كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
استنكرت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة الزيادات التي تمّ إقرارها في مجلس الوزراء وعدم إعادتها إلى قيمتها الفعلية لتستطيع مواكبة سعر الدولار والأسعار وكافة الأعباء التي تفرضها عليهم الدولة. ورفضوا أن تسدّد مستحقاتهم من رواتب وأجور وتعويضات صرف ومعاشات تقاعدية على دولار 1500 ليرة لبنانية.
إلا أنها أعلنت تعليق إضرابها لحين معرفة وتوضيح كافة المواد الغامضة التي تضمّنها المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، والتأكد من عدالتها وعدم تمييزها بين موظفي الإدارة العامة وذلك إفساحاً في المجال أمام المواطنين لإتمام معاملاتهم العالقة في الإدارات العامة».
وفي السياق، شدّد عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي القطاع العام ابراهيم نحّال لـ»نداء الوطن» على مطالب الرابطة السابقة وهي اعتماد سعر قريب من 15 ألف ليرة لدولار الرواتب، وعدم فرض شرط للعمل يومياً وكأن الموظف بات مياوماً إذا غاب يوماً واحداً لا يتقاضى الزيادة. معتبراً أن الحدّ الأدنى للراتب لا يجب أن يقلّ عن 600 أو 700 دولار».
لم يسارع موظفو الإدارة العامة الى مزاولة عملهم أمس، تعقيباً على قرار مجلس الوزراء أمس الأول بزيادة الحدّ الأدنى للراتب ليصبح بين 400 و1200 دولار كحدّ أقصى كما أعلنت الحكومة، بل قبعوا في منازلهم تعبيراً عن عدم رضاهم عن هذا القرار. وبعد اجتماعات «مكّوكية» أمس لموظفي الإدارة العامة تمّ تعليق الإضراب لغاية 8 آذار للوقوف على بعض البنود الغامضة التي سيتمّ التشاور بها مع الحكومة. أما موظفو وزارة المالية فلم يعلّقوا الإضراب بانتظار البيان الذي سيصدر عنهم يوم الإثنين والذي يوضح الموقف من تعليق الإضراب. أما المتقاعدون من عسكريين ومدنيين فعلّقوا بدورهم الإضراب بغية دراسة تفاصيل مقرّرات الحكومة.
وجاء قرار الموظفين الرافض تلك الزيادة عموماً للأسباب التالية :
– إن الحدّ الأدنى اللائق للراتب يجب ألا يقلّ عن 700 دولار أميركي.
– عدم الوضوح في ما يتعلق بمكافأة المثابرة في حال أمّنوا حضوراً شهرياً كاملاً أي 14 يوم عمل ووفق معايير إنتاجية محدّدة على أن تبدأ بحدود 15 مليون ليرة للفئتين 5 و4 و18 مليون ليرة للفئة 3. كما يعطى 22 مليون ليرة لموظفي الفئة 2 و25 مليون ليرة لموظفي الفئة الأولى. وذلك خشية حصول استنسابية في منح تلك المكافأة.
– التغيّب عن العمل ليوم واحد قد يحرمهم من الحصول على الزيادة وكأنهم مياومون.
ما هي كلفة الرواتب وحصّتها من الموازنة؟
في المقلب الآخر، كثرت التساؤلات حول قيمة الزيادة الجديدة البالغة 2900 مليار ليرة التي أقرّها مجلس الوزراء وغير المدرجة في موازنة 2024، وما إذا كانت ستنعكس مزيداً من الضرائب والرسوم على الفقير، وكم تصبح كلفة الرواتب؟
يجيب النائب مارك ضو لـ»نداء الوطن» عن هذا السؤال فيقول، إن كلفة الرواتب في العام 2023 عموماً كانت تشكّل نسبة 40 في المئة من الموازنة، اليوم باتت أكثر من 50 في المئة أي نحو ثلثي الموازنة بعد الزيادات التي أقرّتها الدولة والتي توازي 200 ألف مليار ليرة سنوياً على مداخيل بقيمة 308 آلاف مليار ليرة استناداً الى الأرقام المعلنة والمدرجة في الموازنة.
فنسبة 10 في المئة من الموازنة أي من فائض الـ26 ألف مليار دولار المودعة في الاحتياطي تمّ تحويلها الى المعاشات، فارتفعت كلفة الرواتب من 40 الى 50 في المئة ثم أضافوا 2900 مليار ليرة زيادة ففاقت النسبة الـ50 في المئة، وبذلك فإن المبلغ المتبقي لا يكفي لتغطية استشفاء مرضى السرطان وغسيل الكلى ومصاريف الجامعة اللبنانية… .
من أين ستموّل الرواتب؟
ووفق تلك المعادلة من أين ستأتي الدولة بالأموال لتسديد الرواتب التي ستكلّف شهرياً 10700 مليار ليرة (ما يعادل 119,7 مليون دولار) ارتفاعاً من 7786 مليار ليرة (ما يعادل 87 مليون دولار) في كانون الأول 2023 أي بفارق 2900 مليار ليرة؟
حول ذلك يقول ضو، «إذا كان المبلغ الذي وضعه مصرف لبنان للحكومة كحدّ أقصى بقيمة 8300 مليار ليرة لبنانية والموجود في احتياطي حساب الحكومة في مصرف لبنان، فإن الحكومة خرجت بكلفة بقيمة 10700 مليار ليرة شهرياً أي بفارق 2900 مليار ليرة.
8300 مليار ليرة المحددة من «المركزي» تحصّل من عائدات الدولة ومبرّر مبلغ الـ8300 مليار ليرة جزء منه بناءً على التقديرات على زيادة دخل الدولة بالليرة. فالدولة في ظلّ الضرائب والرسوم المرتفعة التي تفرضها، ستحصّل كمية كبيرة من النقد بالليرة اللبنانية من السوق بطريقة أسرع من الفترة السابقة».
وأعطى مثالاً على ذلك، عائدات اشتراكات المياه، التي كانت بقيمة 4 ملايين ليرة، باتت اليوم 13 مليون ليرة. الى ذلك رسوم البلدية والمخاتير وضريبة الدخل كلها تدفع بالليرة الوطنية التي تضاعفت. وبذلك فإن كمية النقد بالليرة المطلوبة من المؤسسات والشركات والأفراد كبيرة وبالتالي سيزيد الطلب على الليرة ما «يريّح» مصرف لبنان. فارتأى المصرف المركزي أنه طالما ستودع في حساب الدولة في مصرف لبنان كميات كبيرة من الليرات، يمكن شراء دولارات بمبلغ بقيمة 8300 مليار ليرة حسب تقديره».
والمفارقة بحسب ضو أنه «عندما تمّ تقديم الموازنة العامة، تمّ التصريح على أن نسبة 40% من الموازنة رواتب للقطاع العام وكانت وقتها الإيرادات 295 ألف ليرة، وعندما صحّح وزير المالية الرقم ورفعه الى 308 آلاف ليرة لبنانية ارتفع المجموع 13 ألف مليار ليرة.
وتكون بذلك كلفة الرواتب السنوية إذا كانت بقيمة 10700 شهرياً (*13 شهراً مع احتساب شهر كانون الأول 2023 ) 139100 مليار ليرة سنوياً.
الحلول البطولية المطروحة أمام الحكومة
وبذلك يعتبر ضو أن «البطولة التي تقوم بها الحكومة، عدا عن زيادة المردود، هي الفائض الذي لديها من العام الماضي بالليرة اللبنانية والذي قدّر وقتها بنحو 65 ألف مليار ليرة وبما أنه لم تحصل عملية قطع الحساب، يستطيعون استخدام فائض العام الماضي. وبذلك استخدموا فائض العام الماضي لتغطية فارق الهامش المسموح به من مصرف لبنان».
ولفت الى أن «كلّ تلك البرمات والصولات، كي لا يتمّ المسّ بسعر صرف الدولار المثبّت على 89500 ليرة. وسأل ضو لماذا حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يعتمد مسيرة الحاكم السابق رياض سلامة ويثبّت احتساب سعر الصرف على 89500 ليرة، ولا يعدّله ويثبّته على 100 ألف ليرة للدولار فترتفع مداخيل الدولة وتحقّق الدولة فائضاً، علماً أنه لدى الدولة مداخيل بالدولار، وبذلك تكون تلك الوسيلة الحلّ الثالث الممكن اعتماده لتغطية العجز، بعد حلّ زيادة سحب الليرة أو استخدام الفائض الموجود في المصرف المركزي.
موضحاً أن «قيمة الـ10500 ليرة التي ستضاف على سعر صرف الدولار (إذا رفع من 89500 ليرة الى 100 ألف ليرة للدولار الواحد)، ستنعكس زيادة بضريبة الدخل وضريبة الأجانب للدخول الى المطار… وتحقّق فوراً فائضاً في الموازنة، مع الإبقاء على الاعتمادات بالليرة اللبنانية على سعر 89500 ليرة لأن نفقاتنا بالليرة وليست بالدولار».
ما هو الحدّ الأدنى الفعلي للرواتب؟
الخبير والباحث القانوني وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي صادق علوية أجاب «نداء الوطن» عن هذا السؤال فقال إنه «غير صحيح أن الحدّ الأدنى لراتب الموظف العام بات 400 دولار، فاستناداً الى حسابات أجراها تبيّن له أن متوسط الدخل لموظف القطاع العام سيتراوح بين 354 دولاراً و863 دولاراً شهرياً وذلك بعد احتساب المساعدة الواردة في موازنة 2024 والمساعدة التي قرّرتها الحكومة في العام 2023 وهي عبارة عن 4 رواتب ومساعدة الراتبين التي أقرّت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وبدل النقل اليومي البالغ 450 ألف ليرة وقيمة صفائح البنزين التي تتراوح بين 8 و16 صفيحة حسب فئة الموظف.
وبذلك إن قيمة تتراوح بالليرة اللبنانية بين31 مليون ليرة و77 مليون ليرة لا تكفي ليؤمّن العامل حياة كريمة باعتبار أن متوسط المساعدة الجديدة تتراوح بين 158 و384 دولاراً أميركياً. ومن هنا تكون الحكومة أخطأت في احتساب العجز والرقم صفر هو غير حقيقي بل وهمي.
ويرى علوية أن إيرادات الحكومة كانت بقيمة نحو 20 ألف مليار ليرة شهرياً وإذا أعادت الدوائر الحكومية فتح أبوابها وعادت عن الإضراب فإن إيرادات الدولة ستزيد عن 30 ألف مليار ليرة ولو كانت فترة مزاولة العمل كحدّ أدنى هي 14 يوماً شهرياً. وقال بالنسبة الى الدوائر العقارية في جبل لبنان: «لم لا يتمّ تحويل المعاملات العقارية الى سائر الدوائر كدائرة بيروت على سبيل المثال وتعديل برامج المكننة فتزيد الإيرادات على الخزينة؟».
المتقاعدون يرفضون الزيادة
قرّر مجلس الوزراء إعطاء المتقاعدين (عسكريين ومدنيين) 3 رواتب إضافية فيصبح مجموع ما يتقاضاه المتقاعدون 9 رواتب شهرياً، بحدّ أدنى للراتب بقيمة 8 ملايين ليرة.
وهذا القرار لم يرق لتجمع العسكريين المتقاعدين الذي أعلن رفض الزيادة التي أعطيت لهم لجهة قيمتها الهزيلة ومقارنتها مع ما أعطي لموظفي الإدارات العامة تحت عناوين مخادعة كبدل النقل والإنتاجية، بحيث تدنّى معاش المتقاعد الى نحو 60% من راتب مثيله في الخدمة الذي يوازيه في الفئة الوظيفية والدرجة، وذلك خلافاً لقانون الدفاع الوطني ونظام التقاعد والصرف من الخدمة اللذين حدّدا بوضوح النسبة المذكورة أعلاه بـ85 في المئة، وهذا بمثابة خرق فاضح للقانون».
وعلّق العميد المتقاعد شامل روكز لـ»نداء الوطن» أن «الزيادة لا تمكّنهم من العيش الكريم، فالراتب بات يبلغ مع الزيادات نحو 220 دولاراً أي بنسبة لا تصل الى 20 في المئة من الراتب الذي كانوا يحصلون عليه قبل بدء الأزمة المالية في البلاد. لذلك طالب باسم المتقاعدين بإجراء مقاربة جديدة وثابتة وواضحة وأن تكون الزيادة بالنسبة المئوية للراتب. فراتب الضابط الذي كان يبلغ 4500 دولار يختلف عن راتب العسكري 600 دولار. واعتبر أن أقلّ راتب يجب أن يبدأ بـ450 دولاراً مع احترام الفئات والرتب».
وإذ أكّد حرصهم على السياسة النقدية في البلاد، قال إن «مقررات الحكومة تتطلب دراسة لمعرفة ما إذا كان تمّ توزيع الزيادة بشكل عادل نسبياً على الجميع وحسب الفئات، وهذا ما سيفعله تجمّع العسكريين المتقاعدين من خلال اختصاصيين».
…ورابطة موظفي القطاع العام تعلّق إضرابها لأيام
استنكرت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة الزيادات التي تمّ إقرارها في مجلس الوزراء وعدم إعادتها إلى قيمتها الفعلية لتستطيع مواكبة سعر الدولار والأسعار وكافة الأعباء التي تفرضها عليهم الدولة. ورفضوا أن تسدّد مستحقاتهم من رواتب وأجور وتعويضات صرف ومعاشات تقاعدية على دولار 1500 ليرة لبنانية.
إلا أنها أعلنت تعليق إضرابها لحين معرفة وتوضيح كافة المواد الغامضة التي تضمّنها المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، والتأكد من عدالتها وعدم تمييزها بين موظفي الإدارة العامة وذلك إفساحاً في المجال أمام المواطنين لإتمام معاملاتهم العالقة في الإدارات العامة».
وفي السياق، شدّد عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي القطاع العام ابراهيم نحّال لـ»نداء الوطن» على مطالب الرابطة السابقة وهي اعتماد سعر قريب من 15 ألف ليرة لدولار الرواتب، وعدم فرض شرط للعمل يومياً وكأن الموظف بات مياوماً إذا غاب يوماً واحداً لا يتقاضى الزيادة. معتبراً أن الحدّ الأدنى للراتب لا يجب أن يقلّ عن 600 أو 700 دولار».
…وموظفو «المالية» مستمرّون بالإضراب
أعلن أعضاء تجمع موظفي الإدارة العامة تعليق الإضراب موقتاً لغاية يوم الجمعة 8/3/2024 ضمناً في جميع الإدارات العامة باستثناء وزارة المالية الذي سيصدر بيان عنها يوم الإثنين يوضح الموقف من تعليق الإضراب.
وكان التجمّع طالب خلال اجتماع عقد أمس، المعنيين بتوضيح بعض النقاط الملتبسة التي صدرت في محضر جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، المرتبطة بحقوق الموظفين مشدّدين على وجوب أن تشمل الحوافز كل المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري التي لا يستفيد العاملون فيها من أي حوافز أخرى، والتأكيد على مبدأ العدالة والمساواة بين جميع الإدارات العامة ووجوب أن تشمل الحوافز كل الإدارات.
المتقاعدون يرفضون الزيادة
قرّر مجلس الوزراء إعطاء المتقاعدين (عسكريين ومدنيين) 3 رواتب إضافية فيصبح مجموع ما يتقاضاه المتقاعدون 9 رواتب شهرياً، بحدّ أدنى للراتب بقيمة 8 ملايين ليرة.
وهذا القرار لم يرق لتجمع العسكريين المتقاعدين الذي أعلن رفض الزيادة التي أعطيت لهم لجهة قيمتها الهزيلة ومقارنتها مع ما أعطي لموظفي الإدارات العامة تحت عناوين مخادعة كبدل النقل والإنتاجية، بحيث تدنّى معاش المتقاعد الى نحو 60% من راتب مثيله في الخدمة الذي يوازيه في الفئة الوظيفية والدرجة، وذلك خلافاً لقانون الدفاع الوطني ونظام التقاعد والصرف من الخدمة اللذين حدّدا بوضوح النسبة المذكورة أعلاه بـ85%، وهذا بمثابة خرق فاضح للقانون».
وعلّق العميد المتقاعد شامل روكز لـ»نداء الوطن» أن «الزيادة لا تمكّنهم من العيش الكريم، فالراتب بات يبلغ مع الزيادات نحو 220 دولاراً أي بنسبة لا تصل الى 20 في المئة من الراتب الذي كانوا يحصلون عليه قبل بدء الأزمة المالية في البلاد. لذلك طالب باسم المتقاعدين بإجراء مقاربة جديدة وثابتة وواضحة وأن تكون الزيادة بالنسبة المئوية للراتب. فراتب الضابط الذي كان يبلغ 4500 دولار يختلف عن راتب العسكري 600 دولار. واعتبر أن أقلّ راتب يجب أن يبدأ بـ450 دولاراً مع احترام الفئات والرتب».
وإذ أكّد حرصهم على السياسة النقدية في البلاد، قال إن «مقررات الحكومة تتطلب دراسة لمعرفة ما إذا كان تمّ توزيع الزيادة بشكل عادل نسبياً على الجميع وحسب الفئات، وهذا ما سيفعله تجمّع العسكريين المتقاعدين من خلال اختصاصيين».