بقلم الكاتب صفوح منجّد
أبشع ما يمكن أن يبتلي به شعب هو أن يبادر أحد مسؤوليه إلى التذاكي حيال القضايا الأساسية التي عانى ويعاني منها شعبه، ويحاول الضحك على الناس من جهة، ودفعهم من جهة ثانية إلى الإنحراف عن الخط الصحيح، وكل ذلك في سبيل إنتهاك القانون وتبرير الإلتحاق بقوى بعيدة عن متطلبات شعبه، بهدف تأمين دعم هذه القوى المنحرفة رغم براءتها عن مصالح وطنية، والتوجه إلى دعم القوى المعادية لوطنه وغضّ النظر عن هذه الأساليب، مقابل تأمين مصالحه وسعيه للإمساك بمقدرات بلده، وإن كان ذلك لمصلحة نافذين ساعين لتأمين مصالحهم الخاصة على حساب الوطن وأهله ومستقبلهم.
من جهة ثانية إسرائيل في حالة إرتباك وتخبّط من جراء عدم إستطاعتها الحصول بل “إبتلاع كامل التراب الوطني الفلسطيني”.
فإسرائيل سعت وتسعى إلى تدمير الأرض التي يحاول البعض إقتراح أن تكون مقراً للفلسطينيين في المستقبل القريب، ولكنها غير صالحة لا للإسكان ولا لأي زراعة ولا لتلبية مطالب وموجبات الحياة الكريمة على مختلف الصعد الصحية والغذائية والسكنية، حيث تشير المصادر العلمية إلى أن هذه المناطق المقترحة أن تكون مستقبلا أرضاً لسكن الفلسطينيين، هي في حقيقة الأمر غير صالحة لا للإسكان ولا للزراعة ولا تلبي موجبات الحياة الكريمة على الصعد الصحية والغذائية والسكنية، بحيث يؤدي السكن في هذه المناطق بعد حين من الزمن إلى موت العشرات من سكانها وبذلك يتحقق للصهاينة الإبادة الجماعية في صفوف الفلسطينيين والمقيمين الجدد في هذه الأرض المقترحة أن تكون مقرا للفلسطينيين الموعودين بالإقامة في تلك الأرض “المسكونة” بالأمراض والموت السريع والبطيىء.
أما على الصعيد الميداني والعسكري والعدواني فإنه يمضي في إشتعاله في حين أن الميدان السياسي في ضبابية تحت وطأة المواقف الإسرائيلية المتناقضة التي تثير الكثير من التساؤلات والشكوك.
فرئيس مجلس النواب نبيه بري تابع التطورات بمجملها مع زواره وفي مقدمهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العائد من قمة الرياض العربية الإسلامية.
وقبل اللقاء سأل الرئيس بري في تصريحات: هل من عاقل يعتقد بأننا سنوافق على تسوية أو حلٍ يحقق مصلحة إسرائيل على حساب لبنان وسيادته. وأكد أن المطلوب هو وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بلا حرف زائد أو حرف ناقص، وهذا ما إتفقنا عليه مع آموس هوكستين.
من جهة ثانية كثّف المقاومون هجماتهم بالصواريخ والمسيّرات وصولاً إلى عكا وصفد وحيفا، وبعض هذه الهجمات إنطلقت صواريخها من قرى “الحافة الأمامية” عند الحدود، الأمر الذي أثار سخرية المستوطنين وسخطهم على حكومتهم وجيشهم اللذين أبلغهما بأنه تمّ تنظيف تلك المنطقة التي لم تعد تشكل تهديداً!!
وفي وقائع اليوم غارات جوية كثيفة مقدارها قارب الثلاثين غارة شنّها العدو الإسرائيلي أدت إلى إستشهاد عشرات الأطفال وإلحاق الأضرار والخسائر البالغة في ضواحي العاصمة بيروت ومنها مناطق الغبيري والشياح والمشرفية والليلكي والأحياء المجاورة… وإستمرت أكثر من ثلاث ساعات في وضح النهار في حين كان القصف والعدوان مستمرا على بلدات الجنوب والبقاع وبعلبك- الهرمل، وسجّلت أعمال القصف هذه أبشع المجازر في سكسكية الجنوب وعين يعقوب شمالا.
ويمكن القول أن التصعيد الميداني هو سيّد الموقف، وما كان منتظرا يبدو انه قد بدأ، فوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أعلن أن إسرائيل لن تقبل بوقف إطلاق النار وستواصل ضرب حزب الله بكل قوّة، وإن كانت آثار ذلك وضحاياه تطال مختلف الساحات والمدن والقرى، ومن مختلف الأعمار كباراً وصغاراً نساءً ورجالاً، وتدمّر مناطق وأحياء وقرى ومدنا وتحيلها إلى حجارة، إضافة إلى العشرات من الضحايا، وفي حقيقة الأمر ليس هؤلاء مسؤولون عن أعمال العنف المتبادل التي شملت ولا تزال قرى وبلدات في معظم المناطق اللبنانية وهي ليست مدرجة في معاقل حزب الله وتوابعه، والضحايا ليسوا من أنصاره ومشجعيه، وإن كان معظم هؤلاء من المناضلين الشرفاء الذين لم يؤمنوا يوما ولم يؤيدوا هذا العدو الغاصب على غرار مجمل اللبنانيين وإخوانهم العرب المؤمنين أن فلسطين كانت ولم تزل دولة عربية وهي عائدة لا محالة إلى إنتمائها التاريخي مهما تمادى الصهاينة بأعمالهم الإجرامية.
فاللبنانيون كما الشعوب العربية الأخرى آمنوا ويؤمنون أنّ التاريخ سيسجّل بأن الإجرام الإسرائيلي لن يدوم، وإسرائيل إلى زوال، مهما إشتدّت غطرسة هذه الحفنة من المجرمين القتلة وسفّاكي الدماء، إنها ساعات من الشدّة والتضحية والأمة العربية إلى إنتصار مبين، شرط أن نحسن توجيه البوصلة.