شكّلت همزة وصل بين الشرق والغرب، فإنّ حضورها يمثّل تجسيداً لعمق العلاقات التاريخية والثقافية مع مصر عبر العصور، وتعزيزاً لآفاق الحوار الثقافي العربي. جسور التفاهم

الثقافة هنا لا تُعتبر رفاهية بل وسيلة لبناء جسور التفاهم وتعزيز الهوية المشتركة. هذا ما يؤكّده لـ “النهار” مدير دائرة شؤون معارض الكتاب في وزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية خلفان بن محمد العبري، حيث يقول: “منذ الإعلان عن اختيار السلطنة كضيف شرف، حرصنا على انتقاء المفردات الثقافية وإعداد مشاركة غنية ومتنوعة تسلّط الضوء على العلاقات الثقافية والتاريخية بين عُمان ومصر. ثمة برنامج ثقافي حافل يجمع نخبة من المثقفين العمانيين والمصريين، ولقاءات تساهم في تعزيز التواصل الثقافي والحضاري، وتقديم الهوية العمانية بأبعادها المختلفة للجمهور المصري والدولي”.

وتطرق العبري إلى ملامح البرنامج الثقافي قائلاً: “تقدّم السلطنة برنامجًا غنيًا يجمع بين نخبة من المثقفين، ويشمل ندوات تناقش العلاقات بين البلدين، وأخرى تسلّط الضوء على الأدب والموسيقى، كما تُقام أمسيات شعرية وعروض موسيقية وفنية شعبية عمانية، تتيح للزوار اكتشاف الجوانب المميّزة من الثقافة العمانية، كما يُوفر الجناح تجربة استثنائية عبر تقنية الواقع الافتراضي (VR)، لتأخذ الزوار في رحلة فريدة لاستكشاف التراث العماني، تشمل ذلك المسجّل ضمن قائمة التراث الثقافي غير الماديّ لليونسكو، مثل فنّ البرعة، المجالس العمانية، والخنجر العماني. هذا بالإضافة إلى حضور مميّز لكتّاب عُمانيين وأدباء من مختلف الأجيال، وعرض لإبداعات أدبية وفنية تعكس واقع السلطنة الثقافي الراهن”.

يشهد “الجناح” حركة نشطة وحضورًا كبيراً للزوار من مختلف الفئات، كما يجتذب الشباب الذين تهافتوا لالتقاط الصور التذكارية. وتميّز تصميمه بلمسات تراثية أصيلة، إذ زُينت الجدران بلوحات فنية لمعالم السلطنة التراثية وأخرى تسرد نبذة عن أبرز الشخصيات التاريخية العمانية نشر الثقافة

واعتبر العبري أن وجود السلطنة كضيف شرف هذا العام فرصة لمزيد من نشر الفكر والثقافة العمانية في الوطن العربي. موضحاً: “لا شك أن معرض القاهرة الدولي للكتاب هو أكبر منصة للنشر، إذ يزوره قرابة خمسة ملايين زائر سنوياً، ويعدّ فرصة للالتقاء بين الناشر والمؤلّف والكاتب والجمهور.

وفي السياق ذاته، عبّر مدير معرض مسقط الدولي للكتاب أحمد بن سعود الرواحي عن سعادته لمشاركة السلطنة كضيف شرف، باعتبار المعرض أحد أكبر المعارض عربياً ودولياً. وقال لـ “النهار”: “تشارك في الجناح العديد من الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ودور النشر العمانية، ونسعى للتعريف بالإرث الثقافي والحضاري للسلطنة عبر المخطوطات والموسوعات والإصدارات العُمانية، مستهدفين تقديم الكتاب والأدباء العمانيين سواء أكانوا من التاريخيين أو المعاصرين للجمهور، إلى جانب كثير من الفعاليات الثقافية التي تعكس واقع الحياة العمانية”.

 

وأضاف الرواحي: “يعدّ معرض القاهرة، باعتباره منارة إشعاع ثقافي وملتقى كثير من وسائل الإعلام والمثقفين على مستوى العالم، فرصة للتعريف بالتاريخ والإنجازات التنموية والمقومات السياحية والأثرية والاجتماعية للسلطنة، وهو هدف نسعى إليه خلال هذا الملتقى الثقافي، وندعو الجمهور لزيارة الجناح للاطلاع على كثير من الجوانب المتعلّقة بالثقافة العمانيّة”.الاستراتيجية العمانية

وحول خطة واستراتيجية السلطنة لنشر الأدب والثقافة والفكر العُماني كشف مدير شؤون المعارض العمانية خلفان العبري لـ “النهار”: “أن خطط السلطنة الثقافية ورؤية عمان 2030 ترتكز على نشر الإنتاج الفكري العماني عبر حضور “السلطنة” في مختلف معارض الكتاب، إذ تشارك في ما يقارب الـ 18-20 معرضَ كتاب دوليّاً، إضافة لتواجد دور النشر العماني في كثير من المعارض، ممّا يساهم في نشر الإنتاج الفكريّ ووصوله لكافة الكتّاب والباحثين في مختلف الدول عربياً وإقليمياً”.

يضمّ الجناح الرسمي لسلطنة عمان أقساماً عدّة، بينها معرض لنوادر المخطوطات العمانية، وآخر للإصدارات العمانية المطبوعة في مصر. وتتزين جدران الجناح بلوحات فنية تجسّد العلاقات التاريخية بين البلدين، وبمطبوعات تشرح المعالم التراثية والسياحية العمانية، إلى جانب معرض لمصادر الإنتاج الفكري العماني بمشاركة ٢٢ مؤسسة عمانية حكومية أو تنتمي إلى المجتمع المدني.

 

شخصيات تاريخية

خُصّص في المعرض ركن للتعريف بالشخصيات العمانية التاريخية التي ساهمت في مختلف العلوم، وتم تجسيدها بطريقة إبداعية عبر فنانين عمانيين يرتدون أزياء تحاكي العصر الذي عاشه أولئك العلماء، بينهم مؤسس علم العروض الفراهيدي، والجغرافي أحمد بن ماجد، وغيرهم. وتتجول تلك الشخصيات بين جنبات المعرض على مدار اليوم لتعريف الزوار بتاريخ تلك الشخصيات التي تستجلب فضول رواد المعرض للتعرف عليها.

مع حلول المساء، تنبض أروقة “القاهرة الدولي للكتاب” بأجواء ساحرة، إذ يصدح المسرح المفتوح بألحان موسيقية وأصوات غنائية مميزة، إيذانًا بانطلاق البرنامج الفني للسلطنة، الذي يقدم عروض الفنون العُمانية التراثية بين الغناء والرقص التراثي العماني، ومنها رقصة البرعة والمدار، وسط تفاعل وإقبال جماهيري كبير.

 

المرأة العمانية

رغم أن المجتمع العماني محافظ لكنه ليس منغلقاً، وله وجه حضاريّ تلعب فيه المرأة دور كبير، وهذا ما تجلّى في أقسام “الجناح الرسمي” للمعرض.

المرأة قامت بدور حيويّ في إبراز الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع العماني، ولا شكّ في أن هذا الحضور المميز يعكس توازن المجتمع العماني بين المحافظة على تقاليده وانفتاحه الحضاري ووعيه بأهمية دور المرأة.

ووجود المرأة العمانية بين جنبات الجناح لمساعدة روّاده بترحاب بالغ وأداء متميّز يعكس الرقيّ العمانيّ.

تبرز مشاركة المرأة العمانية في ندوات “ضيف الشرف” عبر حضور كاتبات معروفات، من بينهن بشرى خلفان وهدى حمد وغيرهن.

من جانبها، أعربت مديرة التواصل الإعلامي في جامعة السلطان قابوس، جوخة المعمري، عن شعورها بالرضا لمصادفتها كثيراً من زوار المعرض المصريين الذين يعرفون معلومات دقيقة حول السلطنة، وأوضحت لـ “النهار” بأن المشاركة في معرض القاهرة فتح أفق التعاون بين البلدين، وسلّط الضوء على إنجازات السلطنة، كما أن مشاركة جامعة السلطان قابوس بإصداراتها من خلال مركز الدراسات العمانية تدعم انتشار الثقافة العمانية وتعرف الجمهور بها.

تابعنا عبر