عقد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، اجتماعًا طارئًا مع نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة ونقابة الأطباء وممثلين عن شركات التأمين، تم في خلاله مناقشة الوضع الراهن وسبل إيجاد المخارج للحد من إرتفاع تكاليف فاتورة الاستشفاء والطبابة وضمان حصول المواطنين على الرعاية الصحية اللازمة من دون تحميلهم أعباء مالية إضافية.
وقال سلام: “اردنا الجلوس مع المعنيين والنقاش المفتوح معهم على واقع ارتفاع فاتورة الاستشفاء في لبنان، وذلك لأنّ وزارة الاقتصاد ترتدي قبعتين في هذا المجال. القبعة الأولى، أنّ وزارة الاقتصاد هي الوزارة الأم لكل القطاعات التي تؤثر على الاقتصاد والمجتمع اللبناني، لا سيما ان دورنا يصبح ملحا أكثر عندما يكون الموضوع سلبيًا ونود معالجته كي نحافظ عليه ونحوله إلى أمر إيجابي.
أضاف: “اما القبعة الثانية، فهي دور وزارة الاقتصاد من خلال لجنة الرقابة على قطاع التأمين الخاص الذي يؤمن التغطية الصحية لأكثر من 500 ألف مواطن لبنان أو غير لبناني مقيم مؤمن، إضافة إلى آلاف المؤسسات في كل القطاعات”.
وتابع: “ولما لهذا الموضوع من أهمية في ظل، للأسف الشديد، غياب دور الدولة بشكل كبير جدا نتيجة الظروف والانهيار الاقتصادي لا سيما في موضوع الضمان الاجتماعي ورفع الدعم عن الدواء وأمور اخرى تتعلق بالقطاع الصحي، اضافة إلى فاتورة الطاقة التي تؤثر على كل القطاعات، والارتفاع العالمي للأسعار المتعلقة بالمعدات الطبية وغيرها. كل هذا كان له تاثيره على لبنان”.
واستطرد سلام: “الهدف من اجتماع اليوم، ان نكون ضابط إيقاع لهذه الحركة الجنونية الحاصلة في فاتورة الاستشفاء والتي يتضرر منها الجميع، من المستشفيات الخاصة والرسمية والأطباء والنقابات وشركات التأمين، الجميع يشعر ولأول مرة ان الموضوع بحاجة إلى اعادة نظر وطنية في المرحلة الاولى لأننا نعرف ان هناك عدم استقرار في الكثير من الأمور مما أدى إلى ارتباك في كل القطاعات بما فيها القطاع المالي والمصرفي. نحن اردنا اعادة التهدئة لكل المعنيين في القطاع بدءا من الطبيب الى المستشفى إلى تاجر الأدوات الطبية، اذ ان هناك حالة من القلق تؤدي إلى رفع الأسعار والتحرك المسبق خوفًا من الخسارة، لأنه للأسف ليس هناك خارطة طريق او رؤية إلى أين تتجه الامور”.
ولفت سلام إلى أننا “لا نريد ان نظلم القطاع او المواطنين، انما اتفقنا من خلال الاجتماع الذي أشدد على الطابع الاجتماعي له، ان القطاع الصحي هو العمود الفقري وخط احمر تماما كما نقول عن “أكل” المواطنين، فان طبابتهم ايضا خط احمر لا يمكن التلاعب به او إهماله إلى درجة انهياره كما حصل مع بعض القطاعات”.
وأكّد انه “لا يمكن ان نترك القطاع الصحي ينهار. وشركات التأمين التي نحن اليوم على مسؤولية وعلاقة مباشرة معها، أنّه جرى الحديث من فترة على ارتفاع قيمة البوالص وهذا أيضا كان جزءًا من حديثنا، ان كيف يمكننا السيطرة على هذا الأمر لان الحديث عن رفع كلفة البوالص لم يأت من العدم انما هو نتيجة تراكمات أدت إلى رفع كلفة الاستشفاء، وهنا أقول أنّ جزءًا منها مبرر وجزءًا غير مبرر”.
وأوضح سلام “ان قدرة اللبناني الشرائية وقدرته على الصمود اليوم الى جانب حجز أمواله في المصارف اللبنانية، خلقت ضعفًا في القوة الشرائية لدى المواطن وبالتالي لم يعد في استطاعته دفع فواتيره كما كان عليه الامر ما قبل العام 2018، في حين ان قطاع التأمين مضطر لاستيراد نفس المعدات ودفع نفس الاسعار”، مشيرًا إلى أنّ “الكثير من تلك المعدات والقطع المستوردة من الخارج “تصل الى لبنان بهامش ربح يفوق الـ50 في المئة وصولا الى الـ70 في المئة، والكلفة تنتقل من الاستيراد والفاتورة الخارجية الى المستشفيات في لبنان ومنها الى المريض وصولا الى قطاع التأمين”.
وكشف سلام، ان بعض تلك المعدات تكلفتها من الخارج، على سبيل المثال مئة دولار اميركي، تصل تكلفتها الى المستشفى او الطبيب مع كلفة التأمين الى حوالى الألف دولار”، معتبرا ان “ثمة علامات استفهام كبيرة تطرح حول هذا الموضوع”، مؤكدا انه “سيجد حلولا تدريجية لكل تلك الامور، وان الاتفاق اليوم كان حول إنشاء خلية ازمة، بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والأعمدة الاساسية لهذا القطاع الى جانب النقابات المعنية، لتعيين نقطة اتصال تتابع الموضوع، من ضمنها الحديث مع المستوردين، لاسيما وان فواتيرهم واكلافهم أثرت سلبا على الفاتورة الطبية من ادوية ومعدات وقطع، بعيدا عن عمل الطبيب وحساب كلفته، الذي يشكل ايضا موضوعا آخر جرى مناقشته مع نقيب الاطباء الذي طمأننا الى ان النقابة على تواصل دائم مع الاطباء وتشرح لهم الوضع العام للبلد، وتطلب منهم الالتزام بمعايير معينة”.
كما كشف سلام عن ورود شكاوى حول “أكلاف خارجية اضافية تضاف على الفواتير المغطاة من قبل شركات التأمين والمستشفيات، تصل في بعض الاوقات الى مرحلة تفوق طاقة المريض”.
وأشار إلى أنّ ” قطاعات التأمين والاطباء والمستشفيات هي الوحيدة المتبقية اليوم التي تقف الى جانب الناس لتأمين الخدمة لهم”، محذرا في الوقت عينه من “انهيار القطاع الخاص ليصبح مصيره كمصير الدولة في هذه المرحلة الراهنة”، مؤكدًا “ان هذه القطاعات ستكون الاساس في إعادة بناء القطاع الاستشفائي العام”، مؤكدا “أهمية العمل على حملات التوعية، لان الاوضاع الصحية، خصوصا بعد جائحة كورونا، انعكست على لبنان بشكل سلبي وادت الى تغيير في الممارسات، وهذا الامر بحاجة إلى ضابط ايقاع من اجل التخفيف من وطأة الضغط على المواطن اللبناني وعلى القطاع الخاص الذي يعمل باللحم الحي”.
وختم سلام: “أن الاجتماع كان ايجابيا جدا، وفي أعلى مستوى من النقاش الطبي المناقبي، وانه لمس حرصا كبيرا من المجتمعين على الناس والقطاع الصحي”، داعيا الى “البدء بخطوات ايجابية تجاه مواجهة رفع الاسعار وكلف الاستشفاء واستيراد المعدات من الخارج”.