
تحتدم الاشتباكات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيليّ جنوبًا وتصبح أكثر ضرواة. أعلن حزب الله أن مقاتليه قد استهدفوا منذ صباح اليوم 4 دبابات إسرائيليّة وقصفوا بالصواريخ تجمعات لجنود إسرائيليين ومستوطنات، وأوضح حزب الله أن الدبابات التي استهدفها اليوم في مرتفع اللبونة، جنوبي لبنان، من نوع “ميركافا”، مشيرًا إلى احتراقها ومقتل وجرح أطقمها. ومن جهته، أقرّ الجيش الإسرائيلي بمقتل 5 عسكريين بينهم ضابطان وإصابة 8 عسكريين بجروح خطيرة في لبنان. وذكرت صحيفة هآرتس أن الجنود القتلى في جنوب لبنان دخلوا مبنى وبعد نصف ساعة اقتحمه 4 مقاتلين وأطلقوا النار عليهم. وقال الحزب إن مقاتليه قصفوا برشقاتٍ صاروخيّة تجمعين للجنود الإسرائيليين في مزرعة برختا، وفي منطقة السدانة، بمزارع شبعا المحتلة.
اشتباكات التوغّل البريّ
وفي 3 بيانات أخرى منفصلة، أعلن حزب الله أن عناصره استهدفوا مستوطنة راموت نفتالي الإسرائيليّة، وتجمعات لجنود إسرائيليين عند بوابة مستوطنة مسكاف عام الإسرائيلية وفي بلدة بليدا في جنوب لبنان بصليات صاروخية. وفي هذا السّياق، أعلنت إسرائيل رصد انطلاق 32 صاروخًا من لبنان باتجاه شمال إسرائيل تزامنَا مع دوي صفارات الإنذار بمناطق واسعة، منها حيفا والناصرة وعكا وبلدات في الجليل الغربي. وتحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن رصد إطلاق 30 صاروخًا من لبنان باتجاه منطقة الجليل الغربيّ من دون تسجيل إصابات بشرية. وكانت صفارات الإنذار دوّت في العديد من البلدات الإسرائيليّة في منطقة الجليل الغربي القريبة من الحدود اللبنانية.
وفي سياقٍ متصل، كان رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، قد أعلن أنّ قواته عثرت على أسلحة روسية “حديثة” خلال تفتيشها قواعد لحزب الله في جنوب لبنان. وفي مقابلة مع صحيفة لو فيغارو، ذكّر نتنياهو بأنّ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2006 لا يسمح سوى للجيش اللبناني بحمل أسلحة في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني. وأضاف “مع ذلك، في هذه المنطقة، حفر حزب الله مئات الأنفاق والمخابئ”. وفي سياقٍ آخر، قال نتنياهو إن “اندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان سيشكّل مأساة. من المؤكد أننا لا نهدف إلى إثارة مثل هذه الحرب، وإسرائيل لا تنوي التدخل في الشؤون الداخلية للبنان”. وأضاف “هدفنا الوحيد هو إتاحة العودة لمواطنينا الذين يعيشون على طول الحدود اللبنانية إلى ديارهم، والشعور بالأمان”.
بيان الحزب
هذا وأعلن حزب الله في بيانٍ صادرٍعن غرفة عملياته، عن تصعيد جديد في مواجهته مع الجيش الإسرائيليّ، مؤكدًا استمرار التصدي للعدوان الإسرائيليّ الذي تكبّد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات على امتداد جبهات القتال عند الحدود اللّبنانيّة الجنوبيّة وصولًا إلى عمق الأراضي المحتلة.
وذكر البيان أن الجيش الإسرائيلي استقدم منذ بدء العمليات البرية خمسة فرق عسكرية تضم أكثر من 70 ألف جندي وضابط، إضافة إلى مئات الدبابات والآليات العسكرية. وأكدت المقاومة جاهزية مقاتليها للتصدي لأي محاولات توغل باتجاه القرى الحدودية اللبنانية.
وقال البيان “شهدت الأيام الأخيرة اشتباكات عنيفة في القطاعين الشرقي والغربي، حيث تصدى مقاتلو المقاومة لمحاولات التوغل الإسرائيلي باتجاه قرى العديسة، رب ثلاثين، بليدا، مركبا، القوزح، عيتا الشعب، وراميا”. وأوضح البيان أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 10 جنود إسرائيليين وإصابة أكثر من 150 آخرين، إضافة إلى تدمير 9 دبابات ميركافا و4 جرافات عسكرية.
وتابع “واصلت المقاومة الإسلامية قصف مواقع وتجمعات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية، كما استهدفت مواقع عسكرية ومدنًا إسرائيلية في الشمال وصولاً إلى العمق باستخدام صواريخ متطورة، بعضها يستخدم لأول مرة. وأكدت المقاومة أن هذا التصعيد في القصف يأتي في إطار استراتيجية ردع جديدة تهدف إلى تكبيد العدو خسائر إضافية”.
وفي السياق ذاته، أشار حزب الله إلى أنّ وحدات الدفاع الجويّ التابعة لها تمكنت من إسقاط طائرتين إسرائيليتين من طراز “هرمز 450″، ما يعكس تصعيدًا في جهودها لمواجهة الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية.
وأفاد البيان أن حصيلة خسائر الجيش الإسرائيلي حتى الآن بلغت 55 قتيلاً و500 جريح، بالإضافة إلى تدمير 20 دبابة و4 جرافات عسكرية وآليات مدرعة أخرى، فضلاً عن إسقاط طائرتين بدون طيار. وختمت غرفة عمليات حزب الله، بيانها بالإعلان عن الانتقال إلى مرحلة تصعيدية جديدة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، متوعدة بمزيد من الردود الحازمة في الأيام المقبلة.
غارات مكثّفة
إلى ذلك، أغارت مقاتلات الجيش الإسرائيليّ على عددٍ من القرى شرق وجنوب لبنان اليوم الخميس. وقال الجيش الإسرائيليّ إن طائراته أغارت على 150 هدفًا في عموم لبنان خلال الساعات الأخيرة. كما شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على منطقتي، الحوش وبرج الشمالي، في قضاء صور جنوبي لبنان وأفيد عن عن غارات استهدفت كل من بلدة الشهابية، كفررمان، كوثرية السياد، تبنين، طيرحرفا ووادي الحجير. كما شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين استهدفتا بلدة الوردانية في إقليم الخروب. ويأتي ذلك بعد غارةٍ إسرائيليّة جاءت بعد ساعاتٍ من تهديد وجهه الجيش الإسرائيليّ للمتواجدين في المنطقة التي شهدت حركة نزوح كبيرة.
وشنت المقاتلات الإسرائيلية غارات على بلدتي تمنين وسرعين وبيت شاما والسفري في منطقة البقاع شرقي لبنان. وتأتي هذه الغارات بعد نحو ساعة من أوامر وجهها الجيش الإسرائيلي بإخلاء مبان محددة في البلدتين. أوعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن “غارة العدو الإسرائيلي على بلدة السفري في بعلبك الهرمل أدت إلى إصابة ستة أشخاص بجروح”. كذلك أعلن المركز أن “غارة العدو الإسرائيلي على بلدة اليمونة في بعلبك الهرمل أدت إلى استشهاد شخصين وإصابة تسعة آخرين بجروح”.
وقالت وحدة إدارة مخاطر الكوارث في لبنان إنه سُجِّل خلال الـ24 ساعة الماضية 138 غارة على مناطق مختلفة من لبنان، ما يرفع العدد الإجمالي للاعتداءات منذ بدء العدوان إلى 10150 اعتداءً، وسُجِّل سقوط 17 شهيدًا و182 جريحًا، ليرتفع العدد الإجماليّ للضحايا منذ بدء العدوان إلى 2367 شهيدًا و11106 جرحى.
هذا وقالت الإدارة الأميركيّة، اليوم الخميس إنها سمحت لمواطنين لبنانيين محددين موجودين على الأراضي الأميركية حاليًا بالبقاء لمدة 18 شهرًا والتقدم للحصول على تصاريح عمل، وذلك وسط تأجج الأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله. وذكرت وزارة الأمن الداخلي في بيان أن أفرادًا معينين من لبنان موجودين في الولايات المتحدة حتى 16 أكتوبر تشرين الأوّل بإمكانهم التقدم للحصول على “وضع الحماية المؤقتة”.
ترسانة الحزب البحريّة
وفي قراءة الصحف الإسرائيليّة، قالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيليّة إن حزب الله طوّر على مدى العقد الماضي ترسانة بحرية كبيرة، وأوردت ما قاله خبير ميداني إسرائيلي من أن الصواريخ البحرية لهذا الحزب “تتمتع بقدرة كهروضوئية لاصطياد الهدف؛ إنها لاعب خطير”. ونسبت الصحيفة إلى موقع “والا” العبري الإخباري قوله إن مسؤولي البحرية الإسرائيلية يعتقدون أن حزب الله لا تزال لديه ذراع بحرية عاملة تمتلك صواريخ مضادة للسفن وصواريخ باليستية بحرية محتملة أيضًا.
وقال الموقع إن الجيش الإسرائيلي ظلّ يراقب من كثب القدرات البحرية لحزب الله على مدى العقد الماضي، مشيرًا إلى أن معظم انتباهه كان منصبًّا على صاروخ ياخونت الأسرع من الصوت، الروسي الصنع، والذي وصف بأنه “كابوس الأساطيل الغربية”. وأضاف، نقلًا عن بعض التقديرات، أن روسيا باعت هذا الصاروخ لسوريا وأنه بعد ذلك نقل إلى حزب الله. وأبرزت “والا” أن حزب الله طور وحدة بحرية سرية بدعم من إيران، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي نجح في تقليص بعض قدراتها. وأشار الموقع إلى أن الوحدة البحرية لحزب الله لديها قدرات متطورة تمكنها من تنفيذ الغارات الساحلية ومهاجمة السفن. ولفت “والا” إلى أن حزب الله حصل كذلك على صواريخ وأجهزة رادار متقدمة، بعضها مشابه لتلك التي يمتلكها الحوثيون في اليمن.