منير الربيع – المدن
تواصل القوى السياسية اللبنانية التحرك على خطوط متعددة، في سبيل وقف الحرب ومنع اتساعها، وللبحث عن حلول ديبلوماسية. في المقابل، كل الأجواء الواردة من إسرائيل تشير إلى رفض الصيغ المطروحة والإصرار على المضي قدماً في التصعيد العسكري. تضجّ الساحة اللبنانية بتحركات سياسية ولقاءات بين مختلف المكونات، في سبيل إظهار موقف وطني موحد، يسعى إلى رفع عنوانين أساسيين: الأول، وقف الحرب وتطبيق القرار 1701. والثاني، تعزيز الوحدة الداخلية بالعمل على إنضاج تسوية سياسية، تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية وإنتاج سلطة جديدة، للمساهمة في حلّ الأزمة وإخراج لبنان من المأزق، أو إدارة الأزمة في هذه المرحلة الحرجة.
حرب طويلة
كل المساعي الدولية والديبلوماسية تتكسّر عند أعتاب الإسرائيليين، الذين يريدون استدراج المنطقة إلى حرب إقليمية. تلك هي الصورة التي تتكون لدى الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، والذي يقول لـ”المدن”: “وضع المنطقة في غاية الخطورة، هذه الحرب التي بدأها الإسرائيلي في لبنان يمكنها أن تستمر لسنة أو سنتين”.
لدى سؤاله عن واقعية هذه المدّة، يجيب: “ذكّرني بعدين”. يقول “العدوان الإسرائيلي على غزة والذي يحظى بغطاء أميركي ودولي مضى عليه سنة وتم تدمير غزّة، وإنهاء كل مقومات الحياة فيها ويصرّ نتنياهو على مواصلة القتال. فهل لأحد أن يتوقع أن لا يقدم الإسرائيلي على القيام بالمسار نفسه في لبنان؟ نتنياهو لديه الهدف نفسه، وهو يلقى دعماً دولياً، وخصوصاً من قبل الأميركيين. يجب الانتهاء من هذه اللعبة والخروج من دوامة الكذب أو التهدئة أو إرسال الموفدين بين فترة وأخرى، من دون أي معطى جدي أو ضغط فعلي لوقف النار. ما يقوم به الإسرائيليون اليوم في لبنان يشبه ما قاموا به في غزة”.
ضرب إيران
ويعتبر جنبلاط أن “المشروع الإسرائيلي في الأساس هو شنّ الحرب. أما حجة إعادة سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم، فكانت ذريعة لتوسيع الحرب. فنتنياهو يريد تغيير خريطة لبنان والشرق الأوسط، وتغيير التوازنات. وهو ما يفعله بالتركيز على الحرب وتوسيعها”.
ويؤكد أن “تكاليف المعركة ستكون كبيرة جداً على الإسرائيليين ولن يتمكنوا من تحمّلها، ولكنهم يريدون استدراج أميركا إلى القتال إلى جانبهم. كما يريدون استدراج إيران إلى هذه الحرب. فنتنياهو يريد استكمال الضربات ضد إيران، ومستعد للدخول في حرب ضدها واستدراج الأميركيين إليها. وبحال لم يتمكن من استدراجهم، فسيوفرون له كل الدعم اللازم لخوض حربه، إن نجح في فتحها”.
رئيس لإدارة الأزمة والحرب
لا يلتبس على جنبلاط أن ما تقوم به إسرائيل في لبنان والمنطقة مغطّى أميركياً، ومن دول غربية عديدة، مع الإشارة إلى أن لا أحدَ قادر على فرض وقف إطلاق النار. إذ أن المساعي لا تبدو جدية، ونتنياهو يستدرج الجميع إلى لعبته. أما حول الحركة التي يقوم بها إلى جانب الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي، فيقول جنبلاط: “قمنا بهذا التحرك السياسي لأننا نأخذ بالاعتبار خطورة الوضع، وندعو الجميع إلى الالتقاء على كلمة واحدة، والعمل في سبيل المطالبة بوقف النار، وإنتاج تسوية سياسية تحمي البلد. وما نقوم به يُسقط كل الشروط التي كانت مفروضة على الحوار سابقاً. وأنا أتحدث باسم ميقاتي وبرّي حول ضرورة الالتقاء والتشاور من دون شروط لانتخاب رئيس توافقي، وتشكيل سلطة متكاملة للعمل على مواجهة المخاطر. فهذه الحرب ستستمر طويلاً، ويجب أن يكون هناك سلطة فعلية تعمل على إدارة الأزمة”. ويؤكد جنبلاط: “نبذل جهدنا، ولكن ما زلنا ننتظر باقي الأفرقاء، من مختلف المكونات، ولا سيما المعارضة، لأن اللحظة تفرض موقفاً وطنياً وتواصلاً بين الجميع، انطلاقاً من واجب التعزية الذي يمكن أن يعيد إحياء النقاش والتشاور. ولا بد للقوات اللبنانية وغير القوات أن تلتقي معنا في منتصف الطريق”.
رأس الحزب مطلوب
وحول القرار 1701 ونشر الجيش في الجنوب، يؤكد جنبلاط أنه “مطلب طبيعي من قبل كل اللبنانيين، ويجب تحقيقه، ونحن نطالب بتقوية الجيش اللبناني وتعزيز قدراته وانتشاره ووجوده في الجنوب. ولكن من الذي يمنع تعزيز قوة الجيش؟ نشر العناصر في الجنوب يحتاج إلى مقومات غير متوفرة. وهذا يرتبط بالدعم الدولي، وخصوصاً يقع على مسؤولية الأميركيين، وبدلاً من ذلك يغرق لبنان في العمل على تحصيل دعم مالي بسيط للضباط والعناصر، تقدّمها الدول الصديقة والشقيقة مثل قطر”.
أما لدى سؤاله عن مدى قبول حزب الله لهذه الطروحات ولتطبيق القرار 1701، فيقول جنبلاط: “نتنياهو لم يترك مجالاً للبحث السياسي والديبلوماسي، وإسرائيل تطلب رأس الحزب كما طلبت رأس حماس من قبل. وبالتالي، لا يمكن التفاوض مع الحزب حول الـ1701 الآن في ظل الحرب الكبرى التي تُشن عليه. لذلك، نحن نطالب بوقف النار. وبعد وقفها، يلتزم الحزب بتطبيق القرار، كما كان قد توافق الرئيس نبيه برّي مع الحزب ومع الأميركيين قبل فترة. ولكن إسرائيل أطاحت بكل الاتفاقات والمحاولات، وأصرت على تنفيذ الضربات الكبيرة وصولاً إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله”.