منير الربيع – المدن
على أكثر من مسار وخط يبرز الاهتمام الخارجي بالوضع الداخلي في لبنان، سواءً لجهة إنجاز الاستحقاقات السياسية، ولا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية، أو لجهة البحث عن كيفية إعادة الاستقرار في الجنوب، ومنع حصول أي تصعيد أو تجنيب لبنان احتمالات الحرب الإسرائيلية، في ضوء رسائل التهديد التي ينقلها ديبلوماسيون ومسؤولون غربيون.
صحيح أن المساعي الداخلية والخارجية تتركز على ضرورة الفصل بين الملفين، أي عدم ربط الاستحقاق الرئاسي بتطورات الجبهة الجنوبية أو الصراع المفتوح في غزة، لكن في مكان ما فإن الملفين سيتقاطعان.
لاغالب ولا مغلوب؟!
لذلك، لا يزال لبنان يشهد حركة سياسية وديبلوماسية هادفة إلى العمل على الملفين بشكل منفصل ومتصل في آن. فتحرك سفراء اللجنة الخماسية واللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي هو تحرك رئاسي، يراد له أن ينفصل بشكل كامل عن مفاوضات ما يجري في الجنوب، وعدم ربط الاستحقاقات ببعضها البعض.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن لقاء السفراء الخمسة مع رئيس المجلس كان بهدف إبراز وحدة موقف الخماسية وعدم الدخول في التفاصيل والأسماء، والتركيز على المواصفات والمعايير الواجب اتباعها برعاية الخماسية. أما التفاصيل والأسماء فستكون ملقاة على عاتق الكتل النيابية والقوى اللبنانية المختلفة. وهو ما يجب العمل به تحت قبة البرلمان من خلال حوارات ثنائية أو ثلاثية، للبحث عن توافق حول هذه المعايير التي ترعاها الخماسية، على قاعدة لاغالب ولا مغلوب. أيّد برّي الفكرة المطروحة، حسب ما تشير مصادر متابعة، ولذلك أكد الرجل أن الاجتماع إيجابي وواعد. فيما سيعمل هو على تحضير الأرضية اللازمة للمباشرة في البحث بين الكتل عن كيفية الوصول إلى توافق. من بين ما هو مطروح أيضاً، عدم العودة إلى صيغ المقايضة، وعدم اعتماد سياسة وضع الفيتوات.
تحصين لبنان؟!
للتحرك الخماسي رمزية أيضاً هدفها الإشارة إلى الاهتمام الدولي بلبنان، لتشكيل حصن منيع أمام أي محاولة اسرائيلية لشن حرب. وبالتالي، هناك رسالة لا بد لها أن تصل إلى تل أبيب بأن هذه الدول ترفض أي مغامرة اسرائيلية من شأنها أن تؤدي إلى تدمير لبنان. يأتي ذلك في ظل استمرار المساعي الدولية والاقتراحات للوصول إلى صيغة تعيد الاستقرار إلى الجنوب. ومن بين النقاشات الدائرة ما يحصل على وقع مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، والتي في حال تم الوصول إليها، فيجب أن تنسحب سريعاً على لبنان، بعكس كل رسائل التهديد الإسرائيلية بأنه خلال الهدنة أو بعد مرحلة وقف اطلاق النار في غزة فإن العمل سيتركز ضد حزب الله. ولذا، مع الوصول إلى هدنة في غزة يفترض أن يكون الجنوب اللبناني مشمولاً بها، وبعدها يتم البحث في آليات تثبيت الاستقرار.
هنا يبرز أكثر من مقترح، خصوصاً بعد ما نشرته “المدن” عن زيارة لوفدين عسكريين فرنسي وآخر بريطاني بشكل منفصل إلى إسرائيل، للبحث في آليات تطبيق القرار 1701. واقتراح البريطانيين إنشاء أبراج مراقبة مشابهة للأبراج التي أنشئت في البقاع سابقاً، وأن يتم تعزيز الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل فيها. في المقابل، هناك مقترح فرنسي آخر، ينص على تشكيل لجنة رباعية مؤلفة من أميركا، فرنسا، اسرائيل ولبنان، تعمل على التفاوض في سبيل إنهاء الخلافات القائمة. وهذه الفكرة مستمدة من اتفاقية نيسان 1996، والتي تم الوصول إليها بعد عملية “عناقيد الغضب”. في حينها كانت اللجنة خماسية. إذ إلى جانب الدول المذكورة كانت سوريا مشاركة، ولكن في الاقتراح الجديد يتم استبعاد دمشق، فيما هناك إمكانية لأن تشارك إحدى الدول العربية إلى جانب الدول الأربع.
خطة فرنسية
طلب هوكشتاين من الفرنسيين العمل على إعداد خطة أو ورقة مكتوبة حول تفاصيل هذا الاقتراح لمناقشتها، وهو ما يعمل الفرنسيون عليه حالياً. ومن بين الأفكار المطروحة، أن تتخذ اللجنة الدولية مكتباً لها في مدينة صور، ومكتباً آخر في نهاريا، لمراقبة تطبيق الاتفاقية، وأن يتم وقف عمليات إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. بالإضافة إلى استكمال المفاوضات برعاية الأمم المتحدة وإشراف هذه الدول على إنجاز عملية ترسيم الحدود البرية. مع العلم أن ذلك سيكون بحاجة إلى وقت طويل، ولكن الأهم هو وقف العمليات العسكرية وإطلاق هذه المفاوضات، والتي ستكون عبارة عن ما يدور من تفاوض بين هوكشتاين ولبنان حول انسحاب اسرائيل من النقاط المتنازع عليها وتسوية نهائية لملف الحدود البرّية.